العقول المتعبة تحتاج إلى “لحظة للتأمل” بدلاً من مزيد من التسلية.

العقول المتعبة تحتاج إلى “لحظة للتأمل” بدلاً من مزيد من التسلية.

طالبت دراسة حديثة بالسماح للعقول يمساحة قصيرة من الفراغ، ومنح العقل فرصة للابتعاد عن التركيز والوعي والسماح له بـ«الشرود الذهني»

وقالت الدراسة التي نشرتها دورية «ذي كونفرسيشن»: «في عالم يفيض بالمحفزات، حيث الأخبار تتدفق على مدار الساعة، ووسائل التواصل الاجتماعي لا تتوقف عن الإشعارات، يجد كثيرون أنفسهم في سباق لا ينتهي بحثًا عن جرعة سريعة من التحفيز. لكن في خضم هذا الانشغال المتواصل، يغفل الكثيرون عن حاجة أدمغتهم الملحة إلى الفراغ».

وأضافت الدراسة أن «الفراغ» يمكن أن يكون بمثابة دواء فعّال لمشكلات التوتر، وقلة التركيز، والإجهاد العقلي. هذا ما توضحه نظرية «استعادة الانتباه»، التي وضعها عالما النفس رايتشل وستيفن كابلان في أواخر الثمانينيات، والتي تؤكد أن قضاء وقت في أحضان الطبيعة، أو في لحظات «الملل البنّاء»، يساهم في تجديد قدراتنا الذهنية.

– كيف يؤثر تقليل استخدام الهواتف الذكية على نشاط الدماغ؟
– دراسة تكشف الرابط بين «اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه» والخرف
– دراسة صادمة: الجلوس فترات طويلة يؤدي إلى انكماش الدماغ حتى مع ممارسة الرياضة

فبينما يعتمد التركيز الذهني على الجهد العقلي والتخطيط والانتباه، يعتمد الشرود الذهني على السماح للأفكار بالانسياب دون توجيه. هذا النوع من الانتباه غير المقصود، مثل الاستماع لأصوات العصافير أو تأمل حركة الأشجار، يساعد الدماغ على «إعادة التشغيل».

«كل ثانية تمتلئ بمحتوى جديد»
أوضحت نتائج التصوير الطبي للعقل أن المناطق المسؤولة عن التوتر، خصوصًا في الجهاز الحوفي، تنخفض فعاليتها عند قضاء وقت في بيئات طبيعية. وأثبتت عديد الدراسات أن عشر دقائق فقط من التأمل في مشهد طبيعي، أو حتى مشاهدة مقطع مصوَّر للطبيعة، تؤدي إلى تحسن في التركيز وتقليل الإرهاق الذهني.

ولعل المثير في هذه النتائج أن الحياة الحديثة، بهواتفها الذكية وتطبيقاتها التي لا تهدأ، قد حرمتنا من أبسط لحظات الفراغ. ففي الماضي، كانت فترات الانتظار أو التنقل من دون مشتتات تمنح العقل فرصة للاستراحة، أما اليوم فنملأ كل ثانية بمحتوى جديد.

وتؤكد الدراسة على إن إعادة الاتصال مع الطبيعة، والعودة إلى لحظات التأمل الصامتة، لم تعد ترفًا بل ضرورة. «عقولنا تستغيث»، وتطلب فقط «فرصة للشرود».