“البنوك العربية”: نأمل أن تساهم القمة المصرفية الدولية في تعزيز الثقة المتبادلة والتعاون.

أعرب رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية محمد الأتربي، اليوم الجمعة، عن تطلعه لأن تسهم القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2025 في زيادة الثقة المتبادلة بين الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون في كافة المجالات بما يدعم الصمود الاقتصادي في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة والعالم.
وفي كلمة خلال حفل افتتاح “القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2025″، قال الأتربي: “نتطلع من هذه القمة إلى زيادة الثقة المتبادلة بين الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا، وتعزيز التعاون في كافة المجالات سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، حضارية أو ثقافية، تكنولوجية أو علمية، وبالأخص تجارية، بما يؤدي إلى دعم الصمود الاقتصادي في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة والعالم، لا سيما في القطاع المصرفي العربي الذي يظل العامل الرئيسي للتمويل”. وفي بداية كلمته، أعرب الأتربي عن سعادته لانعقاد هذه القمة متوجها بالشكر إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لرعايته لهذه القمة، وإلى الجمهورية الفرنسية حكومة وشعبا، بخالص الشكر والتقدير على استضافتها لأعمالها.وقال إن انعقاد هذه القمة اليوم في العاصمة الفرنسية باريس وبرعاية كريمة من الرئيس الفرنسي تحت عنوان: “الصمود الاقتصادي في ظل المتغيرات الجيوسياسية، يجسد عمق العلاقات بين المنطقتين ويؤكد مجددا أن الشراكة العربية الأوروبية ليست مجرد خيار استراتيجي، بل هي ضرورة تفرضها تحديات الحاضر وطموحات المستقبل”.وأضاف أن العلاقات الاقتصادية بين العالم العربي وأوروبا شكلت على مدى عقود طويلة ركيزة أساسية للاستقرار والنمو، مستطردًا “لكننا اليوم أمام منعطف جديد يتطلب منا جميعاً تعزيز هذه العلاقات ودعم الصمود الاقتصادي في ظل التطورات الجيوسياسية إقليميا ودوليا على أسس أكثر مرونة وابتكاراً وشمولية”.وأشار إلى أهمية دور القطاع المصرفي العربي والأوروبي كرافعة للتنمية، وكمحرك رئيسي لتعزيز الاستثمارات المتبادلة التي بلغت خلال عام 2024 وحده 24 مليار دولار، إضافة إلى تسهيل حركة رؤوس الأموال، ودعم المشروعات المستدامة، لا سيّما في مجالات الاقتصاد الأخضر، والتحوّل الرقمي والطاقة المتجدّدة.وقال الأتربي إن اتحاد المصارف العربية، بصفته منصة تجمع المؤسسات المالية والمصرفية العربية، يؤمن بأهمية بناء جسور الثقة والتكامل مع نظرائه الأوروبيين، والعمل على إيجاد آليات فاعلة للتعاون المشترك، سواء عبر تطوير الأدوات التمويلية، أو توسيع مجالات الحوار، والتنسيق حول التشريعات والمعايير المصرفية.وأكد على أن الشراكة المنشودة بين المنطقتين لا يمكن أن تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل يجب أن تشمل بعدا إنسانيا وتنموياً يعزز من التفاهم المتبادل ويُكرّس قيم التعاون من أجل مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، إلا أن تحويل هذا التعاون من مجرد مصالح مشتركة إلى ثقافة راسخة، يتطلّب رؤية شاملة وجهوداً منهجية تتضمّن بناء الثقة من خلال الشفافية والتكامل، وتوجيه الاستثمارات نحو مشروعات تنموية مشتركة، وإطلاق صناديق استثمار عربية أوروبية، إضافة إلى تعزيز التعليم والتبادل الثقافي لبناء جسور دائمة. وتابع: “في ظل التطوّرات الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة، يشهد العالم تغيرات عميقة تفرض علينا، كدول عربية وأوروبية، أن نعيد التفكير في أنماط التعاون والشراكة، فقد عانت عدة دول عربية خلال السنوات الأخيرة من أزمات حادة، فالوضع في لبنان لا يزال يعاني من الجمود الاقتصادي، والسودان يشهد صراعاً داخلياً مدمّراً يهدد الاستقرار الإقليمي، كما أن آثار النزاعات في اليمن ما زالت تُلقي بظلالها على المنطقة، ونتطلّع قدماً إلى إعادة ازدهار سوريا”. كما أضاف أن القارة الأوروبية مازالت تواجه تحديات غير مسبوقة نتيجة تداعيات الحرب في أوكرانيا، التي أثرت على سلاسل الإمداد العالمية وأعادت ترتيب أولويات الأمن والطاقة، فضلًا عن التحديات المتعلقة بالتضخم، والهجرة، والأمن الغذائي والطاقي، بالإضافة إلى رفع التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الواردات من جميع دول العالم واالذي أدى إلى صدمة تجارية واقتصادية، وهدد بتراجع حجم التجارة الدولية، وربما حتى قطعها. وشدد على أن جميع هذه التحديات تُبرز بوضوح، أهمية تعزيز التكامل العربي–الأوروبي، ليس فقط من أجل تبادل المنافع الاقتصادية، بل باعتباره ضرورة استراتيجية لضمان الاستقرار الإقليمي والدولي؛ فالاستثمارات العربية في أوروبا، التي تجاوزت في بعض الحالات عشرات المليارات من الدولارات، لها دور محوري في دعم النمو الأوروبي، وفي المقابل تفتح الأسواق الأوروبية فرصًا نوعية للدول العربية لتنويع اقتصاداتها ونقل التكنولوجيا والمعرف”. وفي ختام كلمته، أكد أن اتحاد المصارف العربية يظل مستعدا للمضي قدما على طريق الشراكة المتوسطية، والمنفعة المتبادلة للفرص، ومواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة العربية، مضيفًا “نحمل أملًا كبيرًا أن تقوم أوروبا الموحّدة بالدور المستقل من أجل تحقيق التوازن لصالح الأهداف الإنسانية في تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وحماية السلام والاستقرار الإقليميين”. وانطلقت اليوم القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2025 في العاصمة الفرنسية باريس، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبمشاركة شخصيات مصرفية ومالية متخصصة يمثلون العديد من الدول الأوروبية والعربية من بينها مصر. وينظم اتحاد المصارف العربية فعاليات القمة، بالتعاون مع الفيدرالية المصرفية الأوروبية، والفيدرالية المصرفية الفرنسية، واتحاد المصارف الفرانكفونية، والغرفة التجارية العربية الفرنسية، والاتحاد المصرفي الدولي، بحضور عدد كبير من السفراء العرب المعتمدين في فرنسا، من بينهم السفير علاء يوسف سفير مصر بباريس، بالإضافة إلى قيادات من المؤسسات المالية والمصرفية والدبلوماسية العربية والأوروبية. وتنعقد القمة هذا العام تحت عنوان “الصمود الاقتصادي في ظل التغيرات الجيوسياسية”، وتهدف إلى تعزيز حوار تعاوني بين الجهات المعنية من أوروبا، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأفريقيا حول التحديات الاقتصادية والمصرفية المشتركة، واستكشاف فرص تسريع النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الاستثمار والتجارة والابتكار التكنولوجي، ومناقشة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تواجه أوروبا، مع التركيز على أثر حالة عدم اليقين العالمية على الأنظمة المالية في المنطقة، والتعاون المصرفي والمالي العربي الأوروبي.