الجفاف يهدد الأسماك في غرب فرنسا.. و«شارانت» يتدخل لإنقاذها

ينقذ صيادون في غرب فرنسا بواسطة شِباكهم مئات الأسماك من نفوق محتّم، وذلك عبر نقلها من جدول جاف، يتجه إلى أن يصبح «صحراء قاحلة»، إلى نهر شارانت الأكثر وفرةً.
وقال مدير اتحاد الصيد في الإقليم: فالنتان أورتولان: «لم يبقَ شيء يُذكر سوى بضع برك من الماء، فتدفق المياه إلى هذا الرافد من نهر شارانت توقف عن نحو 15 كيلومترا، أي عن أكثر من نصف طوله»، وفق وكالة «فرانس برس».
لا يقتصر هذا الوضع على هذه المنطقة من فرنسا، فمعظم المقاطعات الفرنسية التسعين تخضع لقيودٍ على استخدام المياه، بعدما كانت هذه القيود محصورة بست وعشرين مقاطعة في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقا للحكومة.
ونبّه أورتولان إلى «كل الأسماك هنا سيكون مصيرها النفوق ما لم يحصل تدخّل، فالمنطقة ستُصبح صحراء قاحلة». ومن أجل إنقاذها، يخوض مجرى النهر شبه الجاف بدقةٍ فائقة خمسة من أعضاء الاتحاد برفقة ستة متطوعين، ينتعلون أحذيةً مطاطية ويحملون دلاء، بحثا عن أية سمكةٍ لا تزال على قيد الحياة، بحسب الوكالة الفرنسية.
– «السلمون التركي»… من أقفاص البحر الأسود إلى موائد العالم
وباستخدام جهاز صيد كهربائي، يُولّدون تيارا ضعيفا في الماء، يشلّ حركة الأسماك موقتا ويجذبها، مما يُسهّل اصطيادها، ثم تُنقل هذه الأسماك إلى مياه «مُؤكسجة» قبل إطلاقها في بيئة أكثر ملاءمة على بُعد بضعة كيلومترات.
إنقاذ 260 سمكة
أفاد فالنتان أورتولان بأن هذه العملية الإنقاذية هي العاشرة هذه السنة لهؤلاء. وبفضلها، نجت من النفوق نحو 260 سمكة جرى اصطيادها على عمق يزيد على 800 متر، وهي عملية «صغيرة» لهؤلاء المتحمسين الذين بدأوا الصيد البيئي عام 2011. وقد اصطادت شباكهم أسماك البايك والمينو والشوب، لكنها لم تصطد سمك التروت، مع أن «النهر غني» بهذا النوع. وقد رأى في ذلك «علامة على خلل عام في مجرى النهر».
إلاّ أن المدير الإقليمي للهيئة المسؤولة عن إدارة المياه، نيكولا إيلبير، أوضح أن مستوى الجفاف في مقاطعة شارانت «طبيعي لشهر يوليو»، لكنه شرح أن حوض شارانت «أكثر هشاشةً من غيره، وأكثر تأثرا بالتغيّر المناخي».
ويمكن تفسير صعوبة الحفاظ على المياه السطحية تحديدا بتشقق باطن الأرض الجيري، وكذلك إعادة استصلاح الحوض في ثمانينات القرن العشرين، بهدف تجفيف التربة بسرعة، للتمكّن من زراعتها.
وتفاقَمَ هذا الوضع بسبب موجة الحر في يونيو وقلة الأمطار. ففي مدينة أنغوليم، شهد معدل هطول الأمطار في يوليو انخفاضا بـ44% عن المتوسط المسجل بين عامي 1991 و2020.
عمليات الصيد ليست حلا مستداما
مع أن عمليات صيد الأسماك للحفاظ عليها، التي أطلقها اتحاد الصيد، تشكّل حلولا موقتة، إلا أنها ليست «معجزة أو حلا مستداما على المدى البعيد»، على ما أكد فالنتان أورتولان. وأضاف: «في عام 2022، كان لدينا 1260 كيلومترا من الأنهار الجافة في شارانت، ولم نتمكن من التدخل إلا في نحو 15 منها».
ورأى اتحاد صيد الأسماك في شارانت أن إجراءات الحكومة بطيئة جدا، ودعا إلى «تسريع كبير لوتيرة مشاريع استعادة البيئة المائية، والحدّ من الضغط الذي تُحدثه عمليات سحب مياه الري في هذه المناطق الصغيرة»، بحسب مديره.
وقال فيليب أغار، وهو رجل متقاعد شغوف بالصيد منذ أن كان في الثالثة من عمره: «عند حصول نقص في المياه، لا تتأثر الأسماك فحسب، بل حياة النهر بأكملها. من المحزن أن نرى تراثا مشتركا يُدمر في ظلّ هذه اللامبالاة».