عاجل: أحداث اليوم الرابع من الصراع بين إيران وإسرائيل وأثرها على الحرب

مرّت أربعة أيام على بدء العملية العسكرية الإسرائيلية “الأسد الصاعد”، وبات من الممكن استخلاص بعض الاستنتاجات الأولية حول الصراع الإيراني الإسرائيلي، فرغم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية السكنية في كلا البلدين، فإن إسرائيل هي من يتحمل مسؤولية الجولة الأولى من هذا الصراع.
شنت إسرائيل عملية عسكرية ضد إيران، ما هدفها وإلى أين ستقود؟ “. السؤال الوحيد الآن هو حجم المواجهة وتوقيت بدايتها، حيث يشهد الشرق الأوسط أكبر تصعيد عسكري في السنوات الأخيرة، والذي قد يتطور إلى حرب إقليمية شاملة بين تحالفات إذا تدخلت دول ثالثة بشكل مباشر في الوضع “حتى الآن، لم تشارك إلا بشكل غير مباشر”. وحوّل هذا الصراع تركيز الصحافة العالمية من الصراع في أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، الذي أصبح المصدر الرئيسي للأخبار العالمية.
الضربات الإسرائيلية والإيرانية.. تقييم الفعالية
أولاً، دعونا نقيم فعالية الضربات التي نفذتها إسرائيل والضربات التي نفذتها إيران. دعونا نبدأ، ربما، بإسرائيل، على مدار الأيام الأربعة الماضية، كانت إسرائيل تضرب القيادة العسكرية العليا “أي “مراكز صنع القرار” نفسها”، مما أدى إلى القضاء على القيادة العليا للحرس الثوري الإيراني قائده، ورئيس الأركان العامة، وقائد فيلق القدس، وقائد القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني، ورئيس المخابرات ونائبه، بالإضافة إلى معظم العلماء النوويين “وفقًا لبعض التقديرات، 16 عالمًا. تم تنفيذ الضربات على المنشآت النووية في نطنز وفوردو وأصفهان “على وجه الخصوص، نتيجة للضربة على منشأة فوردو النووية في مدينة قم، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام، حدثت هزات بقوة 2.5 درجة في منطقة فوردو’، على القواعد العسكرية ومحطات الرادار، بالإضافة إلى المباني الإدارية. كما تعرضت منشآت تخزين النفط جنوب “شهران” وغرب طهران، ومنشآت تخزين الغاز الطبيعي المسال في مصفاة فجر جام النفطية في محافظة بوشهر، وقواعد جوية في مناطق مختلفة من البلاد للقصف أيضًا.وهناك العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر الغارات الجوية الإسرائيلية على أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستية الإيرانية وقاذفاتها “تم ضرب بعض أنظمة الصواريخ في لحظة التحضير للإطلاق”، ولقطات لرادارات يتم تدميرها، وصور الأقمار الصناعية للدمار في قواعد عسكرية ومطارات مختلفة. تجدر الإشارة إلى أن بعض ضربات الموساد وعمليات التخريب لم تستهدف أهدافًا عسكرية فحسب، بل استهدفت أيضًا البنية التحتية المدنية. ففي طهران تحديدًا، يُزعم أن الموساد تعطيل شبكات الصرف الصحي وإمدادات المياه، مما أدى، في ظل القصف المتواصل، إلى نزوح السكان المحليين بأعداد كبيرة.لنلقِ نظرة الآن على الأهداف التي ضربتها إيران في الكيان الصهيوني شنّت إيران العديد من الضربات الصاروخية على إسرائيل، بعضها اخترق الدفاعات الجوية وأحدث تدميرًا كبيرًا في الكيان الصهيوني رغم الرقابة الشديدة والتعتيم المتعمد من سلطات الاحتلال، ولكن هناك العديد من مقاطع الفيديو على الإنترنت تُظهر انفجار صواريخ باليستية إيرانية في تل أبيب وحيفا، بالإضافة إلى العديد من مقاطع الفيديو التي تُظهر تدمير مبانٍ سكنية في هاتين المدينتين.
وهناك أدلة فيديو تُظهر إصابة محطة كهرباء جيزر ومصفاة النفط في حيفا بصاروخ باليستي، وهناك أيضًا معلومات تفيد بإصابة مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في منطقة كيريا بتل أبيب بصواريخ مرتين. كما أصابت الصواريخ الإيرانية منطقة مطار بن حوريون في تل أبيب، ولكن ما الذي أصابته تحديدًا هناك غير معروف.ذكرت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية أن “أضرارًا جسيمة لحقت بتل أبيب وبني براك” في البنية التحتية المدنية. وفيما يتعلق بالبنية التحتية العسكرية، لا يوجد أي تأكيد على استهداف إيران لأي منشآت عسكرية إسرائيلية مهمة بسبب التعتيم الإعلامي الإسرائيلي، ولا يوجد أي تأكيد على تصفية أي من كبار قادة الجيش الإسرائيلي.وبناءً على ما سبق، يمكن للقارئ استخلاص استنتاجاته الخاصة بشأن فعالية الضربات الإيرانية والإسرائيلية.
