صحيفة “الوسط”: تيتيه تفتح الطريق الدولي نحو “خارطتها” الجديدة

صحيفة “الوسط”: تيتيه تفتح الطريق الدولي نحو “خارطتها” الجديدة

أطلقت المبعوثة الأممية هانا تيتيه سلسلة جولات إقليمية شملت «الشركاء الدوليين» قبل أقل من أسبوعين من إعلانها المرتقب لخريطة الطريق الجديدة، التي يقال إنها تستمِد شرعيتها من الإرادة الشعبية لكسر الجمود السياسي في ليبيا، وستحدد جدولاً زمنيًا لها.

وتتطلع تيتيه إلى إنهاء حالة إحباط الليبيين من الطبقة السياسية المتسببة حالياً في صراعات تتعلق بمشروع الموازنة أو الاستفتاء على الدستور والمحكمة الدستورية، وغيرها.

مشاورات تيتيه في عدة عواصم
وبينما تتردد الأسئلة في أوساط الليبيين حول إمكانية تسليط مجلس الأمن عقوبات فردية ضد المعرقلين لخريطة الطريق القادمة كي تضع الأطراف المعنية أمام المسؤولية، كثفت تيتيه مشاوراتها في عدة عواصم دولية، آخرها لندن بعد الرباط وروما.

وناقشت المبعوثة الأممية مع وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية، هاميش فالكونر وعدد من المسؤولين البريطانيين آخر التطورات السياسية والأمنية في ليبيا، والوضع الإقليمي الأوسع، بالإضافة إلى التحضيرات لإحاطتها المقبلة أمام مجلس الأمن الدولي المقررة في 21 أغسطس الجاري، وخطة إطلاق خارطة الطريق الأممية نحو حل شامل ومستدام في ليبيا.

وكشفت تصريحات صحفية للمبعوثة عن أكبر العقبات التي تعرقل كسر الجمود السياسي في ليبيا، والذي اختزلته في عقبتين هما: غياب سياسة مالية موحدة، ووجود مرتزقة أجانب على الأراضي الليبية.

تيتيه تسعى للوصول إلى جميع الليبيين
وفي إشارة إلى استناد خطتها المأمولة إلى الإرادة الشعبية، قالت تيتيه في حوارها مع وكالة نوفا الإيطالية، إن البعثة تتبع نهجًا تصاعديًا حيث تسعى للوصول إلى جميع الليبيين، مؤكدة أن الأمم المتحدة «لم تتعامل مع القضية الليبية كما لو كانت نخبة تحاول فرض رؤيتها من الأعلى».

وفي العاصمة المغربية الرباط التي كان لها دور في تيسير المشاورات بين مجلسي النواب والدولة، أكدت ضرورة التغلب على المأزق السياسي، والوصول إلى الانتخابات.

وفي الوقت ذاته، تبادلت تيتيه مع عدد من المسؤولين الإيطاليين الآراء حول المستجدات السياسية والاقتصادية والأمنية في ليبيا، مؤكدة «التزام البعثة اتباع نهج شامل وواقعي في وضع وتنفيذ خريطة الطريق» المتبقية، كما كان الملف الليبي في يونيو الماضي، على طاولة اجتماع برلين الذي ضم كبار مسؤولي لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، برئاسة مشتركة من تيتيه، والمبعوث الألماني الخاص إلى ليبيا كريستيان باك، وانتهى بتصعيد لهجته ضد معرقلي العملية السياسية.

– تيتيه لـ«نوفا»: هذه أكبر العقبات أمام حل الجمود السياسي في ليبيا
– لا مفر من «العقوبات».. هل يتفاءل الليبيون بخارطة تيتيه المنتظرة أمام مجلس الأمن؟ (فيديو)
– المنفي يبحث مع غوتيريس التطورات السياسية والأمنية في ليبيا
– في حديث لـ«قناة الوسط».. خبراء اقتصاد ينتقدون «ميزانية 2025»: أرقام متناقضة ومشروع تأخر 7 أشهر
– 4 ملاحظات عليها.. ناجي عيسى يطالب عقيلة بتأجيل اعتماد الموازنة
– للاطلاع على العدد «507» من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وتقترح لجنة العشرين الاستشارية التي شكلتها البعثة أربعة خيارات يمكن أن ترتكز على إحداها خريطة طريق لإنهاء المرحلة الانتقالية، ويتعلق الأمر بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالتزامن، أو إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً ويليها اعتماد دستور دائم، أو اعتماد دستور دائم قبل الانتخابات، أو إنشاء لجنة حوار بناءً على الاتفاق السياسي تعمل على حل إشكالية القوانين الانتخابية والحكومة الموحدة والدستور الدائم.

