«طوفان الأربعاء».. هل يربك أسعار الفائدة فى مصر؟!

«طوفان الأربعاء».. هل يربك أسعار الفائدة فى مصر؟!

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر

قلق عالمى من نشوب حرب تجارية وإجراءات انتقامية تؤثر على التجارة العالميةالمركزى الأمريكي: قرارات ترامب ستؤدى لزيادة التضخم والبطالة وبطء النمو الاقتصادى الأمريكى

 

طوفان الأربعاء هل يربك حسابات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى، والتى ستعقد اجتماعها الثانى يوم 17 أبريل للنظر فى أسعار الفائدة وسط توقعات قوية قبل هذا الطوفان بخفض الفائدة.

وكان لجنة السياسة النقدية قد قررت يوم 20 فبراير الماضى الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 27.25% و28.25% و27.75%، على الترتيب. كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.

فى مؤتمر صحفى يوم الأربعاء 2 أبريل أعلن دونالد ترامب عن رسوم جمركية على معظم دول العالم، جاء أقلها بنسبة 10 فى المائة كالضريبة على الواردات من المملكة المتحدة ومعظم الدول العربية، ودخلت حيز التنفيذ السبت 5 أبريل ووصف هذه القرارات بأنها «استعادة ثراء أمريكا» ووصفه ترامب بـ«يوم التحرير». ويراها بأنها ستؤدى إلى «نهضة» صناعية أمريكية ووقف استغلال البلاد تجاريًّا، وعلاج الخلل التجارى غير العادل كما يقول ترامب.

حرب تجارية

وخرجت رسائل التحذير من حرب تجارية قادمة فقد حذرت نغوزى أوكونجو إفيالا المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، من خطر اندلاع حرب تجارية عقب قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية جديدة. مؤكدة أن الرسوم الجمركية التى أعلنتها الولايات المتحدة الأربعاء، إلى جانب تلك التى تم فرضها فى بداية العام، ربما تؤدى إلى انكماش حجم التجارة العالمية للسلع فى عام 2025 بنحو واحد بالمئة.

وأشارت أوكونجو إفيالا إلى أن هذا الانكماش يمثل مراجعة تنازلية بنحو أربع نقاط مئوية مقارنة بالتوقعات السابقة مضيفة أن العديد من أعضاء المنظمة توجهوا باستفساراتهم حول التأثير المحتمل للرسوم الأمريكية على اقتصاداتهم وعلى نظام التجارة العالمى موضحة أنهم يتابعون ويحللون الإجراءات الأمريكية بدقة.

وأعربت عن قلقها البالغ إزاء احتمال تحول الأمر إلى حرب تجارية مع حلقة من الإجراءات الانتقامية التى ستؤدى إلى مزيد من التراجع فى التجارة مشيرة إلى أن إجراءات تجارية بهذا الحجم قد تؤدى إلى تحويلات كبيرة فى التجارة، داعية إلى التعامل بمسئولية مع الضغوط الناشئة لمنع تصاعد التوترات التجارية.

قنبلة نووية

ووصف كين روغوف، كبير الاقتصاديين السابق فى صندوق النقد الدولى، تقييمه للرسوم الجمركية الجديدة التى فرضها الرئيس ترامب فى برنامج «تقرير الأعمال العالمي» على قناة بى بى سى قائلًا إن ترامب «ألقى للتو قنبلة نووية على النظام التجارى العالمى». وتوقع الخبير الاقتصادى أن احتمالات وقوع الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد فى العالم، فى حالة ركود قد ارتفعت إلى 50 فى المائة على خلفية هذا الإعلان.

الرسوم الجمركية

وفى إعلان الأربعاء 2 أبريل، شملت التعريفات الجمركية الجديدة 184 دولة وجزيرة وإقليمًا، بخلاف دول الاتحاد الأوروبى الـ27، ما يعنى أن معظم دول العالم شملتها الضرائب التى فُرضت بنسبة لا تقل عن 10 فى المئة، كما أعلن الرئيس الأمريكى فرض تعريفة جمركية على السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة بنسبة 25 فى المائة.

