كيف تشكّل شاشة التلفزيون سياسة ترامب الخارجية؟

كيف تشكّل شاشة التلفزيون سياسة ترامب الخارجية؟

تجاهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مدى أشهر مناشدات المنظمات الإنسانية الالتفات إلى الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة، قبل أن يبدي قلقه إزاء تزايد الجوع، من دون أن يخفي أن تبدل موقفه يعود للصور التي رآها عبر شاشة التلفزيون.

لم يكن هذا التغيير أو الدافع إليه، مفاجئًا. فالرئيس الجمهوري الذي قد يتخذ غالبًا الموقف ونقيضه، يُعرف عنه إقباله على متابعة قنوات التلفزيون التي أصبحت على مدى الأعوام، نافذته الأولى على أحداث العالم، وأدت دورًا رئيسيًا في رسم سياساته وقراراته، وفق وكالة «فرانس برس».

وأثناء زيارته لإسكتلندا في أواخر يوليو، وردًا على سؤال عما إذا كان يتفق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب بنيامين نتنياهو على عدم وجود مجاعة في غزة، قال ترامب: «لا أعرف. أعني، بناء على ما شاهدته على التلفزيون، أقول لا (أتفق معه) تحديدًا، لأن هؤلاء الأطفال يبدون جائعين جدًا»، وأضاف: «هذا جوع حقيقي. أنا أراه. وهذه أشياء لا يمكن تزييفها».

منذ ذلك الحين، يطالب ترامب بإدخال مزيد المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر والمدمّر جراء حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ 22 شهرًا، على الرغم من أنه لم يقدم على خطوات دبلوماسية في هذا الشأن.

علاقة ترامب بشاشة التلفزيون.. كيف بدأت؟
علاقة ترامب مع الشاشة ليست جديدة؛ إذ ظهر خلال التسعينيات لثوانٍ في مشهد من فيلم «هوم ألون 2»، واكتسب شهرة واسعة من خلال برنامج تلفزيون الواقع «ذا ابرينتيس» (المتدّرب) الذي قدمه بين 2004 و2017، وتنافس خلاله المشاركون على وظائف في شركات الثري الجمهوري الآتي من عالم العقارات.

وفي 2015، قبل عامين من ولايته الأولى، سأل صحفي ترامب كيف يثقف نفسه بشأن الاستراتيجيات العسكرية، فأجابه «أشاهد البرامج» التلفزيونية.

– إعلام إسرائيلي: نتنياهو قرر احتلال كامل غزة.. وترامب منحه الضوء الأخضر
– مسؤولون أمنيون إسرائيليون سابقون يطلبون مساعدة ترامب لـ«وقف الحرب» في غزة
– ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ممكن

ويقول أستاذ الصحافة في جامعة نورث إيسترن الأميركية دان كينيدي لـ«فرانس برس»، إن ترامب يُعرف «بأنه لا يقرأ أي شيء، حتى التقارير التي يعدها مساعدوه، ويعتقد أنه يعرف أكثر من موظفيه ومن أي شخص آخر»، يضيف: «ليس مفاجئًا أن يتأثر (ترامب) بصور رآها على التلفاز، خاصة أنه يقضي وقتًا طويلًا في مشاهدته».

الصورة كسلاح سياسي
منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، حضر ترامب 22 إحاطة من أجهزة الاستخبارات في البيت الأبيض، وفقًا لتعداد الوكالة الفرنسية.

وتشير تقارير صحفية إلى عدم اكتراثه بالمواد المكتوبة. وحسب جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية، أمضى ترامب أثناء ولايته الأولى (2017-2021)، ساعات مطولة يوميًا أمام التلفاز في مشاهدة محطته المفضلة «فوكس نيوز»، إلى جانب قنوات «سي إن إن» و«إن بي سي» و«آيه بي سي».

تبدّل الوضع قليلًا خلال الولاية الثانية التي فاز بها ترامب بعد حملة انتخابية اعتمدت بشكل أساسي على وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج البودكاست.

وفي اتصال هاتفي مطوّل الثلاثاء مع قناة «سي ان بي سي»، قال ترامب: «لقد شاهدت سي إن إن ذاك المساء… لا تحظى بمتابعين وأنا ربما الشخص الوحيد الذي يشاهد هذه القناة».

ويرى كينيدي أن «ترامب هو ابن جيله… هو لا يقضي وقته في متابعة (تطبيق) تيك توك». وبفضل علاقته الطويلة مع التلفزيون، ومن ضمنها 14 موسما من برنامج «ذا أبرينتيس»، يدرك ترامب جيدًا كيف يمكن أن تصبح الصورة سلاحًا سياسيًا مؤثرًا.

وفي مؤشر على إدراكه لتأثير الصورة، قال ترامب في فبراير عقب المشادة الحادة أمام عدسات الكاميرات مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي، إن «هذا سيبدو رائعًا على التلفزيون».