أيدي مرفوعة للدعاء ودموع تتساقط وقلوب خاشعة.. الحجاج يقومون بأداء الركن الأساسي للحج في جبل عرفات تحت أشعة الشمس الحارقة.

أكف مرفوعة بالدعاء وعيون منهمرة بالعَبرات وقلوب خاشعة، هكذا الحال على جبل عرفات، حيث يقف حجاج بيت الله الحرام لأداء الركن الأعظم للحج، وسط درجات حرارة مرتفعة، دفعت السلطات السعودية إلى دعوتهم جميعا للبقاء في الخيام خلال ساعات النهار الأشد حرّا.
ورغم الحر الشديد وتحذيرات السلطات بعدم التعرّض للشمس مباشرة خلال ساعات الذروة، تحدّى بعض الحجّاج الحرارة وصعدوا جبل عرفات أو تجمّعوا عند سفحه، فيما حملت غالبيتهم مظلات ملوّنة.
فيما أكدت وزارة الحج على جميع الحجاج البقاء في مخيماتهم من 10 صباحًا إلى 4 مساءً حفاظًا على سلامتهم من الإجهاد الحراري، وفق وكالة الأنباء الرسمية السعودية «واس».
ووزّعت السلطات أكياس ثلج على الحجّاج وهم يسيرون نحو الجبل عند الظهر، ووضع بعضهم الأكياس الصغيرة على رؤوسهم.
وبدأ حجاج بيت الله الحرام مع إشراقة صباح اليوم الخميس التاسع من شهر ذي الحجة لعام 1446هـ بالتوجه إلى صعيد عرفات مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفهم العناية الإلهية، ملبين متضرعين داعين الله عز وجل أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.
وواكبت قوافل ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات الطاهر متابعة أمنية مباشرة يقوم بها أفراد مختلف القطاعات الأمنية التي أحاطت طرق المركبات ودروب المشاة لتنظيمهم حسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم.
وهناك، يمضي الحجيج نهارهم في تأدية العبادات، من الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن، حتى غروب الشمس.
وتوافد أكثر من مليون ونصف مليون مسلم إلى السعودية لأداء فريضة الحج، بحسب ما أفادت وزارة الحج الأربعاء.
فيما أكد خطيب يوم عرفة الشيخ د.صالح بن حميد، أن التقوى هي التمسك بدين الله والعمل بشرعه خوفا من عقابه ورجاء حسن ثوابه، دين الله الذي أكمله في مثل هذا اليوم.
فيما دعا بن حميد، للفلسطينيين مع ما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة متواصلة، قائلا «اللهم كن لإخواننا في فلسطين وتولى شأنهم وأطعم جائعم واجبر كسيرهم واكفيهم شر أعدائهم.. اللهم وانصرهم على عدوك وعدوهم بقوتك يا قوي يا عزيز».
خطيب
#يوم_عرفة الشيخ د. صالح بن حميد: اللهم تولى شأن إخواننا في #فلسطين اللهم أشبع جائعهم وأمن خائفهم واكفهم شر أعدائهم#الحج_عبر_الإخبارية | #الإخبارية pic.twitter.com/dUjn6deXaa — قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) June 5, 2025
وبدموع الفرح، قالت المصرية إيمان عبد الخالق إنها كانت تحاول المجيء إلى الحج منذ عشر سنوات.
وشرحت السيدة الخمسينية لوكالة «فرانس برس» وهي تقف قرب جبل عرفات «هذا حلم كبير كنت فقدت الأمل في تحقيقه».
أمّا علي البالغ 33 عاما، الذي جاء من باكستان، فقال «هذا شيء اعتدتُ رؤيته سنويا على شاشة التلفزيون خلال موسم الحج».
وأضاف وهو ينظر إلى جبل عرفات «أحاول الوصول إلى هنا.. منذ ثلاث سنوات. أشعر بنعمة كبيرة».
ودعت السلطات السعودية الحجّاج إلى البقاء داخل خيامهم بين الساعة العاشرة صباحا والرابعة بعد الظهر في يوم عرفة، لتفادي التعرض لشمس الصحراء الحارقة.
على صعيد عرفة قلوب بيضاء وأكف مرفوعة وخطى تسير في يسر ضمن تنظيم وتفويج يجسدان العناية بضيوف الرحمن
#الحج_عبر_الإخبارية | #الإخبارية pic.twitter.com/2wjRzfg7Kc — قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) June 5, 2025
وقال عادل إسماعيل (54 عاما)، وهو حاجّ من سورية، إنه جاء باكرا لتفادي الشمس، مؤكّدا «بعد ذلك سوف نختبئ في الخيمة».
