اللافي يوجه انتقادات لاتجاه الاتحاد الأوروبي للتعاون مع حفتر في مجال الهجرة

انتقد وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة»، وليد اللافي، توجه الاتحاد الأوروبي إلى التعاون مع قائد قوات «القيادة العامة»، المشير خليفة حفتر، لإدارة تدفقات الهجرة غير القانونية صوب اليونان، معتبرا أن أوروبا تكرر الأخطاء نفسها.
وقال في مقال نشرته شبكة «يورونيوز» الأوروبية، أمس الجمعة، إنه «من أجل أن تستعيد أوروبا السيطرة على سياسات الهجرة، عليها أولا استعادة الوضوح في استراتيجيتها»، ورآى أن «أزمة الهجرة إلى أوروبا ليست فقط طارئة إنسانية أو أزمة تتعلق بإدارة الحدود، بل انهيار استراتيجي».
سياسات أوروبية متوقعة
وأشار اللافي إلى قفزة في تدفقات الهجرة غير القانونية إلى أوروبا عبر القناة الإنجليزية ومن شرق القارة، وهي تدفقات تهيمن على عناوين الأخبار وتحدد نتائج الانتخابات، فقد تحدث عن رد أوروبي، وصفه بـ«المتوقع»، يتلخص في تدابير احتواء قصيرة الأجل، واتفاقات ثنائية، وخطط معالجة خارجية جديدة.
– مؤرخ سياسي: حل أزمة الهجرة ليبيًَا وليس أوروبيا
– المفوض الأوروبي للهجرة يدعو إلى التفاوض مع حفتر لمواجهة أزمة المهاجرين عبر الشرق الليبي
– وفد أوروبي يزور ليبيا لبحث «أزمة الهجرة»
مع ذلك، قال اللافي: «تدفقات الهجرة تستمر دون هوادة أو رادع. كما تتكيف الشبكات الإجرامية التي تتاجر في الأرواح البشرية، ويتصاعد الضغط الشعبي»، ولهذا أكد أن «التعامل مع الهجرة بكونها قضية قائمة بذاتها يعني إغفال الأزمة الأوسع، فالهجرة غير القانونية عرض وليست المرض».
ورأى أن الأزمة الأعمق تكمن في «السياسة الخارجية المجزأة للاتحاد الأوروبي، وتآكل سيادة الدولة في دول المعبر، وكذلك النفوذ الشامل لبعض الجهات الفاعلة غير الحكومية في منطقة شرق ليبيا»، وداعميها الدوليين، على رأسهم روسيا.
استغلال تدفقات الهجرة في الشرق
وقال اللافي : «يستغل هؤلاء الهجرة غير القانونية للضغط على صناع القرار في أوروبا بشأن مجموعة من القضايا الملحة»، بما في ذلك الاعتراف بالحكومة المكلفة من مجلس النواب».
وأضاف: «في شمال أفريقيا، تعمل تلك القوى على إعادة تشكيل الهجرة، وتحويلها إلى نفوذ للضغط السياسي. وفي ليبيا، لم تتحول الهجرة غير القانونية إلى مصدر للدخل غير القانوني للشبكات الإجرامية فحسب، بل أداة استراتيجية تستخدمها السلطات في شرق ليبيا لممارسة النفوذ، وانتزاع تنازلات، أو عرقلة الأجندة الأوروبية».
وتابع: «لا تعمل تلك الشبكات بشكل منعزل، بل تتداخل عادة في الهياكل المحلية، وتتمتع بدعم ما من لاعبين دوليين، ممن يرون في الهجرة غير القانونية ورقة مساومة وليست قضية إنسانية. هدف هؤلاء ليس الاستقرار لكن النفوذ».
التوجه الأوروبي للتعاون مع حفتر
تحدث اللافي عن «قلق من توجه أوروبا للتعامل مع تلك الأطراف، على الرغم من احتقارها المعلن للأعراف السياسية والقانونية والدبلوماسية، وكذلك المعايير الأخلاقية»، مشيرا إلى واقعة طرد وفد دبلوماسي أوروبي من مدينة بنغازي الأسبوع الماضي.
