الهند تعطي ليبيا أولوية في استراتيجيتها المستقبلية لأمن الطاقة.

قال موقع «فيرست سبوت» الهندي إن حكومة نيودلهي تنظر إلى ليبيا كـ«إضافة حيوية» لاستراتيجيتها طويلة الأمد لأمن الطاقة، في ظل التقلب المستمر لأسعار النفط والاضطرابات التي تضغط على سلاسل الإمداد.
واعتبر الموقع، في تقرير نشِر اليوم الثلاثاء، قرار الحكومة الهندية نشر قوات أمنية لتأمين سفارتها في طرابلس «خطوة استراتيجية محسوبة في بلد يعاني من وضع فوضوي»، مؤكدًا أن «تلك الخطوة ليست مجرد قرار رمزي؛ بل خطوة استراتيجية في الوقت المناسب للاستفادة من إمكانات ليبيا في مجال الطاقة وتنشيط العلاقات الثنائية».
ديناميكيات تفرض حسابات جديدة
والآن، في ظل الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة والضبابية التي تلوح في قطاع الطاقة، يرى التقرير أن «عودة الهند إلى طرابلس تحمل أهمية دبلوماسية واقتصادية كبرى». وقد أعلن المدير العام لقوات الشرطة المركزية الهندية، جي بي سينغ، أن القوات شبه العسكرية سترسل أفرادها قريبًا إلى ليبيا لتأمين السفارة.
ويأتي إعادة الانخراط الدبلوماسي للهند مع ليبيا، بحسب التقرير، في وقت تتفاقم فيه حالة الضبابية في سلاسل إمداد النفط، إذ أصبح تأمين شراكات بديلة في مجال الطاقة أمرًا طارئًا بالنظر إلى العقوبات الثانوية المحتملة التي قد تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتهدد اعتماد الهند على النفط الروسي.
وتستورد الهند 85% تقريبًا من احتياجاتها من الطاقة، ولهذا فإن تنويع مصادر الإمداد ليس خيارًا سياسيًا بل ضرورة اقتصادية. ولهذا يؤكد التقرير أن «توقيت إعادة فتح السفارة الهندية في طرابلس استراتيجي، ويسمح للهند باستكشاف قطاع النفط غير المستغل في ليبيا».
– الهند تعيد «قريبا» نشر «قوات كوماندوز» لتأمين سفارتها في طرابلس
– أبوجناح يبحث مع سفير الهند التعاون في المجال الصحي
– محادثات ليبية في نيودلهي لتفعيل الاتفاقات الاقتصادية والسياسية مع الهند
ليبيا البديل المناسب للهند
ويرى التقرير أن ليبيا في وضع جيد يمكنها من سد الفجوة في الإمدادات النفطية إلى الهند، مشيرًا إلى أن حجم الصادرات النفطية من ليبيا بلغ 31.3 مليار دولار خلال العام 2023، مما يجعلها في المرتبة الـ14 كأكبر مصدر للخام في العالم.
وتعد إيطاليا وألمانيا وإسبانيا والصين من بين أكبر مشتري النفط الليبي، وتشهد الصادرات إلى ألمانيا وفرنسا زيادة ملحوظة سنويًا. وبالنظر إلى كون الهند ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، يمكن للبلدين الاستفادة من العلاقات المتجددة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه المؤسسة الوطنية للنفط لإطلاق جولة عطاءات نفطية هي الأولى منذ 17 عامًا تقريبًا، في خطوة تمثل إشارة قوية على رغبة البلاد في تطوير صناعة الهيدروكربوتات المحلية.
وتتمتع ليبيا والهند بعلاقات دبلوماسية واقتصادية قوية. ووقع البلدان في العام 1978 اتفاقًا إطاريًا بعنوان: «بروتوكول التعاون الصناعي والاقتصادي والعلمي» وضع الأساس للجنة الهندية – الليبية المشتركة.
ومنذ تأسيسها، عقدت اللجنة عشر جلسات ناقشت جميع الأنشطة الثنائية الاقتصادية. وعلى مر السنوات، نفذت شركات هندية عامة، مثل «أويل إنديا» و«آي أو سي»، وغيرهما، مشاريع متعدد في البنية التحتية والطاقة والرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات في جميع أنحاء ليبيا.
عقوبات أوروبية على النفط الروسي
وتواجه الهند صعوبات متفاقمة منذ انطلاق الحرب في أوكرانيا بالعام 2022 بسبب اعتمادها الكبير على النفط الروسي. وقد أقر الاتحاد الأوروبي حزمة جديدة من العقوبات، تتطلب إثبات منشأ الخام لأي منتجات نفطية مكررة يجري استيرادها إلى الاتحاد اعتبارًا من 21 يناير 2026.
وتزيد آلية التنفيذ من تعقيد عمل مصافي التكرير الهندية التي تعالج النفط الخام الروسي وتصدر المنتجات النهائية عالميا. وتفاقم الوضع مع تهديد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية ثانوية بنسبة 100% على الدول التي تُواصل التعامل التجاري مع روسيا إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا قريبًا.
يشار إلى أن الهند أوقفت استيراد النفط من إيران منذ العام 2019 تحت تهديدات مماثلة. نتيجة لذلك، تبحث الهند عن تنويع مصادر إمداد الخام. وقد ارتفعت وارداتها من النفط الأميركي بنسبة 50% في الربع الأول من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام 2024.
وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن تضيف الهند 330 ألف برميل يوميًا من الطلب الجديد هذا العام، مدفوعًا بشكل كبير باحتياجات النقل والوقود المنزلي. كما من المتوقع أن يتجاوز استهلاك الهند من النفط معدل نمو الصين في العام 2025، ليمثل نحو 25% من الزيادة العالمية في الطلب على النفط.