ووُزّعت المراوح المزودة برذاذ الماء مع توفير الهواء البارد، على الحجّاج في محيط الجبل.
وبعد الغروب، سيتوجه الحجاج إلى مشعر مزدلفة الذي يتوسط عرفات ومِنى، للاستراحة والمبيت هناك استعدادا ليوم النحر وهو يوم العيد. ويبدأ الحجّاج جمع بعض الحصى التي يستخدمونها في رمي جمرة العقبة.
وعشية ركن عرفة الأعظم، وصلت الحرارة الأربعاء إلى 42 درجة مئوية في مكة المكرمة ومشاعر عرفات ومنى ومزدلفة، وفق المركز الوطني للأرصاد.
وحذّرت وزارة الصحة في بيان نقلته «واس»، من «تسلّق الجبال أو المرتفعات في يوم عرفة» لما يسبّبه ذلك من «إجهاد بدني شديد يزيد من احتمال التعرض للإجهاد الحراري».
ونصحت الوزارة أيضا الحجيج بالتنقل مع حمل مظلة وشرب كمية كافية من السوائل.
وعند الظهيرة في يوم عرفة، بدأت وزارة الصحة السعودية رصد حالات إجهاد حراري، وفق ما نقلت قناة الإخبارية الحكومية.
ويشهد موسم الحج هذا العام تعزيز الإجراءات الوقائية من الحرّ، لتفادي كارثة العام الماضي عندما توفي 1301 شخص، عندما بلغت درجات الحرارة 51,8 مئوية، وفق السلطات السعودية.
ولجعل الحج أكثر سلاسة وأمانا، طوّرت السلطات البنى التحتية وحشدت آلاف الموظفين الإضافيين، واعتمدت على ترسانة تكنولوجية متقدّمة تساعد على إدارة الحشود بشكل أفضل.
وأعلنت السلطات السعودية حشد أكثر من 250 ألف موظف، والتنسيق بين أكثر من 40 جهة حكومية، لمواجهة موجات الحرّ المحتملة، وفق ما أفاد وزير الحج توفيق الربيعة الأسبوع الماضي.
إجراءات تنظيمية صارمة
ومن بين الإجراءات أيضا، زيادة المساحات المظلّلة بـ50 ألف متر مربع، ونشر آلاف الطواقم الطبية، وتوفير أكثر من 400 وحدة تبريد.
وتجاوز عدد الحجاج الوافدين إلى المملكة 1,4 مليون شخص، وفق السلطات السعودية.
وشكّلت إدارة الحشود تحديا كبيرا في مواسم الحج السابقة، لا سيما في العام 2015 عندما قضى نحو 2300 شخص جرّاء تدافع كبير.
وبالنسبة إلى وفيات عام 2024، كانت السعودية أفادت بأنّ غالبية الضحايا لم يستحصلوا على تصاريح رسمية للحجّ، وبالتالي كانوا يفتقرون إلى وسائل الراحة مثل الخيام المكيّفة والحافلات للتنقّل.
أما هذا العام، فأطلقت السلطات حملة واسعة لمكافحة الحجّاج غير النظاميين الذين يحاولون التسلّل إلى مكّة، وتضمنّت عمليات دهم متكرّرة، ومراقبة عبر طائرات مسيّرة، وإرسال تنبيهات نصّية.
وساهم بالفعل تطبيق إجراءات تنظيمية صارمة هذا العام في «تقليل الازدحام العشوائي في المشاعر المقدسة»، وفق ما أكّد مسؤول في وزارة الحج للوكالة الفرنسية.
وتُعطى تصاريح الحج للدول وفق نظام الحصص، ثم تُمنح للأفراد عادة عبر قرعة، لكنّ التكاليف المرتفعة تدفع بعض من حصلوا عليها إلى أداء الحجّ دون تصريح، ما يعرّضهم لخطر التوقيف والترحيل.
حجاج بيت الله الحرام على مشعر عرفات. 5 يونيو 2025. (واس) حاجة تبكي على مشعر عرفات. 5 يونيو 2025. (واس)
حجاج بيت الله الحرام على مشعر عرفات. 5 يونيو 2025. (واس)