قاضٍ يكشف عن الشبكات والمنظمات التي أنشأتها جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في أوروبا بتمويل خارجي

فى الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيه 2013 نعرض لدراسة حديثة مهمة تتناول البُعد التاريخي والسياسي والديني لجماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها عام 1928 على يد حسن البنا، وتحليل الأساليب التي استخدمتها الجماعة لتطويع الدين لأغراض سياسية، والجرائم المرتكبة محليًّا وعالميًّا باسم المشروع الإسلامي، وتقييم أثرها على المجتمعات والدول.
أعد الدراسة الفقيه المصري القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة المعروف بأبحاثه الوطنية بعنوان : (جماعة الإخوان: التاريخ السري لتنظيم استخدم الدين لهدم الدولة , جرائم التنظيم منذ النشأة حتى اليوم دراسة تحليلية في الجذور، أيديولوجيا العنف ، بنية التنظيم، التمويل العابر للحدود والاختراق العالمي والرؤى المحتملة) ونتناول فى الجزء الثالث من هذه الدراسة المهمة ما يلى :جماعة الإخوان الإرهابية من تنظيم محلي إلى شبكة دولية في أوروبايقول الدكتور محمد خفاجى ” منذ خمسينيات القرن الماضي، انتقلت جماعة الإخوان من مجرد تنظيم محلي في مصر إلى حركة عالمية لها فروع وواجهات في أكثر من 70 دولة، بما فيها الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا. وقد استفادت من البيئة الديمقراطية والليبرالية الغربية لتوسيع نشاطها تحت غطاء العمل الخيري والديني.”ويضيف ” جماعة الإخوان الإرهابية تؤسس الشبكات في أوروبا , وقد عمدت جماعة الإخوان الإرهابيةعلى تأسيس الشبكات فى أوروبا على النحو التالى : فى ألمانيا:كان سعيد رمضان (صهر حسن البنا) من أوائل من أسسوا مراكز إسلامية كبرى مثل “المركز الإسلامي في ميونيخ”، والذي تحوّل إلى منصة لتوسيع نفوذ الجماعة.فى بريطانيا:استقر العديد من قادة الإخوان فيها بعد 2013، وأنشأوا منظمات مثل “منتدى التفكير الإسلامي”، و”رابطة مسلمي بريطانيا”، وهي منظمات وُجهت إليها تهم الترويج لأجندة سياسية إخوانية.فى فرنسا والنمسا وبلجيكا:أُسست جماعة الإخوان الإرهابية جمعيات إسلامية كبيرة بإدارة أشخاص مرتبطين بالجماعة، وبعضها حظي بتمويل خليجي – قطري خصوصًا – معتمدين على فكرة الواجهة الدعوية والمجتمعية , حيث استخدمت الجماعة المساجد، المدارس، والمراكز الثقافية كمنصات للتأثير المجتمعي. وقد تم تقديم أنفسهم كممثلين “شرعيين” للمجتمعات المسلمة في الغرب، مما منحهم اعترافًا رسميًا في بعض الحالات.”وفى الولايات المتحدة الأمريكية تعمل الجماعة من خلال منظمات مثل: “مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية(CAIR)” و”الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية(ISNA)” وهي منظمات واجهت اتهامات بدعم أجندات إسلامية سياسية، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر. ولكن لم تُصنف الجماعة رسميًا منهم كمنظمة إرهابية، لكن العديد من السياسيين طالبوا بذلك، ووصفت بعض التقارير الجماعة بأنها “الوجه المقبول للتطرف”.”ويذكر “وقد روجت الجماعة لخطاب مزدوج : داخليًا: خطاب تعبوي وتكتيكي قائم على فكرة “التمكين المرحلي” , وخارجيًا: خطاب معتدل يتحدث عن التعايش وحقوق الإنسان.”التمويل الخارجي في جنوب غرب اَسيا وأوروبا(التمويل والدعم من قطر وتركيا)ويشير الدكتور محمد خفاجى ” بعد 2013، تحولت تركيا وقطر إلى ملاذات آمنة لقيادات الإخوان الهاربة من مصر. واستخدمت الجماعة الأموال القطرية لإطلاق قنوات إعلامية وتحريك أنشطة دولية، في حين وفّرت أنقرة دعمًا لوجستيًّا وتنظيميًّا واضحًا، بل منحت الجنسية لبعض القيادات. وتحوّلت إسطنبول إلى مقرّ عالمي غير معلن للتنظيم الدولي للإخوان، وهو الجناح الخارجي الذي يدير الملفات السياسية، والإعلامية، والمالية، بعيدًا عن الضغوط الداخلية.”