مدخرات المغتربين فى مرمى الحكومة

مدخرات المغتربين فى مرمى الحكومة

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر

خلق مناخ الثقة بين الطرفين وعدم النظر إلى المصرى بالخارج على أنه محول للدولارات فقط أبرز المطالبضرورة وضع دراسات جدوى دقيقة والإعلان عنها لطمأنة المستثمر على أموالهعوائد إيجابية على الاقتصاد فى حالة نجاحها أبرزها زيادة التحويلات وعودة الشركات والعقول المصرية الناجحة29.6 مليار دولار قيمة تحويلات المصريين فى الخارج نهاية العام السابق

 

 

لا شك أن المصريين فى الخارج أصبحوا عنصراً أساسياً فى دعم الاقتصاد المصرى خلال السنوات الأخيرة، ويأتى ترتيبهم دائما فى المركز الأول أو الثانى فى جذب العملة الصعبة إلى البلاد، ولذلك الاهتمام بهم والنظر إليهم نظرة مختلفة أصبح أمراً واجباً على الحكومة لأن فى ذلك مصلحة للطرفين على حد سواء. 

من ناحية الحكومة، سوف تستفيد من تدفقات النقد الأجنبى من الخارج التى هى فى أشد الحاجة إليها، ومن ناحية أخرى المصريون فى الخارج سوف يستثمرون أموالهم فى مجالات متعددة مضمونة العائد، بدلا من وضعها فى البنوك أو تحويلها إلى عملات محلية والاحتفاظ بها. 

ولذلك أطلقت الحكومة خلال الفترة الماضية أكثر من مبادرة موجهة إلى المصريين فى الخارج، من ضمنها مبادرة بيتك فى مصر ومزرعتك فى مصر، ومن قبلهما مبادرة تيسير استيراد سيارات المصريين فى الخارج. 

أما مبادرة بيتك فى مصر فقد أطلقتها مؤخراً وزارة الإسكان بالتعاون مع وزارة الخارجية، وتتيح للمصريين المقيمين بالخارج حجز وشراء وحدات سكنية بالدولار فى 12 مشروعاً متميزاً ضمن المرحلة الأولى من المبادرة، بمزايا حصرية وتسهيلات متعددة. 

 

تشمل المرحلة الأولى من المبادرة، مجموعة متنوعة من المشروعات السكنية المتميزة، حيث تم طرح 5055 وحدة سكنية وفيلات، منها وحدات جاهزة للتسليم الفورى، وأخرى سيتم تسليمها تباعاً حتى نهاية عام 2025، لتناسب مختلف شرائح الدخل والمستويات الاقتصادية. 

كما تضمنت المبادرة عروضاً حصرية للمصريين بالخارج، تشمل خصومات تتراوح بين 3% و10% على أسعار الوحدات المعلنة فى السوق، بالإضافة إلى أنظمة سداد مرنة تصل إلى 10 سنوات، ويصل مقدم الحجز للوحدات إلى 5 آلاف دولار، والفلل 9 آلاف دولار. 

وفيما يتعلق بمبادرة مزرعتك فى مصر، فقد أطلقتها شركة تنمية الريف المصرى بالتعاون مع وزارة الخارجية، من أجل إتاحة فرص أمام المصريين بالخارج للحصول على أراض زراعية فى المناطق الجديدة، وكذلك الاستثمار فى المشروعات المصاحبة للنشاط الزراعى فى هذه المناطق. 

وقال السفير نبيل حبشى، نائب وزير الخارجية للهجرة وشئون المصريين بالخارج، إنه بموجب هذه المبادرة يمكن للمصريين بالخارج الحصول على قطعة أرض فى المناطق الزراعية الجديدة، وستقوم الشركة باستصلاح الأرض لحساب المشترى، وإنشاء بئر مياه، وبناء استراحة، وكذلك التجهيزات الخاصة بالأنشطة المصاحبة كالإنتاج الحيوانى والداجنى والخدمات الأخرى، إضافة إلى إمكانية زراعة قطعة الأرض لحساب المشترى خلال السنوات الخمس الأولى، وسداد جزء من أقساط الثمن من خلال عائد الزراعة والاستثمار. 

أضاف حبشى، فى تصريحات على هامش إطلاق المبادرة، أن كل هذه المميزات غير مسبوقة، تم العمل عليها لصالح المصريين بالخارج لكى تناسب ظروف إقامتهم بالخارج، مقابل سداد قيمة التكلفة والأقساط بالعملات الأجنبية. 

