«جون أفريك» تبرز تفاصيل زيارة بولس إلى بنغازي وطرابلس وباريس وردود أفعاله تجاه قيس سعيد.

التقى مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا مسعد بولس، وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس، وناقش الجانبان الوضع في ليبيا بعد يومين من زيارة المبعوث الأميركي طرابلس وبنغازي، بحسب مجلة «جون أفريك» الفرنسية.
وبدأ بولس جولته المغاربية بتونس في 22 يوليو، تلتها زيارة إلى ليبيا، ثم توجه إلى باريس في 26 يوليو، قبل أن يتوقف في الجزائر والرباط.
وعقد مستشار ترامب في باريس يوم السبت الماضي اجتماعًا غير رسمي مع جان نويل بارو وصفته «جون أفريك» بـ«اجتماع سري»، حيث كان ينتظر عودة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون من روما لاستكمال جولته المغاربية، إلا أن ما تسرب من وزير الخارجية الفرنسي هو ارتياحه للعمل المشترك بين فرنسا والولايات المتحدة «لصالح حل الأزمات الكبرى، وتحقيق السلام والازدهار في أفريقيا».
وشملت المحادثات قضيتي الصحراء الغربية وليبيا، وهما موضوعان رئيسيان في صميم المحطتين الأخيرتين من جولة مسعد بولس، وفق مجلة «جون أفريك».
اجتماعات بولس في طرابلس
في طرابلس، حيث دان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، كان الأهم من ذلك، إعداد حكومته مقترحًا لشراكة اقتصادية بقيمة 70 مليار دولار بين ليبيا والولايات المتحدة. ولتحقيق هذا الاستثمار الأميركي في السوق الليبية، جرى تحديد سلسلة من المشاريع قصيرة الأجل في قطاعات الطاقة والمعادن والكهرباء والبنية التحتية والاتصالات.
ووفق التقرير الفرنسي، من أبرز ما ميّز هذه الزيارة إلى طرابلس، حيث ناقش مسعد بولس مسألة وحدة البلاد قبل توجهه إلى بنغازي، توقيع اتفاقية بنية تحتية بقيمة 235 مليون دولار بين شركة «مليتة» للنفط والغاز الليبية وشركة «هيل إنترناشونال» الأميركية لتحديث قطاع الطاقة الليبي وتعزيز إنتاج وتصدير الغاز. وفي ختام زيارته، أكد المبعوث الأميركي اهتمام واشنطن بتوسيع التعاون والشراكة الاستراتيجية مع حكومة الدبيبة، وأعرب عن دعم الولايات المتحدة لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا.
– جريدة «الوسط»: ظل ترامب يرافق عرض الـ70 مليار دولار
– مستشار ترامب يلتقي حفتر: استقرار ليبيا ركيزة أساسية لأمن المنطقة
– الملف الليبي حاضر في محادثات مستشار ترامب وعطاف في الجزائر
– حضرت «الصفقات» وغابت «المبادرات».. ما رسائل زيارة صهر ترامب إلى ليبيا؟
«جون أفريك»: زيارة بولس إلى بنغازي «شكلية»
في هذه الأثناء، كانت زيارة مسعد بولس إلى بنغازي «شكلية» وفق تعبير «جون أفريك»، إلا أنها اتسمت بغياب قائد قوات «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر. مع ذلك، حضر المستشار الأميركي اجتماعًا مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وكذلك مع أبناء المشير، مدير صندوق التنمية والإعمار بلقاسم حفتر، وشقيقه رئيس أركان القوات البرية صدام حفتر، الذي زار واشنطن في أبريل الماضي مبعوثًا دبلوماسيًا لوالده، ويهدف إلى إقامة علاقات عسكرية جديدة، لا سيما مع باكستان.
وصرح مسعد بولس بأنه «تبادل وجهات النظر حول جهود التنمية الاقتصادية في ليبيا وسبل تعزيز العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وليبيا»، و«ناقش أهمية دفع العملية السياسية نحو الأمام والانتهاء من وضع ميزانية موحدة».