وقال: «في حين يبدو التعاون مع السلطات الموالية لحفتر في الشرق مغريا بالنسبة إلى واضعي السياسات الأوروبيين الحريصين على تأمين مكاسب سريعة في مجال الهجرة وأمن الحدود، فإن هذه الجهود غالبا ما تكون مجرد واجهة».
وأضاف: «السبب واضح: السلطات الموالية لحفتر تفتقر لأي التزام للمبادئ الديمقراطية أو الكرامة الإنسانية أو المحاسبة القانونية. من خلال إشراك هذه القوى دون شروط مسبقة أو ضغوط، تخاطر أوروبا بترسيخها بشكل أكبر، وتحويل الأزمة الإنسانية الخطيرة، المتمثلة في الهجرة، إلى أداة سياسية قابلة للاستغلال، تُستخدم لابتزاز وإكراه الدول والمؤسسات الأوروبية».
لهذا اعتبر اللافي أن «السياسة الأوروبية، المتمثلة في التعاون مع أطراف مثل حفتر، فشل سياسي ونقطة ضعف استراتيجية، والنتيجة ستكون الفوضى. وتتحمل ليبيا، حالها كحال غيرها من دول العبور، عبء هذا الغموض السياسي».
كما رأى أن «التعامل الأوروبي يظل مركزا على إدارة الحدود والتدخل الخارجي، بينما تعكس مقترحات على غرار نموذج رواندا الرغبة في احتواء الأزمة من الخارج، دون تقديم حلول».
أربعة تغييرات ضرورية
لهذا، رأى اللافي أنه إذا أرادت أوروبا معالجة أزمة الهجرة غير القانونية فعليها القيام بأربعة تغييرات ضرورية، أولها إنشاء ممرات آمنة على غرار تلك في أميركا اللاتينية. وقال: «الردع لا يمكن أن ينجح دون بدائل. يمكن للمرات الآمنة تحويل تدفقات الهجرة غير القانونية من خلال توفير دخول قانوني للجوء والعمل أو لم الشمل».
كما دعا اللافي دول الاتحاد الأوروبي إلى التوقف عن التعاون مع أطراف تتربح من تهريب المهاجرين، قائلا: «الانفصال التام عن التعامل مع السلطات غير الشرعية، مثل تلك الموجودة في شرق ليبيا، إلى جانب الضغط السياسي والاقتصادي المستمر على هياكل الدولة الموازية التخريبية، يشكلان أمرا أساسيا لحماية سيادة الدولة الليبية، وهو أمر ضروري بدوره لاستعادة أمن الحدود».
أما التغيير الثالث الذي يدعو إليه اللافي فهو إنهاء ما وصفه بـ«الجمود» الذي أصاب قضية الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مضيفا: «من شأن اتفاقية قبول بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، تقوم على المسؤولية المشتركة وليس العودة الأحادية الجانب، أن تسهم في إعادة بناء التعاون، واستعادة المصداقية في مسارات الهجرة القانونية».
كذلك حث اللافي على تعديل برامج العودة الطوعية التي تعاني نقصا كبيرا في التمويل، وقال: «على أوروبا وبريطانيا موائمة التمويل، لدعم عمليات العودة الإنسانية، المدعومة بخدمات إعادة الإدماج، والمرتبطة بالتنمية في دول المنشأ».
وفي نهاية مقاله، أكد اللافي أنه «على أوروبا استعادة الوضوح أولا في استراتيجيتها من أجل استعادة سيطرتها على سياسات الهجرة»، مؤكدا: «حل أزمة الهجرة لا يكمن في بناء أسوار عالية أو إبرام صفقات محفوفة بالمخاطر، بل في صياغة شراكات تقوم على المساءلة والمصالح الطويلة الأجل والاحترام المتبادل».