«المصور الليبي أحمد السيفاو في يوم التصوير العالمي: “السيفاو.. رؤية ليبيا التي ستظل ساطعة”»

يُعَدّ المصوّر الليبي أحمد السيفاو واحدًا من أبرز الأسماء التي حفرت حضورًا عميقًا في ذاكرة التصوير الفوتوغرافي الليبي والعربي، بعدما وُلد عام 1953، ونشأ في بيئة بسيطة قبل أن يكتشف مبكرًا شغفه بعدسة الكاميرا. ومنذ بداياته الأولى، حمل السيفاو الكاميرا كأداة للتوثيق والفن، فحوّلها إلى عين ثالثة ترى ما لا يُرى، وتُعيد تشكيل المشهد بروح شاعرية.
مسيرة فنية تمتد لأكثر من 35 عامًا
على مدى أكثر من 35 عامًا، قدّم السيفاو مسيرة حافلة بالمعارض والأعمال التي وثّقت الإنسان والمكان والتراث الليبي المهدّد بالاندثار. التقط صورًا لأزقة طرابلس القديمة، وأبواب غدامس، وطرقات نالوت والجبال الغربية، ليصوغ من الضوء والظل سردًا بصريًا غنيًا بالحنين والهوية. وقد وصف النقاد أعماله بأنها قصائد من ضوء وظل تنبض بروح الوطن.
أسلوبه الفني ورؤيته البصرية
تميز أسلوب السيفاو بالانتقال من التصوير بالأبيض والأسود إلى اللون، لكنه ظل يحافظ على رؤيته الفنية العميقة في التعامل مع الضوء، حيث كان يعتبره روح الصورة ومحركها الأساسي. ومن المحطات المهمة في مسيرته عمله في السبعينات إلى جانب مدير التصوير الإيطالي كارلو كارليني، وهو ما أضفى على تجربته بعدًا سينمائيًا مؤثرًا. كما تأثر بفنون النحت والرسم على يد فنانين محليين بارزين، الأمر الذي أغنى تكوينه البصري.
التراث الليبي في عدسته
أقام السيفاو العديد من المعارض الفنية داخل ليبيا وخارجها، من بينها: صناعة القلق، ومسيرة الشمس، وذاكرة الأشياء، وطرابلس.. أرض الزهر والحنة، وهَزِيع الليل. وقد حظيت أعماله بتقدير محلي ودولي، ونال جوائز تركت اسمه محفورًا في ذاكرة الفن الفوتوغرافي.
ظل السيفاو حتى رحيله في 20 فبراير 2020 وفيًّا لرسالته الفنية، ملتقطًا آخر الكوادر وكأنها وصايا ضوئية للأجيال القادمة. وقد أُقيمت بعد رحيله معارض تكريمية له، أبرزها معرض «رحلة صورة»، الذي احتفى بإرثه الكبير وأثره في المشهد الثقافي الليبي.
لم يكن أحمد السيفاو مجرد مصور، بل كان شاعرًا بالعدسة، جعل من الضوء وسيلة لحماية الذاكرة الليبية من النسيان. اسمه الذي يعني «الضوء» بالأمازيغية لم يكن مجرد لقب، بل رسالة فنية كاملة جسّدها في أعماله، ليبقى نوره حاضرًا في يوم التصوير العالمي، وكل يوم.