هدنة طرابلس “الضعيفة” عند نقطة تحول

تمسكت العاصمة طرابلس بـ«الهدنة الهشة» التي يبدو أنها باتت على «مفترق طرق»، بعد أكثر من شهرين من اشتباكات دامية في مايو الماضي، أدت إلى مقتل قائد ميليشيا ما يعرف بـ«جهاز دعم الاستقرار»، لكنها فشلت فيما يبدو في القضاء كليا على هذه الميليشيا التي بدأت ترميم صفوفها.
وإثر تسلم الرئيس الجديد لـ«جهاز دعم الاستقرار»، حسن أبوزريبة، مهام عمله خلفا لـ«غنيوة» بتكليف من المجلس الرئاسي، كثفت عناصره حشد نفوذه المسلح في جنزور (شرق طرابلس) عبر ما اسمتها «دوريات ثابتة ومتحركة ونقاط استيقاف»، قائلا إن هدفها «بسط الأمن، وتعزيز الاستقرار، وتسهيل حركة المواطنين ببلدية جنزور».
ولم تقتصر محاولات ترميم الصفوف على العاصمة طرابلس، بل امتدت إلى نالوت، وهي تحركات أدرجها حسن أبوزريبة «ضمن فرض الأمن وترسيخ سيادة القانون، وحماية المواطنين بمدينة جنزور ومختلف ربوع ليبيا».
وفي منتصف شهر مايو، قرر رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، عبدالحميد الدبيبة، تفكيك «جميع الميليشيات» التي تتقاسم النفوذ في طرابلس، والتي اتهمها بأنها أصبحت «أقوى من الدولة»، ما أدى إلى اندلاع قتال في وسط المدينة، أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، بحسب الأمم المتحدة.
بداية المواجخات بعد مقتل الككلي
واندلعت المواجهات الأولى في أعقاب مقتل القيادي البارز عبد الغني الككلي، المعروف باسم «غنيوة»، رئيس «جهاز الدعم والاستقرار»، وهي جماعة مسلحة كانت متمركزة في أبوسليم (القطاع الجنوبي من طرابلس)، وبات لها نفوذ في قطاعات اقتصادية رئيسية.
وفي اليوم التالي، اندلعت معارك منفصلة أكثر عنفا بين قوات حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» وقوات الردع، وهي مجموعة أخرى شديدة النفوذ تسيطر على شرق العاصمة والمطار وأكبر سجون العاصمة. وأدى قرار الدبيبة الى إعادة ترتيب مناطق نفوذ الجماعات المسلحة.
وتوقف محللون أمام عودة الحياة لـ«دعم الاستقرار» في مقابل صمت يحيط بمصير «جهاز الردع»، بقيادة عبدالرؤوف كارة، إذ انطلق محللون من إعادة إنتاج «دعم الاستقرار» بوصفه شرارة «صدام قادم في طرابلس».
توقعات بقتال بين حكومة الدبيبة والحكومة المقبلة
وهنا يقول الكاتب والمحلل السياسي الليبي محمد علي المبروك إن القتال القادم «لن يكون بين جهاز الردع وقوات حكومة الدبيبة»، بل سيكون بين «حكومة الدبيبة والحكومة المقبلة».
ويرجح المبروك، بحسب مؤشرات، أن «الحكومة المقبلة سيرأسها عصام أبوزريبة (وزير الداخلية في شرق ليبيا) الذي يملك القوة المسلحة في الغرب، ومنها (جهاز دعم الاستقرار) برئاسة شقيقه على أبوزريبة، بالإضافة إلى مجموعات أخرى مسلحة».
يذكر أن عصام أبوزريبة هو أحد المرشحين لرئاسة الحكومة الذين سبق أن تقدموا بأوراقهم، وعرضوا برامجهم أمام مجلس النواب في مايو الماضي. كما أنه كان من بين مرشحين التقوا، الأسبوع الماضي، المتنازع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في العاصمة طرابلس.
ما مصير الهدنة في طرابلس؟
وتزايدت التساؤلات حول مصير هذه الهدنة مع إعلان وزارة الدفاع التابعة لحكومة الدبيبة، الأربعاء، أنها تعتزم «تنفيذ ضربات جوية دقيقة» في مناطق محددة تستهدف «أوكار الجماعات الخارجة عن القانون»، دون أن تحدد المناطق المستهدفة، قائلة إنها تستهدف «تمركزات تلك العناصر المتورطة في تهريب البشر والاتجار في المخدرات».
في هذه الأثناء، لا يخفي مراقبون دهشتهم من صمت وزارة الدفاع عن مقتل رمزي اللفع، أحد قادة المجموعات المسلحة التابعة للوزارة، في غرب العاصمة طرابلس، ضمن ما قيل إنه «شجار مسلح»، علما بأنه شارك في العملية الأمنية الأخيرة التي نُفذت في مايو الماضي بمنطقة أبوسليم بطرابلس ضد «جهاز دعم الاستقرار»، بعد مقتل رئيس الجهاز «غنيوة».
في المقابل، يحاول المجلس الرئاسي الحفاظ على تماسك الهدنة، إذ عقد رئيس المجلس الرئاسي القائد الأعلى للجيش محمد المنفي، الأربعاء، اجتماعا في طرابلس مع لجنتي الهدنة والترتيبات الأمنية والعسكرية، لبحث تعزيز تنفيذ وقف إطلاق النار في العاصمة.
– للاطلاع على العدد «506» من جريدة «الوسط».. اضغط هنا
– المنفي يبحث مع «الهدنة والترتيبات العسكرية» تعزيز وقف إطلاق النار بطرابلس
– اجتماع أمني طارئ بعد مقتل اللفع
– وزارة الدفاع بحكومة الدبيبة تعتزم تنفيذ «ضربات جوية» ضد «أوكار الخارجين عن القانون»
شُكِّلت لجنة الهدنة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار عقب الاشتباكات العنيفة التي شهدتها طرابلس في 12 و13 مايو الماضي بين «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» التابع للمجلس الرئاسي من جهة، واللواء «444 قتال» التابع لحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» من جهة أخرى.
أما لجنة التريبات الأمنية والعسكرية، فجرى تشكيلها من أجل الإشراف على عملية إعادة ترتيب المشهد الأمني في العاصمة، والحد من نفوذ المجموعات المسلحة، ولا سيما بالمناطق الاستراتيجية في طرابلس.
وتكافح ليبيا من أجل استعادة الاستقرار منذ الإطاحة بمعمر القذافي في العام 2011، بعد أن حكم البلاد 42 عاما. وتتنافس على السلطة حكومة الوحدة الوطنية، التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، والتي تعترف بها الأمم المتحدة ويرأسها الدبيبة، وأخرى في بنغازي مكلفة من مجلس النواب ، ويدعمها المشير خليفة حفتر.