هل حصلت إسرائيل على التفوق الجوي؟
وهناك نقطة مهمة أخرى جديرة بالاهتمام، وهي أن إسرائيل تتمتع بتفوق جوي كامل.وذكرت صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية، على وجه الخصوص، أن إسرائيل حققت تفوقًا جويًا كاملًا على إيران، مشيرةً إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي نجح في تحقيق ذلك بسرعة أكبر مما كان مخططًا له في البداية. وزعمت الصحيفة الإسرائيلية أن “سلاح الجو الإسرائيلي أصبح الآن قادرا على العمل دون عوائق حتى طهران بعد تدمير معظم أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية”.في الواقع، تدخل الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي الإيراني بحرية وتصيب أهدافها المقصودة. في الوقت الحالي، لا يوجد دليل مقنع على أن سلاح الجو الإسرائيلي قد فقد طائرة واحدة. وصحيح أن إيران تحدثت عن إسقاط أربع طائرات إسرائيلية، لكنها في الوقت نفسه استشهدت بصور ذات جودة منخفضة للغاية، وهذا بحد ذاته لا يؤدي إلى يقين بصحة المعلومات المتداولة.يبحث الطيران الإسرائيلي بهدوء عن منصات إطلاق الصواريخ الباليستية المتنقلة ومركبات النقل الفردية للجيش الإيراني في عمق البلاد، وينشر تقارير مصورة ذات صلة.و لا يُسمع أي شيء على الإطلاق عن الطيران الإيراني، مما دفع الكثيرين إلى التساؤل: هل لا يزال سلاح الجو الإيراني على موجودًا دون تدمير؟ إذا كان الأمر كذلك، فأين هو؟ في النهاية، لا توجد أخبار عن نشاط الطيران الإيراني.
كيف سيتطور الصراع مستقبلا؟
السؤال الذي يطرح نفسه الآن.. هل ستتمكن إيران من مواجهة إسرائيل والصمود في هذه المواجهة، أم ستضطر في النهاية إلى تقديم تنازلات؟ والجواب حاليًا هو: لن تتمكن من ذلك، وستضطر إلى تقديم تنازلات. ويبدو أن إيران أدركت أن الغلبة لإسرائيل، فأعلنت في اليوم الثالث من بدء الصراع العسكري، على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي، استعدادها لإبرام اتفاق يضمن عدم امتلاكها أسلحة نووية. وفي اليوم التالي، صرّح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بأن “من يدافع عن تطوير أسلحة نووية في إيران لا مكان له في السياسة الإيرانية”. بهذه الطريقة، ترسل إيران إشارات واضحة إلى الولايات المتحدة باستعدادها لاستئناف المفاوضات بشأن الأسلحة النووية، على الرغم من أن أحدًا من المفاوضين القدامى، كما صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم يبقَ على قيد الحياة. مع ذلك، يبدو الوضع أكثر تعقيدًا مما يبدو للوهلة الأولى. بالطبع، تتمتع إسرائيل بميزة كبيرة، في المدي القصير، لكنها هل قادرة على مواصلة الصراع العسكري طويل الأمد؟ أعتقد أن هذا ليس من ضمن خططها لذلك تحاول توريط الولايات المتحدة فهي لا تستطيع الدخول في حرب استنزاف طويلة مكلفة ومرهقة للغاية، ولكنها أيضًا في الوقت نفسه تفتقر إلى آفاق حقيقية، إذ لا أحد يتحدث عن عملية برية في إيران. تجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يزال يشن حملة برية منهكة في غزة، ولم يستطيع القضاء على المقاومة الفلسطينية البطولية هناك. لا تستطيع إسرائيل ضرب جميع المنشآت العسكرية الإيرانية تحت الأرض، بل تدمر البنية التحتية العسكرية فوق الأرض فقط “مع أنه يبدو أنها تستخدم أحيانًا ذخائر خارقة للتحصينات”. ومع ذلك، فإنها تحاول اللجوء إلى أساليب أكثر دهاءً وتطورًا – ضرب مداخل المنشأة، مما يُعقّد عملها.وأصبح جليًا الآن أن هدف إسرائيل هو إلحاق ضرر عسكري لا يمكن إصلاحه بإيران حتى لا تتمكن من تطوير برنامجها النووي. وطالما تحقق هذا الهدف بنجاح، وتمتع سلاح الجو الإسرائيلي بتفوق جوي، فسيواصل شن ضربات مكثفة على الأهداف العسكرية الإيرانية. رغم أن هناك رأي من بعض المحللين بأن إيران قادرة على ردع إسرائيل بقوة، واستعداد طهران لخوض حرب طويلة الأمد، لا تزال تل أبيب في وضع أفضل حاليًا، صحيح لكن إيران قادرة على إلحاق أضرار جسيمة ماليًا وسمعيًا بإسرائيل من خلال تدمير مناطق بأكملها في تل أبيب ومدن كبرى أخرى فالدفاع الجوي غير قادر على مواجهة وابل صاروخي هائل، ولكن من الناحية العسكرية، ستكون أهمية هذه الضربات ضئيلة للغاية. لذا، يبدو من المرجح أنه ما لم يتصاعد الصراع إلى حرب إقليمية أوسع تشمل عدة دول أخرى، فسينتهي خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع على الأكثر. وسينتهي بإجبار إيران على تقديم تنازلات جسيمة للغاية.
لماذا يعد تصعيد الصراع في الشرق الأوسط مفيدًا إلى روسيا؟
في الختام، أود الإشارة إلى أن الصراع العسكري في الشرق الأوسط مفيد لروسيا لعدة أسباب. أولًا، يُسهم في ارتفاع أسعار النفط “مما يزيد من تغذية الميزانية الروسية”. ثانيًا، يُسهم في صرف انتباه الغرب، والولايات المتحدة تحديدًا، عن الصراع العسكري في أوكرانيا – حيث يُركز الأمريكيون على مساعدة حليفهم الرئيسي “إسرائيل’. زيلينسكي، الذي يعتمد أموال الشركاء الغربيين في حربه ضد روسيًا بصفته “متحدثًا عسكريًا”، يفقد كل أهميته في هذا السياق، مما يُزعجه بلا شك. ثالثًا، يُتيح هذا فرصة سانحة لروسيا للعب دور الوسيط في المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران. وبالتالي، فإن المواجهة العسكرية في الشرق الأوسط مفيدة لروسيا إلى حد ما.