خبراء اقتصاديون: سياسات المصرف المركزي تؤدي إلى انهيار الدينار الليبي

تزايدت وتيرة انتقادات خبراء اقتصاديين لسياسات المصرف المركزي، بعد أن كسر سعر صرف الدولار حاجز ثمانية دنانير في السوق الموازية.
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، صعد سعر العملة الأميركية إلى 8.03 دينار، لتزيد الفجوة مع سعر صرف الدينار في السوق الرسمية، الذي بلغ 5.43 دينار.
وحسب رؤية الخبير الاقتصادي د.عبدالحميد الفضيل، فإن «استمرار الإنفاق المفرط من قِبل الحكومتين في شرق وغرب ليبيا يتجاهل كل التوازنات الاقتصادية»، معتبرا «ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية إلى مستويات أعلى هو مسألة وقت ليس إلا».
وبحسب بيانات رسمية، تجاوز حجم إنفاق الحكومة المكلفة من البرلمان 50 مليار دينار حتى نهاية يونيو، بينما تجاوز إجمالي إنفاق الحكومتين 105 مليارات دينار، مما زاد الضغط على الطلب على النقد الأجنبي.
ورأى الفضيل أن «الطلب المرتفع على النقد الأجنبي يبدو منطقيا ومتوقعا في ظل هذا الإنفاق غير المنضبط».
الفيتوري ينتقد السياسة النقدية لـ«المركزي»
أما الخبير الاقتصادي الليبي د. عطية الفيتوري فوجه انتقادا إلى السياسة النقدية التي يتبعها المصرف المركزي، قائلا إنه «يطبق نظام سعر صرف الدينار الزاحف، ولا يعلن تخفيض قيمته».
ورأى الفيتوري أن «نظام سعر صرف الزاحف لا تتبعه إلا الدول الفاشلة التي ليست لها موارد مهمة بالعملات الأجنبية»، شارحا أن «سعر الصرف الزاحف ليس له مستوى يقف عنده»، وفق إدراج عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
– للاطلاع على العدد «505» من جريدة «الوسط».. اضغط هنا
أضاف الخبير: «المصرف المركزي يُدخل سعر صرف الدينار في دوامة لا تنتهي، مثل دول أخرى على سبيل المثال العراق ولبنان والسودان.. إلخ»، معربا عن اعتقاده بأن «هذه السياسة الخاطئة لن تقود الاقتصاد إلا إلى المزيد من النخفيضات والتضخم والفقر».
وسبق أن خفض المصرف المركزي قيمة الدينار في مارس 2021 بـ70 %، ليكون سعر الدولار الرسمي الجديد 4.48 دينار، ثم ارتفع سعر صرف الدولار إلى 4.80 دينار في العام نفسه بسبب ارتفاع قيمة العملة الأميركية مقابل العملات في سلة العملات الدولية.
وتابع الفيتوري: «لم يكتف المصرف المركزي بهذا الانخفاض في قيمة الدينار، بل خفض قيمته 13.3 % في أبريل الماضي 2025، دون إعلان ذلك، ليكون سعر صرف الدولار الآن 5.43 دينار، دون حساب الرسم المفروض على بيع العملة الأجنبية».
«تقديرات خاطئة» وراء تخفيض الدينار
من زاوية أخرى، هناك من يرى أن تخفيض قيمة الدينار الليبي لم يستند إلى ضغط خارجي حقيقي، بل «نتيجة تقديرات خاطئة وسلوك دفاعي من السلطات النقدية الليبية بدعوى حماية الاحتياطي من النقد الأجنبي»، وهي رؤية يتبناها الخبير الاقتصادي الليبي د. محمد الشحاتي.
وأوضح الشحاتي: «الاحتياطي النقدي لم يكن في خطر، بل جرى استنزافه تحت وهم الخطر». وأكد أن الحفاظ على احتياطي البلاد من العملات الأجنبية «يجب ألا يكون بدافع التهويل، بل وفق مبدأ التحصين الذي يمنع تسرب العملات عبر قنوات المضاربة والفساد، ويوجه استخدامها نحو دعم النشاط الاقتصادي الحقيقي والمستدام».
وتساءل د. محمد الشحاتي: هل كانت هناك حاجة فعلية لتخفيض قيمة الدينار الليبي؟ وأجاب: «في 2013 و2014 و2015 فقط، تجاوزت قيمة الواردات تلك المسجلة رسميا، مما يشير إلى وجود واردات من السوق الموازية تُموّل خارج النظام المصرفي، وقد بلغ هذا الفرق نحو 20.7 مليار دولار».
وقال: «لكن منذ 2016 حتى 2023، كانت الواردات الرسمية أعلى من تلك التي سُجّلت في ميزان المدفوعات، ما يعني غياب الضغط النقدي الفعلي على الدينار في السوق السوداء».
أضاف الشحاتي إن الفجوة بين الصادرات والواردات، وكذلك بين السوق الرسمية والموازية، لم تكن كبيرة، بما يبرر تخفيض قيمة الدينار 240 % في العام 2021، بل إن الوضع الخارجي ظل، إجمالا، داعما للاستقرار النقدي، وهو ما يثير التساؤل حول دوافع السياسات النقدية المتخذة.