في الأثناء، اعتبر مقال نشرته جريدة «أراب ويكلي»، ومقرها بريطانيا، أن زيارة مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون الأفريقية، مسعود بولس، إلى ليبيا كانت لتأكيد الاهتمام الأميركي بالملف الليبي، وليس تحقيق ما وصفه بـ«صفقة كبرى»، مشيرًا إلى أنها تعكس تغيُّرًا في الدبلوماسية الأميركية، وإعادة معايرة للعلاقات مع ليبيا التي تحمل فرصًا استراتيجية متعددة بالنسبة إلى إدارة ترامب.
وقال الكاتب والباحث في شؤون الأمن والإرهاب، ياسين فواز، إن «زيارة بولس إلى ليبيا كانت الإشارة الأكثر وضوحًا حتى الآن على الاهتمام الأميركي المتجدد بليبيا خلال الولاية الرئاسية الثانية للرئيس الأميركي، دونالد ترامب».
تحذير مستشار ترامب للرئيس التونسي
وقبلها في تونس، لاحظ الكثيرون استفزاز الرئيس قيس سعيد للأميركيين كما تواصل مجلة «جون أفريك»، ففي 22 يوليو، وعلى هامش لقائهما في قصر قرطاج، عرض الرئيس التونسي على مضيفه مسعد بولس، صورًا تُظهر آثار المجاعة على أطفال غزة. ووصف المبعوث الأميركي هذه الصور بأنها «دعاية بغيضة»، مستنكرًا استغلال زيارة كان هدفها مناقشة قضايا الأمن الإقليمي، وجهود دونالد ترامب من أجل السلام، بالإضافة إلى إحياء العلاقات التجارية بين البلدين، على حد ما نقلت المجلة.
أما خلف كواليس هذه الزيارة التي كانت باردة، لم يكن بولس، الذي يتحدث العربية بطلاقة، بحاجة إلى مترجم لرفض طلبات المساعدة، ولا لإقناع قيس سعيد، بحزم وبكلمات مختارة بعناية، أن من مصلحته ومصلحة تونس عدم ارتكاب خطأ في خياراته، بحسب المجلة الفرنسية.
وقيل للمبعوث الأميركي، الذي يشرف على تطوير استراتيجية أميركية جديدة، خاصة في أفريقيا، إن تونس اختارت توسيع شراكاتها الاستراتيجية، وفهم الجميع حينها أن الرئيس التونسي كان يشير إلى تقاربه مع إيران.
وتشير المجلة إلى توضيحات بولس أن الأمر أصبح الآن مسألة «تجارة لا معونة»، وأفاد بإغلاق العديد من الوكالات الأميركية في تونس، بما فيها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. كما أكد أن جهود السلام تتعلق بالمغرب العربي، دون اعتبار تونس وسيطًا محتملًا في هذه المهمة.
مستشار ترامب في الجزائر
وفي 27 يوليو، في الجزائر، ركّز اجتماعه مع وزير الخارجية أحمد عطاف، بشكل خاص على المبادلات الثنائية ثمّ استقبله الرئيس الجزائري، الذي عاد لتوه من توقيع نحو أربعين اتفاقية من إيطاليا، من بينها عقد غاز رئيسي. وأعرب الرجلان عن «رغبتهما القوية في تعزيز العلاقات في مجالات التجارة والأمن وقطاعات أخرى»، وشدد مبعوث دونالد ترامب على أن «العلاقة مع الجزائر ذات أهمية قصوى للولايات المتحدة».
واختتم بولس حديثه بعد أن أكد الرئيس تبون رغبته المشتركة في «تعزيز علاقاتهما في مجالات التجارة والأمن وغيرها من القطاعات»: قائلا: «نتطلع إلى مواصلة جهودنا المشتركة لمواجهة تحديات منطقة الساحل والعمل معًا لتعزيز السلام والاستقرار»، وتتوصل المجلة إلى أن العلاقات الجزائرية – الأميركية تبدو في حالة جيدة، قبل توقف المسؤول في المغرب في 28 يوليو.