صحيفة «الوسط»: تحديات أمنية تعترض طريق «تيتيه» نحو خارطة الطريق

صحيفة «الوسط»: تحديات أمنية تعترض طريق «تيتيه» نحو خارطة الطريق

يتكرر الصراع بين الأجسام السياسية المتناحرة على رئاسة مؤسسات الدولة، ما يعمق الانقسام ويهدد بإعاقة تقدم عملية كسر الجمود، مثلما هو الحال بالمجلس الأعلى للدولة الذي لم يمكّن اعتراف أممي أوروبي بشرعية انتخاب رئيسه محمد تكالة من إسكات خصمه خالد المشري الذي لجأ للمحكمة العليا وواصل استقبال ملفات المرشحين للحكومة المقبلة.

ولم تنهِ جلسة الأحد الماضي لانتخابات مبكرة بمجلس الدولة فصول أزمة النزاع على الشرعية طيلة عام كامل، رغم تأكيد اللجنة المشرفة على الجلسة توافر النصاب القانوني لعقد الجلسة أي الثلثان + واحد، فقد أسفرت عن فوز محمد تكالة برئاسة المجلس لولاية تمتد لعام، وانتخاب حسن حبيب نائباً أول، وموسى فرج نائبا ثانيا، وبمشاركة 95 عضواً من أصل 142.

المشري يطعن بعدم شرعية جلسة انتخاب تكالة
وتقدم خالد المشري رفقة بعض أعضاء المجلس، بطعن رسمي أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، بشأن عدم شرعية الجلسة، التي أعلن فيها تكالة فوزه بطريقة تخالف الإجراءات القانونية واللوائح المنظمة لعمل المجلس وفق تعبيره.

وقالوا في بيان لهم أن «الجلسة تفتقر إلى أي أساس دستوري أو قانوني يضفي عليها المشروعية»، وأنها عُقدت دون توافق حقيقي داخل المجلس، وأكدوا أن «التوافق لا يُفرض، بل يُبنى على رضا الجميع، وهو ما لم يتحقق».

وفي إشارة إلى حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، أعرب البيان عن قلقه من استمرار تدخل «بعض الأطراف التنفيذية والخارجية في شؤون المجلس، ومحاولات التأثير على إرادة أعضائه بوسائل تتنافى مع قواعد العمل الديمقراطي والمؤسسي».

عقيلة لم يعلق على فوز تكالة
وواصل المشري محاولات فرض رئاسته للمجلس، عبر إعلانه بشكل مفاجئ تمديد فترة تسليم التزكيات للمترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، بحلول الإثنين المقبل، لإتاحة مزيد الوقت لاستكمال جمع التزكيات المطلوبة. وأعلن إحالة قائمة إلى مجلس النواب، تضم ملفات خمسة مرشحين حصلوا على التزكيات.

تحرك المشري يأتي وسط صمت حليفه في شرق ليبيا، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح من إعلان فوز تكالة، بعدما عقد الطرفان في 7 يوليو لقاءً اتفقا فيه على تشكيل حكومة جديدة.

وباعتبار «الأعلى للدولة» بمثابة الغرفة الثانية مع مجلس النواب يعد دوره محوريا في عملية اختيار رئيس الحكومة الذي لا يجري إلا بموافقته، وكذلك الأمر بالنسبة للمناصب السيادية.

أما الرئيس الجديد لمجلس الدولة فقد دافع عن فوزه مشددا على «نزاهة الانتخابات» قائلا إن ذلك «عكس حرص المجلس على الالتزام باللوائح والشفافية، وشكّل خطوة مهمة نحو طيّ صفحة الانقسام التي كبّلت المجلس في فترات سابقة».

انقسام مجلس الدولة يخدم خيارات «الاستشارية»
ومن شأن الانقسام الحاصل أن يخدم خيارات اللجنة الاستشارية بقيادة المبعوثة الأممية هانا تيتيه التي تعوّل على خارطة طريق جديدة تعلنها في أغسطس ومبنية على أربعة خيارات، أغلبها تتطلب توافق مجلسي النواب والدولة، في حين يلغي الخيار الأخير دور المجلسين ويستبدله بمجلس تأسيسي.

وتوالت التهاني لتكالة على خلفية ترحيب التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني بانعقاد جلسة المجلس الأعلى للدولة يوم الأحد، وفي بيان مساء الأربعاء، أكد فيه أهمية هذه الخطوة في تعزيز التوافق الداخلي، داعيا «مجلس الدولة إلى الانخراط الإيجابي في إنجاز استحقاقات العملية السياسية التي تقودها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والابتعاد عن أي ممارسات تعطل هذا المسار كما حدث في مراحل سابقة، والمحافظة على استقلالية قرار المجلس بعيدا عن ضغوطات أي جهة».

البعثة الأممية تهنئ تكالة
ومساء الإثنين، أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبر «فيسبوك»، بياناً قالت فيه إنها تابعت البث المباشر لجلسة المجلس الأعلى للدولة ليوم الأحد الماضي، مشيرة إلى أنها لاحظت أن التصويت جرى في ظروف طبيعية وشفافة.