ويذكر ” أما عن التمويل الخارجي في جنوب غرب اَسيا وأوروبا , فقد كشفت تقارير استخباراتية أوروبية عن تلقي منظمات مرتبطة بالإخوان تمويلًا كبيرًا :1-مؤسسات قطرية مثل “قطر الخيرية”.2- جهات تركية قريبة من حزب العدالة والتنمية.بعض القليل من هذه الأموال استُخدمت في مشاريع دينية ومراكز اجتماعية، لكن كثيرها الآخر وجّه إلى أنشطة ذات طابع سياسي أيديولوجي.””وعن التمويل القطري : فبالنسبة إلى قطر يشهد التاريخ أنها لعبت دورًا محوريًا في دعم الجماعة ماليًا بعد 2011، ووفرت ملاذًا آمنًا لقياداتها الفارّة. كما أنها موّلت قنوات إعلامية مثل “الجزيرة مباشر مصر”، ومنظمات غير حكومية موالية للإخوان في أوروبا. ودعمت مشاريع عقارية وتعليمية واقتصادية بإشراف قيادات إخوانية. “” وعن الدعم التركى : فقد تحوّلت تركيا إلى مركز تنظيمي دولي للجماعة بعد 2013. حيث قدّمت دعمًا سياسيًا ولوجستيًا وماليًا، وسهلت تأسيس شركات واجهة للتنظيم. , والكثير من القنوات الإعلامية المعارضة تم تمويلها وتأسيسها في إسطنبول.”التغلغل في الأحزاب اليسارية والليبرالية في أوروبا والأوساط الإعلامية والتحذيرات الغربية من المشروع الإخوانييوضح الدكتور محمد خفاجى ” استطاعت جماعة الإخوان الإرهابية بناء علاقات مع بعض الأحزاب اليسارية والليبرالية في أوروبا عبر: خطاب “المظلومية الإسلامية” والدفاع عن “الحريات الدينية”. كما نشطت في وسائل الإعلام الدولية، حيث تم تقديم كوادرها كـ”خبراء في شؤون الإسلام”، مما منحهم مصداقية مزيفة.”ويؤكد ” هناك العديد من التحذيرات الغربية من المشروع الإخواني فى عدة دول أوروبية منها عل سبيل المثال تقرير الحكومة البريطانية 2015 , حيث وصف الجماعة بأنها “تنظيم أيديولوجي يهدف إلى فرض تغيير سياسي واجتماعي يتعارض مع القيم الغربية”. وفى ألمانيا والنمسا تم حظر عدد من المنظمات التابعة للجماعة، واتهامها بنشر التطرف والتخطيط لخلق مجتمع موازٍ.”ويذكر ” وفى فرنسا شددت الرقابة على الجمعيات الإسلامية بعد مقتل المدرس صامويل باتي، وتم الربط بين الإخوان وبعض الفاعلين في خطاب التحريض غير المباشر. وصفوة القول إن انتشار الإخوان في الغرب لم يكن محض صدفة، بل جزء من مشروع استراتيجي طويل المدى لتقديم الجماعة كبديل “معتدل” عن الحركات الجهادية، مع الاحتفاظ بجوهر أيديولوجي لا يقل خطورة. ومع تصاعد وعي الدول الغربية بخطرهم، بدأت موجة حظر وتضييق غير مسبوقة، تنذر بانحسار نفوذ الجماعة في فضاءها الأهم عالميًا.”التوسع في الغرب والكشف عن منظمات للعمل تحت عباءة الجاليات الإسلاميةيكشف الدكتور محمد خفاجى أشياء خطيرة فيذكر ” منذ ستينيات القرن الماضي، بدأت جماعة الإخوان ببناء وجودها في أوروبا وأميركا الشمالية عبر مايلى :1-تأسيس منظمات واجهة مثل “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا” 2-“مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR)”.”” هذه الكيانات قدمت نفسها كمدافعة عن حقوق المسلمين، لكنها عملت على نشر الأيديولوجيا الإخوانية، وخلق بيئة فكرية تعزز العزلة الثقافية والانفصال عن المجتمع الغربي. وقد وثّقت تقارير استخباراتية أوروبية هذا التغلغل، محذّرة من استخدام الدين كأداة سياسية لبناء «مجتمعات موازية».”ويضيف ” بعض المنظمات الدولية كأذرع مالية للإخوان : فتتمثل فى منظمة الإغاثة الإسلامية و”المنظمة الإسلامية للإغاثة” في أوروبا، واجهت اتهامات متعددة بتحويل التبرعات إلى أنشطة تابعة للإخوان. كما أن العديد من الجمعيات الخيرية في لندن وجنيف تم تصنيفها في تقارير أمنية كواجهات تمويل غير مباشر.”نشاط الإخوان في دول الربيع العربي( تونس وليبيا واليمن وسوريا نموذجا )يوضح الدكتور محمد خفاجى أشياء مهمة فيقول ” في تونس، وصل حزب النهضة (الجناح الإخواني) إلى السلطة، واتبعت نفس الأساليب القديمة: اختراق الدولة تحت غطاء ديمقراطي، مع المحافظة على بنية تنظيمية عقائدية مغلقة. وفي ليبيا، دعمت الجماعة حكومة فايز السراج، وارتبطت بفصائل مسلحة في طرابلس ومصراتة. وفي اليمن، كان حزب «الإصلاح» أحد الأذرع الأساسية للإخوان، واتُّهم بالتنسيق مع جهات خارجية لتقويض الدولة اليمنية.”