مفتي الجمهورية: العنف داخل الأسرة علامة تحذير من التحولات الاجتماعية التي نعايشها

أكد الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن الحديث عن العنف الأسري لم يعد مجالا للنقاش النظري أو الطرح النخبوي، بل صار ناقوس خطر يدق بقوة في ظل ما نواجهه من تحولات اجتماعية وتحديات تربوية خطيرة.
وقال مفتي الجمهورية – في كلمته خلال ورشة “العنف الأسري في مصر.. رؤية تكاملية بين الإفتاء والعلوم الاجتماعية والجنائية”، التي نظمها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالتعاون مع دار الإفتاء، وبحضور نخبة من العلماء والمفكرين والمتخصصين – “إن هذا المصطلح الذي كان يومًا ما استثنائيًّا ونادر الاستخدام، بات اليوم شائعا ومتداولا على نطاق واسع، خصوصا مع تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي، ما يحتم علينا التوقف أمامه بجدية والبحث عن أسبابه وآثاره وسبل معالجته؛ حفاظًا على الأسرة التي تُعد الحصن الأول للمجتمع ومصدر توازنه وهويته”. وأضاف: “الأسرة تمثّل الكتلة الصلبة في بنية المجتمعات العربية والإسلامية، فهي التي تحفظ للناس توازنهم وهويتهم في مواجهة موجات التغيير والاختراق”، لافتا إلى أن الجهات التي تعمل على زعزعة استقرار المجتمعات، شرقًا وغربًا، تدرك جيدا أن المساس بالأسرة هو أول مدخل للهدم والتفكك، ومن ثم فإن قضية العنف الأسري تكتسب خطورة استثنائية، وتتطلب من الجميع أن يناقشوها بجرأة وواقعية بعيدًا عن التحيز أو الخوف أو الإنكار. وأوضح أن مفهوم العنف الأسري يتناقض تماما مع جوهر الأسرة التي أرادتها الشرائع السماوية والمذاهب الوضعية، سكنًا ودرعًا وسياجًا للأخلاق والانتماء، مشددًا على أن الدين لم يأتِ إلا لصلاح الناس في دنياهم وأخراهم، بما يحتم علينا أن نبحث بعمق عن الأسباب الحقيقية التي تدفع إلى هذا النوع من العنف، والتي قد ترجع إلى عوامل نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو تربوية، ومن بينها الفهم الخاطئ والقراءة المبتورة لنصوص الدين. وشدد على أهمية الورشة وما شهدته من حضور نوعي متنوع، شمل مختصين في الشريعة والاجتماع وعلم النفس والسياسة والاقتصاد والإعلام، وهو ما يعكس ضرورة تكامل هذه التخصصات وتلاقيها، لافتا إلى أننا لم نَعد في عصرٍ تُعالَج فيه الظواهر برؤية واحدة أو منهج منفصل؛ بل بات من الضروري النظر بمنظور شامل يجمع بين الرؤية الدينية والمعالجة النفسية والاجتماعية والقانونية من أجل تشخيص الداء ووصف العلاج على نحو علمي وواقعي. من جهتها، أعربت مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الدكتورة هالة رمضان عن بالغ تقديرها لحضور فضيلة الدكتور نظير عياد، مؤكدة أن حضوره يُعَد إضافة نوعية تعكس أهمية التكامل بين البعد الديني والبعد الاجتماعي في معالجة القضايا المجتمعية الملحة. وأشادت بما تقوم به دار الإفتاء المصرية من أدوار توعوية ومجتمعية مؤثرة، لاسيما في تناولها الإشكاليات المرتبطة بالأسرة والمجتمع من منظور ديني منضبط ورؤية علمية راشدة، كما أعربت عن تطلع المركز إلى تعزيز أواصر التعاون مع دار الإفتاء، بما يسهم في بناء منظومة فكرية ومعرفية متكاملة تسهم في ترسيخ الاستقرار الأسري والاجتماعي. وشهدت الورشة مناقشات علمية مثمرة، شارك فيها عدد من الخبراء والمتخصصين، وحضرها وأدارها الأستاذ الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، والأستاذ الدكتور وليد رشاد أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث، والدكتورة رباب الحسيني أستاذ علم الاجتماع، والمستشار محمد عمر الأنصاري المدير السابق للمركز القومي للدراسات القضائية، والأستاذة الدكتورة سوزان القليني أستاذ الإعلام وعضو المجلس القومي للمرأة، والأستاذ الدكتور محمد رزق البحيري أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، والدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى بدار الإفتاء.