– بحضور 95 نائبا.. جلسة لأعضاء في المجلس الأعلى للدولة تختار تكالة رئيسا
– بعد فوز تكالة ورفض المشري.. قانونيون وساسة لـ«وسط الخبر»: أزمة «الأعلى للدولة» مستمرة
– على وقع بيان البعثة.. تكالة يرحب بتأييد انتخابه والمشري يرفض تدخلها في «نزاع قضائي»
– «6+6» و«الاستشارية» تتفقان على تعديل الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات
– اجتماع أمني طارئ بعد مقتل اللفع

وقالت البعثة إن حضور ثلثي أعضاء المجلس يعكس توافقاً واسعاً بين الأعضاء على تجاوز الانقسام الذي أعاق قدرة المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته خلال العام الماضي.

وتابعت البعثة أنها تنتظر من المجلس الأعلى للدولة أن يؤدي مهامه بمسؤولية، على النحو المبين في الاتفاق السياسي الليبي، بما يتماشى مع دوره السياسي المستقل وتطلعات الليبيين لإنهاء الانقسام المؤسسي، واستعادة الشرعية من خلال الانتخابات، والمساهمة في الإصلاحات اللازمة.

تيتيه تحاول إحياء مهمة «6+6»
وانتهزت تيتيه الزخم الإيجابي لإحياء مهمة أعضاء لجنة (6+6)، المنبثقة عن مجلسي النواب والأعلى للدولة، حيث عقدوا اجتماعهم مع اللجنة الاستشارية التابعة للبعثة الأممية، وأكدت رئيسة البعثة بمقرها في العاصمة طرابلس، مساء الثلاثاء، لأعضاء اللجنتين، أهمية هذه المشاورات في تعزيز الملكية الليبية للعملية السياسية، لافتة إلى أن البعثة ستستنير بهذه المناقشات في وضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق، المُزمع الإعلان عنها خلال إحاطتها المقبلة لمجلس الأمن الدولي.

وطبقاً لبيان مقتضب أصدرته البعثة، واصلت اللجنتان، الخميس، مناقشاتهما لتبادل الأفكار حول التعديلات، التي من شأنها جعل الإطارين الدستوري والقانوني للانتخابات أكثر قابليةً للتطبيق.

في الأثناء ترأست الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، بمشاركة السفير الألماني لدى ليبيا، رالف طراف، اجتماعا لرؤساء مجموعات العمل التابعة لعملية برلين، وذلك استنادا إلى مخرجات اجتماع كبار المسؤولين للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا، المنعقد في 20 يونيو 2025.

وركز الاجتماع على سبل إعادة تنشيط عملية برلين، مع اهتمام خاص بالمجموعات الأربع: الاقتصادية، الأمنية، السياسية، والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.

عودة التوتر في طرابلس بعد مقتل اللفع
يأتي ذلك في وقت عاد التوتر الأمني إلى غرب البلاد بعد اشتباكات محدودة اندلعت الإثنين الماضي في منطقة أولاد عيسى، غرب طرابلس، وأسفرت عن مقتل رمزي عياد اللفع، أحد أبرز قادة المليشيات، رفقة خمسة من مرافقيه، في خلاف عائلي ما يستحضر مشهد مقتل عبدالغني الككلي «غنيوة» في مايو الماضي.

وفتحت الحادثة جراحا لم تندمل بعد منذ أسابيع وأعادت التساؤلات بشأن مستقبل التوازنات المسلحة في طرابلس، ففي محاولة لمنع تمدد التصعيد، عقد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، القائد الأعلى للجيش، اجتماعات مكثفة مع قيادات عسكرية من المنطقة الغربية. وشملت اللقاءات أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» عن المنطقة الغربية، حيث خصص الاجتماع لاستعراض آخر التطورات العسكرية في غرب ليبيا، وبحث مخرجات أعمال اللجنة خلال الفترة الأخيرة.

وترأس المنفي أيضا اجتماعا آخر مع لجنتي الهدنة والترتيبات الأمنية والعسكرية، لمناقشة مستجدات المشهد الأمني في العاصمة، والخطوات العملية لتعزيز جهود التهدئة وتنفيذ وقف إطلاق النار.

حكومة الدبيبة تخطط لضربات جديدة ضد «أوكار الجريمة»
بالتزامن، أثيرت مخاوف من عودة الفلتان الأمني على وقع إعلان وزارة الدفاع بحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، مساء الأربعاء، عزمها تنفيذ «ضربات جوية دقيقة» تستهدف «أوكار الجماعات الخارجة عن القانون» في مناطق محددة لم تسمّها.

وحذّرت الوزارة، في بيانها، الأهالي من الاقتراب من «تمركزات تلك العناصر المتورطة في تهريب البشر والاتجار بالمخدرات»، ودعتهم إلى الابتعاد الفوري عن المواقع التي يُشتبه في استخدامها كملاذات أو مخازن أو نقاط تمركز.

وما زاد الغموض عدم توضيح الوزارة ما إذا كانت المواقع المستهدفة داخل العاصمة الليبية أو خارجها، لا سيما أن التوتر لا يزال قائما بعدما شهدت المنطقة الغربية مواجهة مسلحة عنيفة بين قوات «حكومة الوحدة» وجهاز قوة الردع الخاصة التابع للمجلس الرئاسي، عقب تصفية زعيم جهاز دعم الاستقرار.