وأوضح نائب وزير الخارجية أن هذه المبادرة تحقق أهدافنا الوطنية المشتركة، فهى توفر تيسيرات للمصريين بالخارج للاستفادة من فرص الاستثمار المتعددة فى مصر، خاصة أن جهود الدولة فى مجال التنمية الزراعية واستصلاح وتعمير المناطق الجديدة هو من المجالات الواعدة التى تحقق عوائد للمستثمرين، وقيمة مضافة للاقتصاد الوطنى. 

وتابع، “وفى الوقت نفسه فإن استثمار مدخرات المصريين بالخارج بالدولار فى مشروعات الدولة يزيد من تدفق تحويلات العملات الأجنبية إلى داخل البلاد، وهو هدف نعمل من أجله جميعاً”.

يأتى ذلك فى الوقت الذى سجلت تحويلات المصريين فى الخارج ارتفاعاً بمعدل 51.3% فى 2024 لتصل إلى نحو 29.6 مليار دولار، مقابل نحو 19.5 مليار دولار خلال 2023. 

الدكتور عبدالنبى عبالمطلب

وقال الدكتور عبدالنبى عبالمطلب، الخبير الاقتصادى ووكيل وزارة التجارة سابقاً، إن المبادرات التى تستهدف المصريين فى الخارج جيدة، وكنت شخصياً ربما من أوائل من نادوا بهذه الفكرة. 

أضاف عبدالمطلب، أنه فى عام 2011 عندما كنا نستعرض زيادة تحويلات المصريين فى الخارج التى ارتفعت من 9 مليارات دولار فى نهاية يونيو 2010 إلى 18 مليار دولار فى نهاية يونيو 2011، طالبت بأن تكون هناك مبادرات لربط العاملين المصريين بالخارج بالوطن الأم، واقترحت تخصيص قطع من الأراضى لبناء ما يسمى وقتها ببيت الوطن. 

وأوضح الخبير الاقتصادى، أن هذه المبادرات جيدة، لكنها تستلزم مجموعة من الشروط والمعايير، أهمها أن يكون هناك إحساس لدى المواطن المصرى فى الخارج بأن الدولة تسعى إلى ربطه بالوطن ولا تسعى إلى ابتزازه أو أنها تنظر إليه على أنه محول للدولارات، أى أن المصرى سواء فى الداخل أو فى الخارج يحتاج إلى أن يشعر بأن الدولة تعامله كمصرى وليس مواطن مدر للدخل فقط. 

وأشار إلى أن هدف هذه المبادرات يجب أن يكون تكريس الانتماء لدى المصريين فى الخارج بوطنهم، إلا أن الدولة قد تكون أهدافها اجتذاب الكثير من العملة الصعبة، وزيادة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، ومشاركة المصريين فى الخارج أرزاقهم، قائلاً “بالتأكيد الدولة لديها مجموعة أهداف لكن أنا شخصيا أتمنى أن يكون لدى الدولة خطة ورؤية تصل إلى المصريين فى الخارج بأن الهدف هو ربطهم بالوطن وتنمية الشعور بالانتماء لدى الأجيال الحالية والأجيال القادمة من العاملين فى الخارج”. 

ولفت عبدالمطلب، إلى أن هذه المبادرات سوف تنجح فى جذب المصريين فى الخارج للاستثمار فى مصر، لكن الاستثمار له مجموعة شروط أهمها أن يشعر المستثمر بأنه سوف يحقق أقصى ربح ممكن فى المجال الذى يضخ أمواله فيه، وأن يكون هناك أقل نسبة مخاطرة، ونوع من الأمان والاستقرار وضمان استمرارية هذه الاستثمارات، وبالتأكيد هذه المبادرات سوف تجذب جزء غير قليل من مدخرات المصريين العاملين فى الخارج، وقد تجذب عدداً غير قليل من الشركات المصرية المملوكة للمصريين فى الخارج للاستثمار بمصر، لكن يتوقف مدى نجاحها بشكل كبير على مناخ الثقة ما بين المصريين فى الخارج والدولة والحكومة فى الداخل. 