دنالد ترامب

فى البداية، ومنذ مطلع فبراير، أعلنت واشنطن عن جمارك حدودية داخل القارة الأمريكية الشمالية، حيث فُرضت رسوم جمركية على كندا فى الشمال والمكسيك فى الجنوب. بالإضافة إلى الصين والاتحاد الأوربى حيث يوجد عجز تجارى أمريكى بقيمة 350 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبى، فتم فرض تعريفات جمركية بنسبة 20 فى المائة. يذكر أن حجم التبادل التجارى بين الاتحاد وأمريكى بلغ 1.6 تريليون يورو (1.7 تريليون دولار) من السلع والخدمات فى عام 2023، أى ما يقرب من 30 فى المائة من حجم التجارة العالمية.

وفرضت الولايات المتحدة ضرائب على العديد من الدول الآسيوية كاليابان وفيتنام وماليزيا وإندونيسيا والهند وباكستان وتايلاند وتايوان. وكان نصيب إسرائيل وتركيا بنسبة 17 فى المائة و10 فى المئة على التوالى، بالإضافة إلى ضرائب أخرى متباينة على البرازيل وجنوب أفريقيا وبريطانيا وكوريا الجنوبية وسويسرا.

الدول العربية

وكذلك الدول العربية، كان نصيب معظمها 10 فى المائة من الضرائب الجمركية، بما يشمل مصر والسودان ولبنان واليمن والسعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين والمغرب وموريتانيا وعُمان وجزر القمر. وارتفعت النسبة على بعض الدول العربية فسوريا 41 فى المئة، والعراق 39 فى المئة، والأردن بنسبة 20 فى المئة، وفرضت 28 فى المئة على تونس، و30 فى المئة على الجزائر، و31 فى المائة على ليبيا.

وتشير أرقام مكتب الممثل التجارى للولايات المتحدة التابع للحكومة الفيدرالية إلى أن الميزان التجارى بين مصر وأمريكا يحقق فائضا لصالح الولايات المتحدة، فقد بلغ فائض تجارة السلع الأمريكية مع مصر 3.5 مليار دولار فى عام 2024، فى حين بلغ هذا الفائض مع السعودية 443.3 مليون دولار، وبلغ الفائض الأمريكى مع الإمارات 19.5 مليار دولار فى العام نفسه. إلا أن هناك عجز تجارى أمريكى مع بعض الدول العربية كالعراق التى بلغت صادراتها 7.4 مليار دولار فى عام 2024، مقابل استيرادها من الولايات المتحدة بما قيمته 1.7 مليار دولار، والأردن التى صدرت 3.4 مليار دولار، مقابل استيرادها ما قيمته مليارى دولار. وهذا العجز لا يقارن بالعجز مع كندا على سبيل المثال الذى يصل إلى 63 مليار دولار.

مخاطر كبيرة

يرى يحيى أبوالفتوح، الخبير المصرفى والاقتصادى، أن القرارات الجمركية التى أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تعكس تحولًا كبيرًا فى السياسة الاقتصادية للولايات المتحدة. فقد فرضت الحكومة الأمريكية رسومًا جمركية جديدة على واردات قادمة من أكثر من 184 دولة، بما فى ذلك الاتحاد الأوروبى والصين وكندا والمكسيك. الهدف من هذه القرارات، كما يراه ترامب، هو تحقيق ما يُسمى بـ«المعاملة بالمثل»، أى أن تُجبر الدول الأخرى على فتح أسواقها بنفس الطريقة التى تطلبها من أمريكا، بالإضافة إلى تقليص العجز التجارى، وهو الفارق بين ما تستورده الولايات المتحدة وما تصدره.

ويرى أبوالفتوح أن هذه السياسة تحمل مخاطر كبيرة. عندما تفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على الواردات، فإن الدول المتضررة ربما ترد بإجراءات مماثلة، مما قد يؤدى إلى اندلاع حرب تجارية. وهذا النوع من النزاعات الاقتصادية قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمى، حيث ترتفع أسعار السلع، وتتراجع حركة التجارة، ما قد يؤدى إلى تباطؤ الاقتصاد العالمى وربما إلى ركود اقتصادى. هناك تقديرات تشير إلى أن احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكى فى ركود بسبب هذه السياسات قد تصل إلى 50%. كما أن الأسواق المالية، التى تعكس ثقة المستثمرين، شهدت تراجعًا كبيرًا عقب هذه الإجراءات، ما يعنى أن المستثمرين قد يشعرون بالقلق بشأن استقرار الاقتصاد الأمريكى.

