تقرير حقوقي يوثق “انتهاكات خطيرة” في ليبيا خلال شهر يوليو

تقرير حقوقي يوثق “انتهاكات خطيرة” في ليبيا خلال شهر يوليو

قالت منظمة «رصد الجرائم في ليبيا» إنها وثقت «استمرارًا مقلقًا للانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية» بحق المدنيين بمن فيهم المهاجرون في ليبيا من قبل الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة، وعلى وجه الخصوص القتل خارج القانون، والاختطاف، والاختفاء القسري، وعرقلة العملية الانتخابية، وسط «غياب أي خطوات جدية للمساءلة»، واستمرار تقاعس السلطات في «الوفاء بالتزاماتها بحماية حقوق الإنسان وضمان عدم الإفلات من العقاب».

جاء ذلك في تقرير للمنظمة خلال شهر يوليو الماضي، أشارت فيه إلى أن فريقها الميداني وثَّق خلال شهر يوليو وفاة الناشط عبدالمنعم رجب المريمي (51 عامًا) بمستشفى الخليل في طرابلس، متأثرًا بإصابات بالغة تعرض لها بعد سقوطه من الطابق الثالث بمقر النيابة العامة في طرابلس.

وأحيل المريمي في اليوم السابق لوفاته إلى النيابة العامة، بعد اعتقاله تعسفيًا يوم 30 من يونيو بمدينة صرمان، حيث جرى اعتراض سيارته من قبل أربع سيارات مدنية تقل أفرادًا بزي مدني تابعين لجهاز «الأمن الداخلي» فرع صرمان، وقاموا باقتياده إلى فرع الجهاز في المدينة.

اختطاف ناشطين
وثقت منظمة رصد في السابع من يوليو اختطاف الناشطين من حراك «انتفاضة شعب»، أيمن زعميط ومحمد عون في مدينة طرابلس، من قبل مسلحين مجهولي الهوية يستقلون سيارة مدنية، وذلك على خلفية مشاركتهما في مظاهرات تطالب بإسقاط السلطات في شرق وغرب ليبيا بما فيها «حكومة الوحدة الوطنية». وقد جرى اقتيادهما إلى مكان مجهول قبل إخلاء سبيلهما يوم 9 يوليو، بعد يومين من الاختطاف، وتعرضهما للتهديد لمنعهما من النشاط ضد السلطات.

ووثقت المنظمة في 21 يوليو، الهجوم المسلح على أحد المرشحين لانتخابات المجلس البلدي ببلدية العزيزية جنوب طرابلس من قبل مسلحين مجهولي الهوية، حيث تعرضت سيارته لإطلاق نار ما خلّف أضرار مادية. وكذلك تعرض المرشح ذاته خلال شهر فبراير لتهديدات في محاولة لإجباره على الانسحاب من الانتخابات.

«اعتداءات ممنهجة وواسعة النطاق»
كما وثق الفريق الميداني «اعتداءات ممنهجة وواسعة النطاق» استهدفت العملية الانتخابية، من بينها إغلاق لمراكز توزيع بطاقات الناخبين في بلدية جنزور بطرابلس، واعتداءات مسلحة على مراكز توزيع بطاقات الناخبين في عشر 10 بلديات على الأقل في بلديات سرت ووادي زمزم وسبها وبنغازي وطبرق وسلوق والأبيار وقمينس وتوكرة وقصر الجدي، نفذها أفراد تابعون لـ«القيادة العامة» في شرق وجنوب ليبيا، بين الثامن والعشرين من يونيو والسادس من يوليو، ما أدى إلى تعليق العملية الانتخابية في تلك البلديات.

كذلك، سجل الفريق الميداني العثور على 31 جثة يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، بينهم ستة مصريين، على شواطئ البحر في مدن طبرق ومصراتة وصبراتة وطرابلس، وذلك عقب حوادث غرق متفرقة لقوارب كانت تقل مهاجرين في طريقهم نحو أوروبا، في مؤشر على استمرار تفاقم أوضاع المهاجرين في ليبيا وفشل السلطات في اتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم.

