محمد درويش يكتب: من قيم النبوة.. الرأفة والرحمة

محمد درويش يكتب: من قيم النبوة.. الرأفة والرحمة

خلق عظيم وخلة كريمة افتقدناها في هذه الأيام فصارت القساوة لنا عنوانا وعدم الاكتراث بمشاعر الآخرين ديدن الغالبية.

إن جمال الإنسانية وألقها ترجع كلها لإعلاء مظاهر الرحمة والتراحم بين للناس كافة بدون تمييزفالرحمة كمال في الطبيعة يجعل المرء يرق لآلام الخلق ويسعى لإزالتها وهي العاطفة الحية النابضة لأن تبلد الحس وعدم الاكتراث بأوجاع الناس يهوي بالإنسان إلى منزلة الحيوان ويسلبه أفضل ما فيه. لذلك كان اسم الله الرحيم هو صفة قدسية للمولى عز وجل ومايحدث في هذا الكون من تراحم ومرحمة بين خلق الله هو نتيجة لتجلي الله الرحيم لا إله هو هو وقد جاء في الحديث القدسي (إن رحمتي تغلب غضبي)وقوله تعالى (وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الرحمين) المؤمنون ١١٨.إن غلاظ الاكباد والمستكبرين هم في دركهم الأسفل في النار لذلك قال الرسول الكريم ﷺ (إن أبعد الناس من الله تعالى القاسي القلب). لقد امتن الله على هذه البشرية بنبيه الكريم ﷺ الذي تجمعت فيه كل مظاهر الرحمة فكان الموئل لكل ضعيف وكان السعد لكل حزين وكان البلسم الشافي لكل حيران ملتاع فتجسدت فيه كل مظاهر الرحمة والحلم والخلق القويملذلك قال الحق جل وعلا فيه (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك) آل عمران ١٥٩.وقد لازمته هذه الرحمة حتى في أهلك الأوقات وأشدها عندما حاول المشركون قتله في أحد وشق خده الكريم في هذه الحالة قيل له ادع عليهم يا رسول الله فغلبة شفقته ورحمته علي هذا الموقف وما كان دعاؤه إلا (اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون).ما أرحمك وماأعظمك ياورسول الله وأن تتعالى على كل المواقف والأزمات بقلبك الكبير الطاهر ونفسك الصافية الزاكية.ولا شك أن القسوة في خلق الإنسان دليل نقص كبير لذلك أمر الإسلام أتباعه بالتراحم وجعلها من دلائل الإيمان فالمسلم لا بد أن يلقى الناس قاطبة وفي داخله لهم عطف مذخور، قال ﷺ (لن تؤمنوا حتى تراحموا قالوا يا رسول الله كلنا رحيم قال إنه ليس برحمة أحدكم لصاحبه ولكنها رحمة العامة).وليست الرحمة في معناها حنانا لا عقل له أو وداعة سقيمة تتنكر للعدل والنظام ان القصاص من الظلمة والمخربين بما يتلائم مع ما اقترفوه من جرائم وطوام لهو عين الرحمة وأي شفقة أو تهاون معهم يعد خيانه لهذا الدين واقرارا للفوضى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب لعلكم تتقون) البقرة ١٧٩.إن الرحمة هي أثر كريم من آثار الجمال الإلهي المدهش تجعل الإنسان يسعى جاهدا لتحصيل المكارم والبعد عن المزالق، ما أجمل المرء حين تراه وهو مقبل عليك هاشا باشا تتجسد علي محياه كل المكارم هؤلاء الصفوة المنتقاة من يرجي منها كل خير ومنفعة وفي المقابل تجد الرجل كالح الوجه اقرب للعدوان وكأن قلبه مرجل يغلي بالكراهيه والحقد فهؤلاء تجسيد واضح لشياطين الإنس الذين لن تجدي معهم نصيحة ولن ينفعهم وعظ.إن الرحمة مع المؤمن تجد صوره مع الناس كافة مع من أقل منه مكانه ومن أعلى منه مع القريب والغريب مع المرضى والأصحاء مع الخدم ومع الساده حتى مع الدواب تجد قلب هذا الإنسان الكريم يهفو بالرحمة لجميع خلق الله في نور وروحانية فريدة ولا شك أن عالمنا الهائج اليوم المتخبط في ظلمات جاهليته قد نزع منه الرحمة نزعا فصار القوي يأكل الضعيف ويشرب من دمه ببرود أعصاب وانعدام ضمير صارت الدول هياكل للشيطان يحركها كيفما يشاء في القتل والتخريب ونهب ثروات الشعوب أن العالم اليوم لهو في حاجة إلى رجل مثل محمد صلى الله عليه يسكب من أنوار رحمته وصفاء نيته وجلاء بصيرته ما يروض هذه الطبائع الشرسة والأخلاق النزقة والله إني أكاد أراك. يا خير خلق الله وأنت تتجسد. في محياك كل معاني الإنسانية ومظاهر الرحمة وأن تقول للعالم التائه اليوم في غيه وغوايته (من لايرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء).