عودة “ثلاثي الجوار” إلى القضية الليبية.. هل يسهم التنسيق العربي في تحقيق توافق دولي؟

عودة “ثلاثي الجوار” إلى القضية الليبية.. هل يسهم التنسيق العربي في تحقيق توافق دولي؟

فتحت عودة اجتماعات مصر والجزائر وتونس بابا للأمل بشأن دعم دولي لحل الأزمة في ليبيا من جبهة دول الجوار العربي، وذلك على وقع اجتماع مهم لوزراء خارجية الدول الثلاثة في القاهرة الأسبوع الماضي.

وبات من الواضح أن الأمر لن يتوقف عند اجتماع القاهرة، إذ أن الدول الثلاث قررت عقد جولتين آخرتين تستضيفهما الجزائر وتونس هذا العام، وخرجت برسائل سياسية مهمة إلى الأطراف الليبية.

عودة هذه الاجتماعات الثلاثية ينتظر إليها محللون باهتمام في ضوء توافق دول الجوار الثلاثة على دعوة الأطراف الليبية إلى ضرورة الإسراع في التوصل إلى حل للأزمة الليبية، وإنهاء حالة الانقسام السياسي والعسكري، خصوصا أنها تأتي بعد أقل من أسبوعين من اشتباكات بين ميليشيات مسلحة شهدتها العاصمة.

والآلية الثلاثية بين مصر والجزائر وتونس جرى تدشينها عام 2017 وتوقفت عام 2019، وكان إحياء اجتماعهم يحمل دعوة واضحة من جانب وزراء خارجية الدول الثلاثة عن تجديد الدعوة إلى «التزام أقصى درجات ضبط النفس والوقف الفوري للتصعيد، بما يكفل سلامة الشعب الليبي». إلى جانب أهمية المضي قدما بالعملية السياسية في ليبيا نحو توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، وعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن.

دور دولي في الحل الليبي؟
في الوقت نفسه، ووفق مراقبين، فإن مسارعة الدول الثلاثة (مصر وتونس والجزائر) إلى هذه الآلية تأتي تجاوبا مع تسارع التحرك الدولي بشأن ليبيا، وتحديدا مخرجات اللجنة الاستشارية المكلفة من جانب الأمم المتحدة، مما فتح باب تساؤلات أوسع حول ما إذا كان اتفاق الجوار هو بداية لتفاهمات دولية تقود لتسوية دائمة في ليبيا.

وهنا يمكن قراءة الاهتمام الأميركي بهذا اللقاء الثلاثي، في ضوء اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطى وزير الخارجية من كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشئون العربية والشرق الأوسط والمستشار رفيع المستوي لأفريقيا مسعد بولس.

– للاطلاع على العدد «498» من جريدة «الوسط».. اضغط هنا
– الخارجية الجزائرية: دول الجوار الثلاث الأكثر حرصا على التعجيل بإيجاد تسوية نهائية للأزمة الليبية
– وزير خارجية تونس: ندعم التوصل لحل توافقي بين الليبيين بمساندة أممية
– وزير الخارجية المصري: يجب تفكيك الميلشيات في ليبيا ونزع سلاحها.. والأولوية «لانتخابات متزامنة»
– مصر والجزائر وتونس تدعو إلى الوقف الفوري للتصعيد وإنهاء الانقسام في ليبيا

واللافت أيضا أن هذا هذا الاتصال بين عبدالعاطي ومستشار ترامب جاء بعد موقف مرحب من جانب واشنطن بنتائج الاجتماع الثلاثي بين مصر والجزائر وتونس، عبرت عنه السفارة الأميركية لدى القاهرة، متحدثة عن دورهم في «تعزيز الهدوء والاستقرار».

مسؤولية النخب الليبية
في الداخل الليبي، ومن منظور جلال حرشاوي الباحث المتخصص في شؤون شمال أفريقيا فإن أي جهد لدول الجوار لا يعني تجاهل «مسؤولية النخب الليبية عمّا يحدث»، وفقما قال لـ«بوابة الوسط».

يشار إلى أن وزير الدولة للاتصال والشؤون في حكومة الوحدة الوطنية بحث في لقاءين منفصلين الأحد، مع سفير الجزائر لدى ليبيا عبدالكريم ركايبي، وسفير تونس الأسعد العجيلي، مخرجات الاجتماع الثلاثي، ونقل رسالة أكد فيها «ضرورة تمكين المؤسستين الشرطية والعسكرية، وإنهاء كافة التشكيلات الخارجة عن هذه الأطر»، وهو الموقف الذي أعلن وزير الخارجية المصري تأييده

كذلك فإن أهمية الاجتماع تأتي تعويضا لتفكك منظومة الجوار الليبي السابقة، التي تضم أيضا السودان وتشاد والنيجر.

يشار إلى أن اجتماعات دول الجوار الليبي التي تضم (مصر والجزائر وتونس والسودان وتشاد والنيجر) سبق أن انخرطت بأكملها في 17 اجتماعا، وجمعها المخاوف من التداعيات السلبية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً للأزمة الليبية على دولها، قبل أن تشهد آخر اجتماع في العام 2022.

أكبر المتضررين من دول جوار ليبيا
أما السودان، فهو أحد أكبر المتضررين من دول الجوار الليبي من توقف الاجتماعات الوزارية السداسية، وفق الخبير الاستراتيجي السوداني العميد جمال الشهيد، إذ انشغل السودانيون منذ 2019 بصراعات داخلية متزايدة، ثم الحرب الكارثية منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، ليغيب منذ ذلك الحين اجتماعات الجوار الليبي التي عدها «منصة إقليمية موازية للتدخلات الدولية».

ويعتقد الشهيد، في تصريح إلى «بوابة الوسط»، أن «توقف اجتماعات دول الجوار الليبي مثّل فراغاً استراتيجياً خطيراً، أضعف الدور السوداني الإقليمي، وترك فراغاً ملأته قوى أجنبية ذات أجندات خاصة. ويضيف «لو استمرت هذه المنصة، لكانت أداة مفيدة في ضبط الحدود، ومحاصرة تجارة السلاح، والحد من تهريب المقاتلين».

متغيرات تواجه دول جوار ليبيا
المتغيرات التي واجهت دول في الجوار الليبي تنصرف إلى النيجر التي «تمرّ بوضع مقلق جداً اللتي تشهد تزايدا في قوة تنظيمي داعش والقاعدة»، بحسب جلال حرشاوي، الذي قال «يجب ألا نتصوّر أن جيران ليبيا جميعهم في وضع أفضل منها».

وتخضع إدارة ليبيا إلى حكومتين متنافسيتين، الأولى في طرابلس غرباً، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، وهي الحكومة التي أقالها البرلمان، لكن تعترف بها الأمم المتحدة، والثانية في مدينة بنغازي بالمنطقة الشرقية، برئاسة أسامة حمّاد، ويتكليف من مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح.