خبير اقتصادي يقدم ثلاث استراتيجيات لليبيا للتصدي لـ “رسوم ترامب”

خبير اقتصادي يقدم ثلاث استراتيجيات لليبيا للتصدي لـ “رسوم ترامب”

أجرى مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والشرق الأوسط وأفريقيا مسعد بولس زيارته إلى ليبيا قبيل أيام من دخول رسوم جمركية جديدة حيز التنفيذ بداية من مطلع أغسطس، لكن غابت هذه القضية التجارية عن محادثات المسؤولين الذين التقاهم في طرابلس وبنغازي، ما يزيد الغموض حول مصير المفاوضات مع واشنطن للتراجع عنها أو تقليصها.

وأكد وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك الأحد الماضي أنه لن يكون هناك مزيد التمديدات لمواعيد الرسوم الجمركية، وأنها ستدخل حيز التنفيذ كما هو مقرر في 1 أغسطس.

واعتاد العالم منذ يناير الماضي على إعلان الرئيس دونالد ترامب للرسوم الجمركية ثم التراجع عنها، أو سحبها في اللحظة الأخيرة، أو تعليقها بعد وقت قصير من بدء تنفيذها لكن لوتنيك يؤكد أن هذا الأمر انتهى.
وقال ترامب في تصريح تلفزيوني إلى قناة أميركية أنه لا يزال من الممكن إجراء مزيد المفاوضات – ويمكن التوصل إلى اتفاقات – حتى بعد هذا الموعد النهائي.

رسوم أميركية بنسبة 30% متوقعة على ليبيا
ومن المتوقع أن تدخل الرسوم الجمركية حيز التنفيذ على عشرات الدول بما فيها ليبيا يوم الجمعة المقبل، بعد أن أرسل ترامب خطابات هذا الشهر تحدد المعدلات بعضها أعلى مما هُدد به في أبريل، وبعضها أقل.
وستخضع ليبيا لتعريفة جمركية بنسبة 30% في أغسطس 2025، انخفاضا من التعريفة الجمركية البالغة 31% التي جرى إعلانها في أبريل 2025.

وبلغ حجم التجارة بين الولايات المتحدة وليبيا نحو ملياري دولار في العام 2024، مع عجز في تجارة السلع الأميركية قدره 898.3 مليون دولار أميركي. وقد انخفض العجز بنسبة 17.6% مقارنة بالعام 2023، حسب مكتب الممثل التجاري الأميركي.

وبلغت قيمة صادرات ليبيا إلى الولايات المتحدة حوالي 1.57 مليار دولار أميركي في العام 2023، وشكل النفط الخام معظمها. وبلغت قيمة صادرات الولايات المتحدة إلى ليبيا 425 مليون دولار في العام نفسه، منها 198 مليون دولار سيارات. أما ثاني أكبر صادرات فكانت المكسرات بقيمة 39.3 مليون دولار أميركي، وفقا لبعص المصادر.

– مسَّت ليبيا.. جريدة روسية: رسوم ترامب تسعى للقضاء على منافسي أميركا
– نص رسالة ترامب للدبيبة بشأن فرض رسوم جمركية بنسبة 30%
– من بينها ليبيا.. ترامب يفرض رسومًا جمركية 30% على 3 دول عربية

«استياء» من القرار الأميركي
ولفت الخبير الاقتصادي محمد الشحاتي إلى ردود الفعل المتباينة من الاقتصاديين والسياسيين في ليبيا والدول الأخرى المشمولة بالإجراءات الأميركية، إذ جرت مناقشته من عدة زوايا، فمن جهة كان الشعور السائد هو الاستياء من طريقة إعلان القرار أكثر من أثره الاقتصادي، إذ إن هذه الدول لا تُعد منافسة اقتصادية حقيقية للولايات المتحدة، ولا تنطبق عليها المعايير التي حددها الرئيس الأميركي لتبرير فرض الرسوم.  

وفي تصريحه إلى «بوابة الوسط»، رأى الشحاتي أن  الإعلان الأميركي قوبل بقدر من التجاهل، إذ لا يشكّل التبادل التجاري مع الولايات المتحدة ركيزة أساسية لاقتصادات هذه الدول. ومع ذلك، فإن كل دولة ستراجع أثر القرار من زاويتين هما الكرامة الوطنية من جهة، والمصالح الاقتصادية من جهة أخرى.

وفي ظل هذا التوازن، فإن الرد على القرار قد يتراوح بين التصعيد عبر المعاملة بالمثل أو القبول به، لكن الإهانة المرتبطة بطريقة الطرح العلني قد تُحتم نوعًا من الرد حتى وإن كان محدودًا، حسب قوله.

3 سيناريوهات أمام ليبيا 
ويرى الخبير الاقتصادي أن خيارات ليبيا في مواجهة القرار الأميركي سوف تتراوح بين ثلاث سيناريوهات، إما الصمت وقبول الأمر الواقع، حيث أن هذا الخيار غير مكلف اقتصاديًا في ظل انخفاض تأثير السوق الأميركية على صادرات النفط الليبية، في مقابل قدرة ليبيا على إعادة توجيه صادراتها نحو أوروبا أو آسيا دون خسائر تُذكر.

غير أن الكلفة السياسية قائمة، خصوصًا مع الاتهامات غير الدقيقة التي وردت في الرسالة الأميركية لحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، ورجح الشحاتي، أن السبب الحقيقي وراء القرار هو الرغبة في منع استخدام ليبيا كمعبر لإعادة تصدير سلع من دول أخرى لتفادي الرسوم الأميركية. وكان بالإمكان معالجة هذه المسألة بطريقة دبلوماسية عبر تقديم ضمانات ليبية.

وثاني الخيارات هو طلب المفاوضات، فلم يُعلن أن ليبيا طلبت التفاوض بشأن القرار منذ إعلانه في أبريل 2025، خلافًا لما فعلته دول أخرى. والسبب قد يعود إلى الحذر من «إثارة العملاق الأميركي» في ظل الانقسام الداخلي. ومع ذلك، يؤكد الخبير امتلاك ليبيا أوراقًا يمكن استخدامها في أي مفاوضات محتملة، مثل تواضع الأثر التجاري للقرار عليها، وإمكان توقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات التقنية والمعلومات تقلل من العجز التجاري مع الولايات المتحدة.

وثالث خيار هو المعاملة بالمثل والتصعيد، على الرغم من تصوره أن هذا الخيار قابل للنقاش من الناحية النظرية إلا أنه يستبعد أن يجرى اللجوء إليه.