جيروم باولجيروم باول

وعن الدول العربية يوضح هانى أبو الفتوح أن معظم الدول العربية، لم تتعرض بشكل مباشر لتعريفات مرتفعة مقارنة بدول أخرى، لكن التأثير قد يأتى بطريقة غير مباشرة. فمع ارتفاع الرسوم الجمركية عالميًا، قد ترتفع أسعار السلع المستوردة، مما يؤدى إلى زيادة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. ومع ذلك، قد تخلق هذه السياسات فرصة لبعض الدول العربية التى يمكن أن تستفيد من تحول بعض الشركات العالمية عن التصنيع فى الصين والبحث عن مواقع بديلة، خاصة إذا استطاعت هذه الدول تقديم حوافز استثمارية قوية، مثل إعفاءات ضريبية وتسهيلات لوجستية.

وانتهى الخبير الاقتصادى إلى أن ترامب يخاطر بتغيير موازين التجارة العالمية بشكل قد يضر بمكانة الولايات المتحدة. فإذا استمرت هذه السياسات، قد تبدأ الدول المتضررة فى البحث عن شركاء تجاريين جدد بعيدًا عن أمريكا، مما قد يؤدى إلى تقليص النفوذ الاقتصادى الأمريكى. وفى هذه الحالة، قد تجد قوى اقتصادية أخرى، مثل الصين والاتحاد الأوروبى، فرصة لتقوية دورها العالمى وإعادة تشكيل نظام التجارة الدولى بما يخدم مصالحها.

خفض الفائدة

وقبل طوفان الأربعاء معظم التوقعات اتجهت إلى خفض الفائدة فى مصر، وبالفعل قامت بعض البنوك الخاصة بخفض الفائدة من 20% إلى 18% وقال محمد الأتربى، الرئيس التنفيذى للبنك الأهلى المصرى، أن البنك بصدد مراجعة ودراسة أسعار العائد على الشهادات التى يصدرها بالعملة المحلية، وذلك فى ضوء الانخفاض الملحوظ فى معدلات التضخم خلال الآونة الأخيرة، وتوقعات بانخفاض أسعار العائد. كما قام كل من البنك الأهلى المصرى وبنك مصر بخفض الفائدة على الشهادات الدولارية، سواء التى تعطى عائدًا مقدمًا أو تلك التى تُصرف كل ثلاثة أشهر. وبدأت بعض البنوك خفض الفائدة على حسابات التوفير والحسابات الجارية، إضافة إلى بعض الشهادات.

وتوقع بنك «جى بى مورغان» أن تقوم لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى بخفض أسعار الفائدة بنسبة 6% خلال النصف الأول من العام الحالى، بواقع 4% خلال اجتماع شهر أبريل المقبل، و2% خلال اجتماع شهر يونيو. ويعود ذلك إلى تراجع معدل التضخم خلال شهر فبراير الماضى بشكل أكبر من المتوقع، حيث سجلت أسعار الاستهلاك العامة انخفاضًا، خاصة فى قطاعات التعليم والغذاء. وبلغ معدل التضخم الشهرى 1.4%، وهو أقل من التوقعات السابقة التى بلغت 2.3%.

وعلى مدار سبعة اجتماعات، ثبتت لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة دون تغيير، وكان آخرها فى فبراير الماضى. وتم الإبقاء على أسعار عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.

صورة تعبيرية عن الرسوم الجمركية باستخدام الذكاء الاصطناعى شات جى بى تيصورة تعبيرية عن الرسوم الجمركية باستخدام الذكاء الاصطناعى شات جى بى تي

التضخم السنوي

وتراجع معدل التضخم السنوى لأسعار المستهلكين فى المدن المصرية إلى 12.8% فى فبراير الماضى، وذلك من 24% فى يناير 2025، وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى مصر. ويعد هذا الانخفاض أقل من توقعات المحللين، الذين توقعوا وصول التضخم إلى 14.5% فى فبراير، حيث أشار استطلاع أجرته وكالة «رويترز»، وشارك فيه 15 محللًا اقتصاديًا، إلى تراجع معدل التضخم السنوى فى مصر إلى 14.5%.

