عظمة الحدث وغناه: الأسباب وراء التأجيل!

لكونه أعظم صرح ثقافي حضاري في القرن الحادي والعشرين، وافتتاحه يمثل نقلة حضارية وثقافية عالمية، كان قرار تأجيل موعد الافتتاح، حتى يحظى بالزخم العالمي المناسب، الذي كان لن يتحقق مع التوترات الفجائية والصراع بالشرق الأوسط واندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية وانعكاساتها السلبية بالمنطقة.. بطبيعة الحال إنه “المتحف المصري الكبير” الذي سيمثل أحد أكبر متاحف العالم وأكثرها ثراءً تقدمه مصر للعالم.
وبالفعل فإن افتتاح المتحف المصري الكبير يعد محط أنظار الجميع، ولم لا.. وهو يعدُ أكبر حدث ثقافي في العالم تبنيه مصر وأعظم صرح ثقافي وأكبر متحف فى تاريخ البشرية.. يحتضن تراث وكنوز الأجداد.. لتظل رحلة المجد والخلود والأبدية، وإبراز إسهامات الحضارة المصرية ودورها المحوري على مر التاريخ في بناء الإرث الحضاري العالمي. وجاء قرار تأجيل الافتتاح، على الرغم من انتهاء كل الترتيبات تقريبا، التي تشرف عليها اللجنة العليا لتنظيم فعاليات احتفالية الافتتاح، حيث كانت قد اجتمعت بكامل تشكيلها برئاسة رئيس الوزراء، قبل اندلاع الأزمة الإيرانية الإسرائيلية، وتم متابعة اللمسات الأخيرة لفعاليات الافتتاح، وترتيبات الاستقبال لكبار الضيوف، والاستعدادات الأمنية والتنقلات الخاصة بالضيوف إلى المتحف المصري الكبير، وذلك بما يسهم في خروج هذه الاحتفالية وهذا الحدث الاستثنائي بأفضل صورة تليق بعراقة وتاريخ مصر. وأيضا تم متابعة تنفيذ مشروع الهوية البصرية للطريق الدائري، من خلال دهان المنازل على جانبي الطريق بألوان متناسقة، وإضافة عناصر مميزة ترتبط بالحضارة المصرية العريقة. وتطوير الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى. إلى جانب إنجازات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، من تنفيذ الأعمال المخططة داخل مشروع المتحف الكبير، بنسبة 100%، ومنها الممشى السياحي بطول 1270م، وكذا تنفيذ 5 مناطق انتظار سيارات بطاقة استيعابية تصل إلى 187 أتوبيسا، بالإضافة إلى إنشاء منطقتي انتظار خارجيتين للسيارات والأتوبيسات بقدرة استيعابية تصل إلى 1460 سيارة ملاكي و54 أتوبيسا و100 عربة جولف.. وغيرها من أعمال. وحظي المتحف باهتمام القيادة السياسية على أعلى المستويات، حيث أصدر فخامة الرئيس عبد الفتاح السبسي قراراً بتشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير برئاسته، وعضوية عدد من الشخصيات البارزة والخبراء الدوليين والمصريين، ليتولى المجلس إقرار السياسة العامة والخطط اللازمة لهيئة المتحف، ودعم ومتابعة نشاطه. ولا جدال أن مشروع المتحف المصري الكبير أيقونة عالمية للعديد من المميزات، فهو يمثل هدية الشعب المصري للتاريخ، حيث صمم المتحف لدعم حفظ وترميم التراث الثقافي والتاريخي، ويستمد أهميته من أهمية وتاريخ منطقة الاهرام التي يقع بها. كما لا بد أن نذكر الشعار، الذي يعبر عن التخطيط الأفقي للمتحف الذي تنفرج جوانبه لتطل على أهرام الجيزة، ويأخذ الشعار اللون البرتقالي الذي يعكس اللون الذي تضفيه الشمس على هضبة الأهرام ساعة الغروب، أما كتابة اسم المتحف بخط عربي فكان من الكثبان والتلال الرملية للبيئة المحيطة. ويذكر أنه تم تفعيل التشغيل التجريبى المحدود للمتحف، بالتزامن مع التجهيزات النهائية الخاصة بقاعات وصالات العرض، ومتحف مراكب الملك خوفو، وتجهيزات نقل القطع الأثرية إلى أماكن عرضها الدائم، قبل الافتتاح الرسمي له. ويحقق المتحف أهدافا مهمة منها، عرض المجموعات الأثرية واستخدام أحدث أساليب وتقنيات العرض المتحفي و التوثيق الرقمي وتسجيل القطع الأثرية، وحفظها، تأمينها، دراستها، صيانتها، وترميمها، إلى جانب إعادة إحياء الحرف والفنون التراثية المصرية، من خلال صناعة وتسويق وبيع المستنسخات الأثرية، مع التركيز على توعية النشء والمجتمع المصري بالحضارة المصرية. ويبرز فى المدخل الرئيسي للمتحف، تمثال الملك رمسيس وعدد خمس قطع أثرية ضخمة، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من العصور الفرعونية، واليونانية والرومانية، ومنهم تم نقل للمتحف عدد ٥١,٤٧٢ ألف قطعة أثرية بخلاف القطع التي تم ترميمها، ومنهم نقل القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير بعد أن ظل معروضًا لأكثر من قرن في المتحف المصري بالقاهرة. ويعد أول متحف أخضر حصل على جائزة “أفضل مشروع في مجال البناء الأخضر والشهادة الذهبية للبناء الأخضر والاستدامة وفقا لنظام الهرم الأخضر المصري، لمساهمته فى إعداد دليل لتقييم المتحف كمشروع أخضر مستدام، والعمل على نشر الوعى بكل ما يتعلق بالمباني الخضراء المستدامة، والترويج لها لتحقيق رؤية مصر 2030. كما يتميز المتحف الكبير بحصوله على 4 شهادات أيزو دولية في مجال السلامة والصحة المهنية وإدارة البيئة ونظم الجودة وإدارة المخاطر الناشئة عن فيروس كورونا المستجد لحماية الصحة والسلامة والرفاهية المتعلقة بالعمل، مما ينعكس إيجابيا على تنشيط السياحة المحلية والدولية. ألستم تتفقون معي، أن ذلك الصرح العظيم، كان لا بد من تأجيل موعد افتتاحه، حتى لاتضيع رسالته الثقافية العالمية، وسط الأحداث الراهنة من التوترات، ويستحق أن يحظى بانتباه العالم بأكمله، ليليق بوضعية وتاريخ مصرنا الغالية.