وكيل الأزهر: بناء الإنسان قضية أمن قومي وهدف استراتيجي

وكيل الأزهر: بناء الإنسان قضية أمن قومي وهدف استراتيجي

أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أن بناء الإنسان والنهوض به وسط عالم مضطرب ومليء بالتقلبات يمثل قضية أمن قومي لمصر، وهدفًا استراتيجيًا يتطلب تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة.

 جاء ذلك خلال كلمته، اليوم السبت، بالمؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، تحت عنوان «بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة».

البناء الحقيقي يتطلب صناعة ثقيلة

وأوضح الضويني أن بناء الإنسان لا يتحقق بالشعارات أو الكلمات الرنانة، بل يحتاج إلى جهد شاق وعمل متواصل، خاصة مع ما يشهده العالم من تغيرات متسارعة في مختلف مجالات العلوم النظرية والتطبيقية. وشدد على أن التغيرات الفكرية والثقافية تسعى لاختراق عقائد المجتمعات وهويتها، مما يفرض ضرورة التمسك بالثوابت والأسس الدينية والتاريخية واللغوية والقيمية.

في مواجهة محاولات تزييف الهوية

وأشار وكيل الأزهر إلى أن العالم يعيش اليوم اشتباكات فكرية واستقطابات سياسية تهدف إلى سلخ الإنسان من تاريخه ودينه وقيمه، معتبرًا أن حماية الهوية الثقافية والدينية للأمة ضرورة قصوى. ونوّه إلى أن المؤتمر يأتي دعمًا لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي «بداية جديدة لبناء الإنسان»، والتي تهدف إلى الاستثمار في رأس المال البشري بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة.

تحديات خطيرة وواجبات ملحّة

وتناول الضويني في كلمته خطورة التفكك القيمي والثقافي الذي يشهده العالم حاليًا، مشيرًا إلى أن بعض القوى العالمية تستخدم مفاهيم الحرية والحقوق لتزييف الحقائق وتشويه المفاهيم، مما يستهدف عقول الشباب ويُدخلهم في صراعات فكرية وشهوات تُبعدهم عن ثوابتهم الدينية وهويتهم الأصيلة.

ودعا إلى ضرورة الوعي بالمخاطر المحدقة، والتحلي بالبصيرة واليقظة الدائمة لمواجهة هذه التحديات، مؤكدًا أن الأمة الإسلامية منصورة بإذن الله رغم ما تواجهه من ابتلاءات ومحن.

ذكرى تحرير سيناء وأمل الانتصار

وفي سياق حديثه، هنّأ وكيل الأزهر مصر والأمة العربية والإسلامية بذكرى تحرير سيناء، مستحضرًا معاني التضحية والفداء التي جسدتها الأمة في معركة الدفاع عن الأرض والعِرض. كما ربط هذه الذكرى بما يحدث في فلسطين حاليًا من جرائم حرب ممنهجة، مشددًا على أن الأمة قادرة بإرادة الله على تجاوز المحن وكسر القيود.

بناء الإنسان بين تحديات العصر ومتطلبات الشريعة

وبيّن الضويني أن العالم اليوم بحاجة ماسة للتمسك بهدي السماء، إذ لا سبيل لبناء إنسان متوازن إلا بالثبات على القيم الربانية التي تمنحه هوية راسخة لا تذوب مع الزمن. وأوضح أن بناء الإنسان وفق مقاصد الشريعة الإسلامية هو السبيل الأمثل لمواجهة تحديات العصر، لكون الشريعة تعنى ببناء الجوانب الروحية والعقلية والسلوكية للإنسان.

وأكد أن الأزهر الشريف يضطلع بدور تاريخي في حماية الشباب من تيارات الانحراف الفكري، من خلال إنتاج علمي وفكري رصين، وتنظيم مؤتمرات دولية تسهم في تفكيك المفاهيم المغلوطة.

الأسرة والتعليم شريكان في البناء

وشدد الضويني على أن بناء الإنسان يبدأ من الأسرة، التي تضع الأساس القيمي والأخلاقي، ثم تأتي المؤسسات التعليمية لتشكيل العقل والضمير. وأكد أن التعليم اليوم مطالبٌ ببناء شخصية نقدية متزنة قادرة على التفكير والتحليل، وليس مجرد حفظ المعلومات، داعيًا إلى مراجعة المناهج والسياسات التعليمية بما يحقق هذا الهدف.

مؤتمر نوعي لبناء مستقبل الإنسان

واعتبر وكيل الأزهر أن أهمية المؤتمر تكمن في كونه يناقش بعمق العلاقة بين بناء الإنسان ومواجهة تحديات العصر، ويؤسس لرؤية شاملة تستهدف تنمية مختلف جوانب الإنسان الفكرية والاجتماعية والقيمية، بما يعزز قدرته على الصمود والتميز.

 

وفي ختام كلمته، أكد الضويني على ثلاث رسائل رئيسية:أن بناء الإنسان مسؤولية عملية تتطلب خططًا وبرامج ملموسة، أن البناء يجب أن يتجاوز الحدود الجغرافية، مع الحفاظ على الهوية الوطنية والدينية، أن تحقيق التوازن بين متطلبات الروح والعقل والجسد ضروري، مع تبني مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والتعلم المستمر.