ويضيف ” وفى سوريا اندمجت جماعة الإخوان في الحراك الشعبي عام 2011 مع اندلاع الاحتجاجات حاولت القفز على الثورة وشكلت واجهات سياسية مثل “إعلان دمشق”، و”المجلس الوطني السوري” الذي سيطر عليه الإسلاميون.وحصلوا على تمويل قطري وتركي مكثف لتوجيه الحراك نحو أجندة إخوانية.وتحالفت مع تنظيمات مثل “أحرار الشام” و”فيلق الشام”، والتي ضمّت مقاتلين إخوانيين سابقين أو موالين وتعاونت مع الجماعات الجهادية في سوريا (مثل النصرة، داعش، أحرار الشام) كما تحالفات خفية مع أطراف دولية كانت تسعى لإسقاط النظام السوري بأي وسيلة، حتى لو أدى ذلك إلى الفوضى الكاملة. ومارست سياسة “التمكين داخل الثورة” والنتيجة كانت كارثية على الشعب السوري. وفضح النموذج السوري ارتباطهم العابر للحدود على حساب الشعوب.”تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي (مصر، السعودية، الإمارات، البحرين) والبرلمان الألماني والنمساويويذكر ” مع ازدياد الأدلة على دعم العنف، بدأت عدة دول تصنّف الجماعة كتنظيم إرهابي، منها مصر، السعودية، الإمارات، البحرين، وسوريا التي انقضت عليها . وفي أوروبا، رغم عدم حظر الجماعة رسميًّا، إلا أن تقارير مثل تقرير البرلمان الألماني والنمساوي حذّرت من أن الإخوان أخطر على المدى البعيد من السلفيين الجهاديين، بسبب قدرتهم على التخفي والتمدد الثقافي والسياسي.”المال وسيلة الإخوان للتمكين مصادر التمويل الداخلي والدعم الخارجيويؤكد على جوهر الأساس الذي تقوم عليه جماعة الإخوان الإرهابية فيقول ” منذ تأسيسها، أدركت جماعة الإخوان أن المشروع الأيديولوجي لا يمكن أن يُبنى إلا على قاعدة مالية متينة. لذا سعت مبكرًا إلى بناء منظومة مالية خاصة بها، تغذي التنظيم داخليًا وتدعمه خارجيًا في توسّعه العالمي.”ويضيف “وعن مصادر التمويل الداخلي فإن الاشتراكات الشهرية تلزم كل عضو بدفع نسبة من دخله للتنظيم (تُعرف بالركن المالي). وهناك أيضاً الجمعيات الخيرية: مثل “جمعية رابطة الطلاب المسلمين”، و”جمعية الدعوة”، التي تحصل على تبرعات من عامة الناس تحت غطاء العمل الخيري. يضاف إليها المشاريع الاقتصادية المتمثلة فى شركات مقاولات، مطابع، مكتبات، ومدارس خاصة تدر دخلاً مستمرًا لصالح التنظيم.”التحويلات العابرة وغسيل الأموال للجماعة الإرهابية لتمويل العنف بعد سقوطها من الحكميوضح ” إن الجماعة استخدمت نظامًا ماليًا يعتمد على شركات صرافة وتبادل غير رسمي عبر دول مثل: السودان واليمن وماليزيا وإندونيسيا , وهذا مكّنها من التملص من الرقابة البنكية، وتمويل أنشطتها في مناطق النزاع كـغزة وسوريا , وبعض الوقت سابقا فى سيناء”ويذكر ” وبعد ثورة 30 يونيه 2013، تم تمويل مظاهرات وأعمال تخريب ممنهج، عبر ضخّ أموال لمجموعات مسلحة صغيرة تنفّذ “عمليات نوعية”. وهناك تقارير أمنية كشفت عن دعم مباشر لخلايا في الصعيد والدلتا، وكذلك تهريب أسلحة باستخدام الأموال المقدّمة من الخارج.”تحقيقات دولية في نشاط الجماعة الماليويختتم الدكتور محمد خفاجى ” عدة دول أجرت تحقيقات في نشاط الجماعة المالي، مثل: بريطانيا وتحديداً تقرير عام 2015 الذي خلص إلى أن الجماعة تشكّل تهديدًا أيديولوجيًا. وكذلك فى ألمانيا والنمسا حيث تم حظر جمعيات إخوانية بتمويل خارجي . كما أنه فى مصر بعد سلسلة حاكمة من القوانين لقطع جذور الإرهاب صادرت أموال وممتلكات نحو 1200 شخص ومؤسسة مرتبطة بالتنظيم لضلوعها فى تمويل العمليات الإرهابية .”ويؤكد ” وهكذا يمثّل التمويل الخارجي حجر الزاوية في بقاء جماعة الإخوان واستمرار نفوذها الإقليمي والدولي. وبما أن مصادر التمويل ظلت محجوبة عبر قنوات معقدة، فإن خطر الجماعة لم يكن في سلاحها فقط، بل في قدرتها على تمويل الصراع طويل الأمد ضد الدول والمجتمعات.”