وتوقعت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى، فى اجتماعها يوم الخميس الموافق 20 فبراير 2025، أن يشهد التضخم العام تراجعًا ملحوظًا خلال الربع الأول من العام، مدفوعًا بالتأثير التراكمى للتشديد النقدى والأثر الإيجابى لفترة الأساس. ومن المتوقع أن يستمر هذا التراجع، وإن كان بوتيرة أبطأ، نظرًا للتأثير المنتظر لإجراءات ضبط المالية العامة. وعليه، من المتوقع أن تقترب معدلات التضخم الشهرية من مستوياتها التاريخية على المدى المتوسط، مما يشير إلى تحسن التوقعات بشأن التضخم. ويأتى ذلك رغم ارتفاع المخاطر الصعودية المحيطة بالتضخم مقارنةً باجتماع لجنة السياسة النقدية السابق، وذلك نتيجة تزايد حالة عدم اليقين بشأن الآفاق العالمية والإقليمية، خاصةً فيما يتعلق بتأثير السياسات التجارية الحمائية التى تتبناها الولايات المتحدة، والتوترات الجيوسياسية.

يقوم البنك المركزى بمراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، مؤكدًا أنه لن يتردد فى استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى معدلاته المستهدفة، من خلال الحد من الضغوط التضخمية الناجمة عن الطلب واحتواء الآثار الثانوية لصدمات العرض.

الاحتياطى الأمريكي

ويتوقع جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بقاء التضخم عند مستويات مرتفعة لفترة ممتدة مؤكدا أن الرسوم الجمركية الجديدة التى فرضها الرئيس دونالد ترامب ستؤدى إلى زيادة التضخم وبطء النمو الاقتصادى الأمريكى وقال باول فى تصريح صحفى مكتوب «نواجه آفاقا اقتصادية غير مؤكدة للغاية، مع مخاطر مرتفعة تتعلق بزيادة معدلات البطالة والتضخم، وبينما يرجح أن تؤدى التعريفات إلى ارتفاع مؤقت فى التضخم، فمن الممكن أيضا أن تستمر آثارها لفترة أطول».

وقال: «من غير الواضح الآن كيف ستسير الأمور». ويشير تركيز جيروم باول على التضخم إلى أن الاحتياطى الفيدرالى سيبقى على الأرجح سعر الفائدة القياسى دون تغيير عند نحو 4.3 بالمئة فى غضون الأشهر المقبلة. وتوقع خبراء أن تتسبب الرسوم الجمركية فى إضعاف الاقتصاد، وربما تهدد التوظيف، وتؤدى إلى ارتفاع الأسعار.

البنوك المركزية

ومن المؤكد أن البنوك المركزى التى قامت بخفض أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية سواء فى الدول المتقدمة أو الناشئة سوف تتريث خلال الفترة قامة وبعد قرارات دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية، فقد قامت وعلى الرغم من حالة عدم اليقين التى لا تزال تحيط بآفاق النمو الاقتصادى والتضخم عالميا بخفض أسعار الفائدة، ولكن بعض البنوك الأخرى قررت اتباع نهج حذر تحسبا للتطورات الاقتصادية العالمية المتلاحقة.

وأصبح النمو الاقتصادى العالمى فى خطر فهو بين التأثير السلبى للسياسات النقدية التقييدية على النشاط الاقتصادى، وعودة الحروب التجارية، وقد شهدت بالفعل الأسعار العالمية للسلع الأساسية تقلبات فى الآونة الأخيرة، وتشير التوقعات إلى احتمالية زيادة أسعارها فى الأجل المتوسط، وما زال وسيظل الاقتصاد العالمى والتضخم عُرضة للمخاطر، بسبب تفاقم التوترات الجيوسياسية واضطرابات التجارة العالمية.

أسعار الفائدة

وفى ضوء التطورات الأخيرة، وطوفان ترامب وحالة عدم اليقين، والحرب التجارية وتأثيرها على الاقتصاد العالمى والأسعار فإن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى فى الاجتماع المقبل 17 أبريل قد تبقى على أسعار الفائدة دون تغيير، وتستمر فى السياسة النقدية التقييدية حتى تضمن تحقيق انخفاض ملحوظ ومستدام فى معدل التضخم. خاصة أن قرارات اللجنة تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات، وأن قراراتها بشأن بداية دورة التيسير النقدى ستكون على أساس كل اجتماع على حدة.