– «الدولية للحقوقيين» تطالب بوضع حد للاشتباكات المسلحة في طرابلس ومحاسبة المسؤولين عنها
– «تقرير الخبراء»: 5 جماعات مسلحة ليبية ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان

وحمّلت منظمة «رصد الجرائم في ليبيا» المسؤولية القانونية عن الانتهاكات خلال شهر يوليو، بما فيها القتل خارج القانون والاختطاف لكل من «جهاز الأمن الداخلي» في غرب ليبيا، و«القوات المسلحة العربية الليبية»، ومكتب النائب العام الليبي، وحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» و«الكتيبة 55 مشاة» التابعة لوزارة دفاعها، باعتبارهم مسؤولين بشكل مباشر أو غير مباشر عن ارتكاب هذه الانتهاكات، أو الإخفاق في منعها ومحاسبة مرتكبيها.

وأكدت أن ما ورد في التقرير «لا يعكس كل الانتهاكات المرتكبة خلال الشهر، بل يقتصر على الحالات التي تمكّن فريق رصد الميداني من توثيقها بعد التحقق منها والحصول على الموافقة المستنيرة من الضحايا أو ذويهم على النشر، مع مراعاة السرية وعدم تعريض أي طرف للخطر».

توصيات منظمة «رصد الجرائم في ليبيا»
طالبت منظمة رصد الجرائم في ليبيا النائب العام بفتح تحقيق فوري، مستقل وشفاف في جميع حالات عرقلة العملية الانتخابية، والاعتداء على مراكز توزيع بطاقات الناخبين، ومحاسبة جميع المسؤولين عنها لضمان عدم التكرار. كما دعت السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى الامتناع عن التدخل في أعمال المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، واحترام استقلاليتها، وضمان سلامة موظفيها ومقارها من أي تهديد أو توجيه.

ودعت المنظمة كذلك السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى احترام الحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي. كما تطالبها بالوقف الفوري للاعتقال التعسفي والاستهداف الممنهج للمدنيين، خاصة المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمعارضين السلميين، باعتبار أن هذه الانتهاكات تشكل خرقًا جسيمًا للحقوق الأساسية، و«تكرس مناخ الخوف والإفلات من العقاب»، وتُضعف جهود تحقيق العدالة وسيادة القانون.

وطالبت النائب العام بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والاختطاف، والتعذيب داخل أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وفقًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

وجددت مطالبتها للسلطات الليبية «بتحمل مسؤولياتها في حماية أرواح المهاجرين على طول مسارات الهجرة في الصحراء والبحر، والتعاون مع المنظمات الدولية المختصة من أجل إنشاء آليات فعالة للبحث والإنقاذ، وتحديد مصير المفقودين، وضمان التعرف على الهويات والرفات البشرية». كما طالبت بفتح تحقيق مستقل وشفاف في حوادث الغرق والانتهاكات المرتبطة بالاتجار بالبشر، ومحاسبة المتورطين فيها بما يتماشى مع المعايير الدولية للمساءلة.

وناشدت مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إعادة النظر في قراره بوقف التحقيقات في ليبيا بحلول نهاية العام 2025، لما قد يترتب على ذلك من ترسيخ لحالة الإفلات من العقاب، في ظل غياب الإرادة والقدرة والفعالية لدى آليات التقاضي الوطنية، وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها، وتطبيق مبدأ التكامل المنصوص عليه في نظام روما الأساسي.

وفي النهاية دعت المنظمة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والدول الفاعلة، إلى تكثيف الضغط على جميع الأطراف لاحترام حقوق الإنسان، والعمل الجاد على تحقيق العدالة الانتقالية، وكشف الحقيقة، وجبر ضرر الضحايا، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي تغذي استمرار الانتهاكات.