وطالب الخبير الاقتصادى، بضرورة إشاعة مناخ الثقة وأن تكون هناك قناعة لدى الحكومة ولدى المصريين فى الخارج بأن التنمية فى مصر سوف تعود ثمارها على الجميع، وعلى المصريين بشكل عام سواء كانوا فى الداخل أو فى الخارج، وأن يكون لدى الدولة خطة واضحة للتنمية وجذب الاستثمارات الخارجية، تنعكس آثارها ونتائجها وعوائدها على الجميع، بما فيهم الأجيال الحالية والمستقبلية. 

وأشار إلى أنه فى حالة نجاح هذه المبادرات ستكون العوائد والنتائج كبيرة جداً، أبرزها زيادة تحويلات المصريين بشكل أكبر وتوفير مزيد من العملة الصعبة وتقليل الضغوط على الجنيه المصرى، وجذب جزء غير قليل من مدخرات المصريين فى الخارج للاستثمار فى عملية التنمية بمصر، وإفساح المجال لعودة بعض العقليات والشخصيات ورجال الأعمال المصريين الذين حققوا نجاحات كبيرة فى الخارج، وبالتالى ستعود بالنفع على الاقتصاد المصرى ككل. 

الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى 

فيما قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن مبادرة مزرعتك فى مصر يجب أن تكون جادة بشكل أكبر من أجل لإقناع المصريين فى الخارج بضخ أموالهم فيها، لأن مشروع المليون ونصف المليون فدان أطلق منذ 2016 وقيل وقتها إنه سيتم طرح 80% من هذه المساحة على المستثمرين و20% على الشباب، لكن الإقبال لم يكن كبيراً على هذا المشروع. 

أضاف صيام، أن المشكلة الأساسية فى هذا المشروع تتمثل فى أن جزءاً كبيراً من الأراضى تتم زراعتها بالمياه الجوفية، التى تحتاج إلى تكاليف عالية للوصول إليها تحت الأرض لأنها على أعماق كبيرة، وبالتالى الزراعة أو الاستثمار فيها غير اقتصادى، ولكن إذا تم حل مشكلة المياه فإن المبادرة ستكون جيدة. 

وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى، أن بئر المياه الجوفية الواحدة تخدم مساحة تصل إلى 200 فدان، وإذا كانت مصادر المياه غير مستمرة فإن المشروع سوف يفشل فى النهاية، وهذه مشكلة الأراضى الجديدة عموماً، بالإضافة إلى ضرورة حل مشكلة تقنين الأراضى التى تستغرق وقتا طويلا وتكاليف مرتفعة. 

وأشار إلى أنه يجب على الدولة الإعلان عن تفاصيل الخدمات التى سيتم تقديمها للمستثمرين فى هذه الأراضى بشكل مفصل، سواء خدمات الإرشاد الزراعى أو التسويق أو توفير مستلزمات الإنتاج وأسعارها وغيرها من العناصر الأساسية التى يحتاجها المستثمر لتحديد قراره الاستثمارى. 

كما يجب إعداد دراسات جدوى لهذه المشروعات ومدى استمرارية المشروع ومساهمته فى التنمية الاقتصادية والزراعية والإعلان عن تفاصيلها بكل وضوح، لأن المصرى فى الخارج أو أى مستثمر لن يدفع أموالاً فى مشروع لا يعرف تفاصيله الدقيقة، ويجب أن توضح هذه الدراسات معدل العائد على الاستثمار بشكل دقيق، ووقتها سيتجه المواطن للاستثمار بدلاً من وضع أمواله فى البنوك، إذا وجد أن العائد 20 أو 30%. 

وتابع: “يجب أن تخلق الدولة مناخ ثقة مع المصريين فى الخارج وتعمل بكل جهدها لنجاح المرحلة الأولى من هذه المبادرات، لأن الانطباع الأول هو الأهم، وفى حالة الإخفاق فيه، فإن المبادرات ستفشل فى النهاية”. 

وأكد صيام، أنه فى حالة نجاح هذه المبادرات، سيكون لها تأثير إيجابى جداً على الاستثمار الزراعى فى مصر سواء فى زيادة الرقعة الزراعية، أو حجم الإنتاج، مع أهمية ضمان الدولة تسويق الإنتاج سواء فى السوق المحلى أو التصدير لأن مساحات كبيرة من المشروع فى توشكى وأماكن بعيدة، بالإضافة إلى جذب المزيد من العملة الصعبة، قائلاً: “إحنا كده بنضرب عصفورين بحجر واحد”.