المنفي في تركمانستان
وحمل رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ملف الأزمة الليبية معه إلى تركمانستان، حيث ناقش مستجداتها مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس ومسؤولين دوليين آخرين.

وقال المجلس الرئاسي، إن المنفي الذي حضر هناك أعمال المؤتمر الثالث للأمم المتحدة للدول النامية في أفازا بتركمانستان، التقى غوتيريس على هامش أعمال المؤتمر، وبحث معه آخر «سُبل دفع العملية السياسية إلى الأمام، بما يحقق الاستقرار والوصول إلى انتخابات وطنية شاملة».

وقبل زيارة تركمانستان، أكد المنفي خلال لقائه رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، مراجع نوح، أن مشروع الدستور الذي سبق أن أعدّته هيئة منتخَبة، هو الأساس لأي تسوية سياسية، والوثيقة التي لا يجوز الالتفاف عليها أو إحلال أي بدائل مكانها دون العودة إلى الإرادة الشعبية عبر الاستفتاء المباشر.

دفع «الرئاسي» نحو مسار الدستور
ويأتي هذا في سياق دفاع المجلس الرئاسي عن وثيقة مشروع الدستور الليبي، بعدما أمهل رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات عماد السايح في بداية مايو الماضي 30 يومًا للاستفتاء الشعبي عليه.

ويرى متابعون للشأن الليبي أن هذا التوجه قد يعمق حالة عدم اليقين بشأن التزام الأطراف الليبية بالموافقة على ما ستفرزه جلسة مجلس الأمن المقبلة، خاصة وأن الصراع اشتد بين مجلس النواب وكل من «حكومة الوحدة الوطنية الموقتة» والمجلس الأعلى للدولة، ما يجعل الوصول إلى تسوية وطنية شاملة ليس سهلاً.

واتهم رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد حكومة خصمه عبدالحميد الدبيبة بمنع النواب من ممارسة مهامهم الدستورية وعرقلة مناقشة الميزانية على خلفية منع وصول أعضاء البرلمان وعددهم 50 إلى بنغازي من مطار معيتيقة الدولي يوم الإثنين الماضي لحضور جلسة المناقشة، وعقب ذلك عقد مكتب رئاسة مجلس النواب مساء الأربعاء اجتماعًا دوريًا بمقر ديوان المجلس في مدينة بنغازي.

جدل حول مشروع الميزانية
كما تقرر دعوة البرلمانيين إلى حضور جلسة رسمية الإثنين الموافق 18 أغسطس الجاري، لمناقشة مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للعام 2025، فيما وُجهت دعوة رسمية إلى محافظ مصرف ليبيا المركزي لحضور الجلسة، للاستماع إلى عرض وتوضيحات بشأن مشروع الميزانية المقترحة، بعد مطالبة محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى، رئيس مجلس النواب عقيلة بتأجيل اعتماد مشروع الميزانية العامة إلى حين عقد المزيد من «المشاورات بين المصرف ومؤسسات الدولة لوضع ميزانية تحاكي الواقع وتحقق تنمية مستدامة».

وطرح عيسى، في كتابه إلى عقيلة صالح، أربعة ملاحظات وصفها بالجوهرية لضمان إعداد ميزانية واقعية ومتوازنة تأخذ في الاعتبار مقتضيات المرحلة الراهنة، منها «ضرورة التشاور» مع المصرف، كما ينبغي أن يجري وفق أسس واقعية تراعي الإيرادات الفعلية المتوقعة والقدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني، محذرًا من تجاهل هذين الجانبين الذي قد يؤدي إلى «تعميق الأزمة الاقتصادية والنقدية التي يواجهها المصرف المركزي منذ أكثر من عقد من الزمن، وهي أزمة أسفرت عن توسيع فجوة سعر الصرف واضطرار المصرف إلى إعادة تقييم سعر الصرف مرتين خلال الخمس سنوات الأخيرة».

وغير بعيد رفض رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة قرارًا سابقًا كان قد اتخذه مجلس النواب يقضي بتفعيل المحكمة الدستورية، وقال إن «المجلس الأعلى تابع ما تم تداوله بشأن اتخاذ مجلس النواب خطوات تصعيدية لتفعيل المحكمة الدستورية المعلّقة، عبر أداء ما وُصف باليمين القانونية أمام مجلس النواب».

ويبدو أن الحالة الليبية وسط هذه التجاذبات سيستمر دورانها في حلقة مفرغة كما هي منذ سنوات، في انتظار محاولة أممية جديدة للخروج من هذه الحلقة ستكون عبر خارطة الطريق الجديدة المنتظر أن تطرحها المبعوثة الأممية هانا تيتيه في إحاطتها القادمة أمام مجلس الأمن.