إيران وإسرائيل Launch Intelligence Battles, with Assassinations as a Key Tactic

إيران وإسرائيل Launch Intelligence Battles, with Assassinations as a Key Tactic

فى أعقاب إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وقف إطلاق النار بين الجانبين الإيرانى والإسرائيلى، عاد ملف التفاوض إلى الواجهة، محملًا بإشكاليات معقدة وتساؤلات مصيرية حول طبيعة المرحلة المقبلة، فهل ما زال هناك مكان على مائدة التفاهم، أم أن السيناريوهات تتجه نحو صدامات أوسع فى ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية؟

عدد من الخبراء والمحللين، كشفوا السيناريوهات المتوقعة، وأدوات الصراع غير المعلنة، وخفايا التحول من الصدام إلى الحوار بين عدوين تتشابك مصالحهما بقدر ما تتصارع أجنداتهما، إضافة إلى الأسباب الحقيقية لإنهاء الحرب العسكرية رغم عدم تحقيق أهدافها بالكامل، مؤكدين أن الصراع بين الجانبين مرشح للاستمرار بأشكال غير تقليدية، ويعتمد مستقبله على التوازنات الإقليمية والدولية، ومدى قدرة القوى الكبرى على إدارة التصعيد، خاصة أن ما يجرى حاليًا هو انتقال «حرب نار» إلى «حرب ظل»، حيث تُدار المواجهة خلف الستار وتُرسم ملامح مستقبل الشرق الأوسط الجديد. الدكتور محمد عباس ناجى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يرى أن أى مفاوضات مباشرة بين إيران وإسرائيل غير مطروحة فى الأفق، مشيرًا إلى أن التفاوض الحقيقى سيكون بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ويرتكز بشكل أساسى على ملف البرنامج النووى الإيرانى والعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.  وعن استمرار حرب الجواسيس، توقع «ناجى»، أن تتصاعد حرب الجواسيس فى المرحلة المقبلة بين الجانبين، فى ظل عدم اكتمال الأهداف المعلنة وغير المعلنة، مؤكدًا أن إسرائيل تسعى إلى تحقيق ما لم تتمكن من إنجازه عسكريًا من خلال عمليات استخباراتية نوعية داخل إيران.«المواجهات الأخيرة بين إسرائيل وإيران أفضت إلى نتائج معقدة لا تسمح بالجزم بانتصار حاسم لأى طرف، لكن إسرائيل تبدو أقرب إلى تحقيق مكاسب ملموسة عسكريًا واستخباراتيًا»، حسب تعليق هانى سليمان، مدير المركز العربى للبحوث والدراسات، والباحث متخصص فى الشأن الإيرانى، مشيرًا إلى أن إسرائيل نجحت فى استهداف قيادات بارزة من الصفين الأول والثانى فى محيط المرشد الأعلى، وتوجيه ضربات أثرت على البرنامج النووى الإيرانى، ما أدى إلى تعطيله أو تجميده لسنوات، وهو ما يعد مكسبًا استراتيجيًا كبيرًا. فى المقابل، يرى هانى سليمان، أن إيران أعادت ضبط قواعد الاشتباك، وأظهرت قدرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلى، ما أدى إلى تصعيد نوعى فى التهديد الأمنى، خاصة بعد فشل جزئى لمنظومات الدفاع الجوى الإسرائيلية فى التصدى لهذا التهديد، كما استطاعت «طهران» الحفاظ على تماسكها الداخلى، وبنت شرعية جديدة على المستويين الداخلى والدولى، مما يشكل مكسبًا سياسيًا فى إطار المواجهة. وحول خسائر إسرائيل، لفت «سليمان» إلى أن إسرائيل دفعت كلفة باهظة للمواجهة، خاصة على الصعيد الاقتصادى، فضلًا عن الخسائر التي لحقت بالاستقرار الداخلى، والهجرة والنزوح، معتبرًا أن ما حققته إسرائيل جاء بثمن مرتفع، بينما نجحت إيران فى الحفاظ على أوراق تفاوضية وإقليمية مهمة. ومن زاوية أكاديمية، أوضح الدكتور أحمد لاشين، أستاذ الدراسات الفارسية بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن وقف العمليات العسكرية لا ينفصل عن الكلفة الاقتصادية الباهظة، خصوصًا على الجانب الإيرانى الذي يعانى بالفعل من أزمة اقتصادية خانقة، موضحًا أن المواجهات تزامنت مع عقوبات أمريكية جديدة، ما فاقم الضغط على الاقتصاد الإيرانى، وأدى إلى تدهور العملة وغياب الأفق الاقتصادى، خاصة أن استمرار الحرب كان سيقود إيران إلى كارثة اقتصادية حقيقية. وأشار إلى أن الصراع بين الطرفين لن يتوقف، حتى مع تهدئة مؤقتة فى الميدان، واصفًا ما يجرى بأنه «حرب باردة» أساسها الاستخبارات والاختراقات والاغتيالات داخل العمق الإيرانى، خاصة أن إسرائيل تنشط بشكل ملحوظ داخل إيران، حيث تعلن طهران بشكل شبه يومى عن تفكيك خلايا للموساد، ما يؤكد اشتعال حرب الظل. وفى ما يتعلق بالملف النووى، يرى «لاشين» أن المفاوضات مع واشنطن باتت مرهونة بمصير البرنامج النووى، لافتًا إلى تهريب كميات من اليورانيوم المخصب إلى مواقع سرية، وهو ما يمنح إيران ورقة ضغط تفاوضية مستقبلًا.  وعلى الصعيد العسكرى والأمنى، شدد اللواء محمد عبدالواحد، خبير الأمن القومى والشؤون الأفريقية والدولية، على أن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل لا يعنى الوصول إلى تسوية، بل يمثل خطوة انتقالية ضمن مسار تفاوضى أوسع ستقوده الولايات المتحدة، موضحًا أن المفاوضات القادمة ستتمحور حول ثلاثة ملفات أساسية هى البرنامج النووى الإيرانى، وسعى إسرائيل للحصول على تعهدات بعدم العودة إلى التخصيب، والملف الصاروخى، الذي كشف قدرات إيران على ضرب عمق إسرائيل وتهديد منشآت حساسة، وملف الطائرات المسيرة، التي أصبحت سلاحًا رادعًا لا يقل خطورة عن الصواريخ. وأوضح أن حرب الجواسيس لا تتوقف، وتعد جزءًا أصيلًا من معادلة الصراع، من خلال عمليات استخباراتية وتخريبية ودعم المعارضة، فيما يصنف ضمن الحرب الباردة. وفيما يتعلق بالوضع الداخلى فى إيران، استبعد اللواء عبدالواحد سقوط النظام على المدى القريب، بسبب قوة الحرس الثورى المتجذر سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، كما أن سيناريو الانقلاب العسكرى فى ظل وجود أجهزة رقابية صارمة. وأشار إلى أن أمريكا لا تسعى لتدمير إيران، بل لإدارتها كخطر استراتيجى، مشيرًا إلى أن استمرار إيران هو السبيل لتبرير التواجد العسكرى الأمريكى فى الخليج، معتبرًا أن واشنطن تريد إيران «لا قوية بما يكفى لتفجير الإقليم، ولا ضعيفة» بما يؤدى إلى انهيارها الكامل، خاصة أن الولايات المتحدة تظل الطرف الأكثر قدرة على ضبط إيقاع الصراع.