السماء لا تنزل ذهبًا في منطقة الشرق الأوسط

لا أخفيكم سرًا أنه أصبح وقتي الآن مع الأسف مكرسًا لمتابعة الصراعات والحروب وتناسيت مضطرًا أوقاتي مع القراءة والتأمل وأصبحت جالسًا أمام الشاشات والفضائيات انتظارًا لمشاهدة المقاتلات والصواريخ والمسيرات وضربات الترجيح في انتظار إعلان نتيجة المباراة والفائز بها حتى فكرت أن أقوم بتأليف كتب ومراجع عن أسباب حب البشر للحروب وسفك الدماء فيما بينهم وانعكاس ذلك علي حياتهم وأيامهم وأوقاتهم والقيم الأخلاقية فيما بينهم طالما أنهم سعداء بتغليب لغة الحروب على لغة القانون والتعايش.
إن اعتبرت نفسي مثقفًا فلست رجل سياسية في المقام الأول لكن إيماني الداخلي يسألني عن السبب العادل لاندلاع هذه الحروب مرة للدافع عن النفس وأخرى للهجوم أملًا في النصر فلم أجد غرضا مبررا للقتال سوى هواجس بنيت على أحلام وكوابيس لدى أصحابها لصد ما قد يتوقع حدوثه دون أن نلمس أي مؤشرات واقعية لوجود خطر حقيقي حدث، لأنه لم ولن يحدث من الأساس، فهناك خوف كبير من امتلاك القنابل الذرية وخوف أكبر من استخدامها ولن يسمح أحد بالحرب بمثل هذه الأسلحة يوماً ما. ومع فشل حلول الأرض لا علاقة السماء بالحرب والدمار الذي صنعه بني البشر بأيديهم ومستمرون في ذلك بدافع ديني أو سياسي أو اقتصادي أو لتسجيل نصر انتخابي وقتي على حساب المدنيين الأبرياء من شعوبهم وبتنا الآن نبحث فضائيا عن حاكم واحد يهبط من السماء أي كانت ديانته أو قبلته يحكم الأرض ويوحدها ويضمن لبني آدم العيش باستقرار عليها فنقلنا المعركة فيما بيننا إلى السماء المفتوحة أملا في النصر بعيد المنال.اقتصاديا.. وطالما كان الأمر بعيدا كل البعد عن الحروب الدينية أو تحقيق الهيمنة السياسية اندلعت الحرب في عالم يعاني الآن من ازمات ومديونيات وانكماش ملحوظ ضرب الجميع ويهدد بالمجاعة والإفلاس لكننا لطالما تعلمنا أن سقوط الضحايا والجرحى وقتل الأطفال ومشاهد الدمار وضرب البنية التحتية للدول لا يحقق ابدأ النمو والازدهار والرخاء الاقتصادي، فما بالك بدولتين يتحاربان وليس بينهما حدود مشتركة أو موارد أو غنائم تدفعهما للقتال فيما بينهما بهذا الشكل وبهذه المغامرات.إنسانيا.. على مستوى الأفراد والجماعات.. لا يكترث فقراء العالم الآن ومعهم الأغنياء بالفائز أو الخاسر في هذه الحرب مقابل صراعهم مع فكر الفقر وفقر الفكر في الحفاظ على ما تبقى لهم من مدخراتهم وثراوتهم ومكتسباتهم المهددة وأملهم في حفظ هيبتهم وكرامتهم للعيش والحياة الكريمة في ظل الظروف التي يمر بها العالم المضطرب.وبناء عليه أصبحت مجبراً أن أعيد عليكم تعريف مصطلح إدارة وإرادة القوة أيديولوجيا وفكرياً وعسكرياً فالقوة التي من المفترض يقال عنها إنها لا تقهر يجب أن تكون مسخره للدفاع عن القيم الأخلاقية والإنسانية لمواطنيها وعبر التطور الإنساني والتكنولوجي الحديث والحريات العابرة للحدود لا توجد قوة لا تقهر. أريد من هذا الشرح الممنهج أن أصل بكم إلى السلام المنشود لكن ليس من منظور كلا المتحاربين خاصة مع وجود تحديات جغرافية وتاريخية تستند أحياناً إلى العقائدية والمذهبية في كثير من جوانبها وتميل إلى تسخير جماعات منخرطة في القتال إن عاجلاً أو آجلا ومصنفة على أنها إرهابية يتم تمويلها لتنفيذ أجندة مشوشة فكرياً في إيجاد مفاهيم مستعصية ومفقودة مثل العدالة والحرية والكرامة الإنسانية والتعاون وحل النزاعات، وهذا يتطلب من أطراف الضغط المحلي والدولي فهم خطورة التجارة باسم الدين والقضية والمذهب والأيديولوجية وفهم أساليب إدارة العنف والصراع وكيفية تحقيق الاستقرار والسلام بين المتشددين عقائديا وحزبيا.ورغم اتجاه الخصوم ومن ينصرهم إلى خيار الحرب الآن بشكل مباشر أو الحرب بالوكالة لا تزال بعض الأمم أصحاب البطون الرخوة ترتكن إلى استخدام النقاش الهادي العاطفي لاسترداد الحقوق المسلوبة ووصف مظلوميتهم وهو ما رفضته بعض الجماعات المتطرفة من أبنائهم ورفعت السلاح في وجههم ووجه العدو مما عقد القضية وزاد الصراع دون أن يدركوا أن إنهاء الظلم لا يتحقق بالسلاح وحده وإنما بإحلال السلام وهذا لا علاقة له بالجهاد في سبيل الله وتحرير الأقصى ونشر الدعوة لا من قريب أو بعيد بالنعرات الطائفية. لقد أصبحت الصراعات بين أصحاب الحضارات الإنسانية القديمة والحديثة من الأمم والشعوب الآن تفاضل بين فلسفه السلام أو الحرب في الهيمنة على العالم والصعيد الكوني وكل يغني علي ليلاه معتقدا أنه على صواب أو أنه الاقوي مستخدمين في ذلك سياسية عض الأصابع لمن يصمد أكثر. ولفك هذا الاشتباك الفكري المعلن وغير المعلن وتطوراته غير المأمونة العواقب هنا يأتي دور منظمات الضغط والعدالة الدولية مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية ورموز المؤسسات الدينية لأصحاب المعتقدات العالمية التي منوط بالقائمين والعاملين بها اعتماد سياسة جديدة لا تراعي مصالح دول السيادة العالمية فقط ولكنها تستند في شهادتها إلى بناء جسور الثقة وإثبات حسن النية بين جميع المتحاربين لمواجهة المتطرفين منهم مع المحافظة على مصالح المدنيين من أطفال ونساء وشعوب حول العالم محققة بذلك مناخا صالحا للعيش والتعاون والعمل والاستقرار والرخاء والانسجام والحوار وهي مهمه ليست بمستحيلة وبغير ذلك فالبقاء للأقوى وعلى الدنيا والإنسانية والأخوة السلام.