حلقة نقاش في ‘الأعلى للثقافة’ تؤكد على الوحدة الوطنية والدعم للقيادة السياسية

حلقة نقاش في ‘الأعلى للثقافة’ تؤكد على الوحدة الوطنية والدعم للقيادة السياسية

في إطار خطط وزارة الثقافة المصرية الرامية إلى تعزيز الحوار المجتمعي والفكر الثقافي، وبإشراف وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وبأمانة الدكتور أشرف العزازي، نظم المجلس الأعلى للثقافة– لجنة التاريخ والآثار– مائدة مستديرة بعنوان: “الشخصية المصرية وتحولاتها في القرن العشرين”، ناقشت خلالها نخبة من الأكاديميين والباحثين أبرز التحولات القيمية والاجتماعية والسياسية التي طرأت على هوية المواطن المصري.

 

 د. محمد السيد عبد الغني: من ثورة 52 إلى 30 يونيو.. الشخصية المصرية تصمد

 أدار الجلسة الدكتور محمد السيد عبدالغني، أستاذ التاريخ اليوناني والروماني بجامعة الإسكندرية، والذي استعرض في كلمته الافتتاحية التحولات الجذرية في بنية الشخصية المصرية، مشيرًا إلى أن ثورة 1952 كانت نقطة تحول مركزية أعادت صياغة ملامح المصري الحديث، وصولًا إلى لحظة ثورة 30 يونيو المجيدة التي أعادت التأكيد على ثوابت الهوية المصرية. 

 د. جمال شقرة: الهوية المصرية راسخة.. وثباتها مرتبط بالدين والبيئة

 وأكد الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس وعضو اللجنة، أن إشكالية الهوية في مصر تُعيدنا دومًا إلى سؤال “كيف نفهم مصر؟”، مشيرًا إلى أن الشخصية المصرية ليست مجرد سمات، بل نمط حياة وسلوك تاريخي يتميز بالثبات رغم التغيرات. وأوضح أن مصر تفاعلت عبر تاريخها بقوتين:• “خشنة” كالحروب• و”ناعمة” كالتحالفات والمعاهدات، أبرزها معاهدة قادش التي جسدت مكانة مصر الحضارية والدبلوماسية. 

ثنائية الأرض والحاكم

 وتابع شقرة بأن المصري لطالما أحب أرضه، وتوحد مع حاكمه، وهو ما أفرز سمات شخصية قائمة على التحمل والصبر والإيمان والقدرة على التجدد، كما أن دخول المسيحية ثم الإسلام أضاف للشخصية المصرية أبعادًا من التسامح والشهادة، ثم جاءت الحداثة بقيم المساواة بين الجنسين والحرية. 

 د. أحمد الشربيني: مصر صنعت سياستها بحكمة رغم الحصار الدولي

 وتطرق الدكتور أحمد الشربيني، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، إلى السياق الدولي للقرن العشرين، مؤكدًا أن مصر لم تنخرط فعليًا في الحربين العالميتين، لكنها دفعت ثمنًا باهظًا لهما، ورغم ظروف الحرب الباردة والاستقطاب، استطاعت أن تصنع سياسة متزنة لا تندفع للصراع الدولي، مدفوعة بوحدتها الوطنية والتفاف شعبها حول القيادة السياسية. 

 د. يمان عامر: المرأة المصرية محور فاعل في المجتمع عبر التاريخ

 أما الدكتورة يمان عامر، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، فقد خصصت حديثها للمرأة المصرية، مؤكدة أن الجدل حول مكانة المرأة الشرقية لم يكن غايته التهميش، بل السعي لفهم موقعها ودورها التاريخي.  واستعرضت مساهمات رائدات من أمثال فاطمة إسماعيل التي دعمت أول جامعة مصرية، بالإضافة إلى جهود رفاعة الطهطاوي في دعم تعليم الفتيات. 

 د. خلف الميري: الجغرافيا والوجدان.. أعمدة الشخصية المصرية الأصيلة

 وتحدث الدكتور خلف الميري، أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس، عن التوازن بين شخصية مصر الجغرافية وشخصية المصري الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الهوية الأصيلة تتجذر في القاعدة الشعبية التي ما زالت تحافظ على سمات مثل الصبر، الارتباط بالأرض، النماء، والعزة القومية.  وأوضح أن ثورات مثل ثورة 1919 و1952 و30 يونيو جسّدت مفهوم المواطنة والانتماء. 

التحديات الحديثة وتشويه الهوية

  وأشار الميري إلى أن مرحلة ما بعد انفتاح 1973 شهدت دخول عناصر طبقية وقيم استهلاكية جديدة أثرت في الشخصية المصرية، لافتًا إلى أن ثورة 30 يونيو أعادت ضبط البوصلة المصرية بعد ما حاولت بعض القوى التشويش على الهوية عقب 2011. 

ختام المائدة: مصر باقية بشخصيتها وهويتها

 اختتمت الندوة بتأكيد الحضور على أن الهوية المصرية متماسكة رغم التحولات، وأن سر صمودها يكمن في وحدة أبنائها حول قيمهم، وتمسكهم بقيادتهم الوطنية، والقدرة على مواجهة كل التحديات دون التفريط في جوهر الشخصية الأصيلة.