25 ألف “برباش” يعكسون سمات الاقتصاد والهجرة غير الشرعية في تونس

25 ألف “برباش” يعكسون سمات الاقتصاد والهجرة غير الشرعية في تونس

انتشرت في تونس خلال السنوات الأخيرة مهنة جمع المواد البلاستيكية وبيعها للتدوير، أو ما يطلق عليها «البرباشة» باللهجة العامية في تونس، وتشير تقديرات بأن أعدادهم تجاوزت العشرين ألفا، مما يشكل انعكاسا لملامح الاقتصاد والهجرة غير النظامية في تونس.

ووفقا لوكالة «فرانس برس»، تؤكد منظمات غير حكومية محلية أنه من الصعب تحديد عدد «البرباشة»، إذ إن نشاطهم غير منظم قانونا، ويُباع الكيلوغرام الواحد من القوارير البلاستيكية الموجهة لإعادة التدوير ما بين 500 و700 مليم (16 إلى 23 سنتا).

لكن وفق حمزة الشاووش، رئيس الغرفة الوطنية لمجمعي النفايات البلاستيكية، التابعة لمنظمة التجارة والصناعة، ويدير أيضا مركز تجميع للمواد البلاستيكية في ضاحية تونس الجنوبية، فإن هناك 25 ألف «برباش» في تونس ينشط 40% منهم في العاصمة، بحسي حديثه مع وكالة «فرانس برس». 

ويوضح أن «عددهم ازداد في السنوات الأخيرة بسبب غلاء المعيشة»، لافتا إلى تحول في القطاع الذي كان «من ينشطون فيه بالأساس أشخاصا بلا دخل» لكن «منذ نحو سنتين، بدأ عمال ومتقاعدون وخادمات في المنازل في ممارسة هذا النشاط كعمل إضافي».

ويقول الرجل الأربعيني الذي يعيش من جمع البلاستيك منذ خمس سنوات «هذا هو العمل الأكثر توفرا في تونس في غياب فرص العمل».

الأزمة الاقتصادية ومنافسة المهاجرين 
ولا تزال الأزمة الاقتصادية تلقي بثقلها في تونس مع نسبة بطالة تناهز 16% ونسبة تضخم تقارب 5.4% في العام 2025، بحسب الأرقام الرسمية.

ومنذ العام الماضي، بدأ عدد كبير من المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء أيضا بجمع القوارير البلاستيكية وبيعها لتحصيل رزقهم.

يعيش معظم هؤلاء المهاجرين في فقر مدقع. وقد عبروا دولا كثيرة بهدف واحد هو الوصول إلى أوروبا عبر البحر، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين في تونس التي شددت الرقابة على السواحل بعد إبرامها اتفاقا بهذا الخصوص مع الاتحاد الأوروبي.

يقول المهاجر الغيني عبدالقدوس إنه صار «برباشا» لكي يتمكن من العودة إلى بلده، ويعمل الشاب البالغ 24 عاما منذ شهرين في محطة لتنظيف السيارات ولكنه يحتاج إلى تكملة لراتبه المتدني.

ويؤكد عبدالقدوس إلى «فرانس برس» متنهدا بعمق «الحياة هنا ليست سهلة»، ولهذا اضطر الشاب إلى مغادرة مدينة صفاقس الساحلية الكبيرة في الوسط الشرقي إلى العاصمة تونس بعد أن تلقى «الكثير من التهديدات».

– قابس التونسية تطالب بوضع حد للتلوث الصناعي: «كل شيء يموت»
– «المفوض الأممي للاجئين»: تونس متشددة أكثر في ملف المهاجرين مقارنة بليبيا

 

 

وقد شهدت بلدات قريبة من صفاقس تفكيك عدة مخيمات غير منظمة للمهاجرين هذا العام، وفي العام 2023، تفاقمت أزمة المهاجرين بعدما اعتبر الرئيس قيس سعيد أن «جحافل المهاجرين من جنوب الصحراء» تهدد «التركيبة الديموغرافية» لتونس. 

ومن ناحية أخرى انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي خطابات حادة وعدائية ضد المهاجرين، وألقت هذه التوترات بظلالها على قطاع جمع القوارير البلاستيكية. 

منافسة قوية 
ويقول حمزة الجباري «هناك منافسة قوية في هذا العمل»، في إشارة إلى المهاجرين، مضيفا «هؤلاء الناس جعلوا حياتنا أكثر صعوبة… لم أعد أستطيع جمع ما يكفي من البلاستيك بسببهم». 

ويذهب الشاوش أبعد من ذلك، فمركز التجميع الذي يشرف عليه «لا يقبل الأفارقة من جنوب الصحراء» ويمنح «الأولوية للتونسيين».

وفي المقابل، يؤكد عبد الله عمري وهو صاحب مركز تجميع في البحر الأزرق على أنه «يقبل الجميع»، مضيفا «من يقوم بهذا العمل هم بحاجة» سواء «كانوا تونسيين أو من جنوب الصحراء أو غيرهم»، ويختم «نحن ننظف البلاد ونوفر لقمة العيش للعائلات».