جريدة «الوسط»: تأثير ترامب يضفي طابعاً على عرض الـ70 مليار دولار

توقف كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والشرق الأوسط مسعد بولس في ليبيا ضمن جولة إقليمية، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول رفيع من إدارة دونالد ترامب خلفت نقاط ظل حول الملفات الساخنة التي لم تناقش في العلن مع المسؤولين الذين التقاهم بولس وصارت هاجساً بالنسبة لليبيين على غرار التطبيع وتوطين الفلسطينيين وترحيل مهاجرين سيئي السمعة من أميركا إلى دول بينها ليبيا.
ويُعرف عن السياسة «الترامبية» خاصة منذ عودة صاحبها إلى البيت الأبيض ارتكازها على أولويتين ضمن رؤية أشمل في المنطقة تتمثل في تمكين «إسرائيل» عبر خطط التطبيع تحت عنوان «الاتفاقات الإبراهيمية» وربما محاولة ضم ليبيا إليها، ثم تأتي مسألة التحكم في الموارد، وبقي الغموض حتى الآن بشأن الرسائل التي قد يكون طرحها بولس داخل الغرف المغلقة في كل من طرابلس وبنغازي.
لقاءات مستشار ترامب في طرابلس وبنغازي
وأجرى مستشار ترامب في العاصمة الليبية سلسلة لقاءات شملت رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى، قبل أن يزور بنغازي، ويجتمع مع قائد قوات «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر، وفق منشور مصور للقيادة العامة على صفحتها الرسمية بمنصة «فيسبوك»، فيما حضر مستشار ترامب توقيع المؤسسة الوطنية للنفط وشركة «هيل إنترناشيونال» الأميركية على اتفاقية بنية تحتية بقيمة 235 مليون دولار لدعم إنتاج وتصدير الغاز الليبي.
وفيما نقل المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي عن المنفي تشديده على «الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية»، وتأكيده أن «أي شراكة حقيقية يجب أن تقوم على الشفافية وتعزيز النزاهة في إدارة الموارد، لا سيما في قطاعي النفط والطاقة البديلة»، لفت الدبيبة وفريق حكومته انتباه المراقبين؛ إذ جرى خلال لقائه بولس بحث تعزيز «الشراكة الاستراتيجية» بين ليبيا والولايات المتحدة، بحسب ما أفاد به المكتب الإعلامي للحكومة الذي أشار أيضاً إلى استعراض «سبل تعميق التعاون في قطاعات حيوية، شملت الطاقة والمعادن والبنية التحتية والصحة والاتصالات».
الدبيبة يعرض على بولس «شراكة استراتيجية» بـ70 مليار دولار
وقدم الدبيبة إلى المسؤول الأميركي عرضاً لـ«شراكة استراتيجية» تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 70 مليار دولار، وتشمل مشاريع جاهزة في قطاعات الطاقة والمعادن والكهرباء والبنية التحتية والاتصالات، وفق ما أعلنته حكومته، لكن إعلان الحكومة لم يتطرق إلى ما إذا كان جرى الخوض في مسألة نقل فلسطينيي غزة إلى ليبيا، وكذلك ترحيل مهاجرين من أميركا إليها.
– للاطلاع على العدد «505» من جريدة «الوسط».. اضغط هنا
أما بولس فقد وصف في تدوينة على حسابه بمنصة «إكس»، لقاءه بالدبيبة بــ«المثمر»، مشيراً إلى تطلّعه نحو «تعزيز الصفقات التجارية بين البلدين، وأهمية استعادة الهدوء، ومنع العنف، ودفع الحوار السياسي قدماً، في إطار العمل المشترك»، كما صرح بأن ليبيا تمثل شريكاً محورياً في أمن المنطقة، وأن واشنطن حريصة على توسيع آفاق التعاون السياسي والاقتصادي مع الدولة الليبية.
احتجاجات ترافق زيارة بولس لطرابلس
وعلى الرغم من تزايد الأنباء عن مقترحات أميركية–إسرائيلية لنقل (تهجير) سكان من قطاع غزة إلى ليبيا، ورغبة واشنطن في ترحيل مهاجرين ذوي سوابق إجرامية إليها، إلا أن أي مصدر من الطرفين لم ينف أو يؤكد إن كان المبعوث الأميركي طرح على الجانب الليبي مقترحاً محدداً حول هذا التوجه، وسط قلق الشارع الليبي وخشيته من تمريره في ظل وضع الدولة الهش الذي تعيشه ليبيا، وهو ما عبرت عنه وقفتان احتجاجيتان نظمهما حراك «سوق الجمعة» لدى وصول مستشار الرئيس ترامب العاصمة طرابلس، كانت الأولى أمام مطار معيتيقة الدولي لحظة مراسم استقباله، فيما جرت الثانية قرب مقر المجلس الرئاسي متزامنة مع لقاء المستشار الأميركي مع المنفي، بعد أن روجت خلال الآونة الأخيرة تقارير غربية وإسرائيلية لمساعي جهاز الـ«موساد»، بالتنسيق مع واشنطن، لإقناع 3 دول، من بينها ليبيا، لاستقبال عدد من أبناء الشعب الفلسطيني ضمن خطط لتهجيرهم من قطاع غزة.
ورفع المحتجون شعارات تعبر عن رفضهم لما وصفوه بـ«مخططات التهجير إلى ليبيا»، مؤكدين في الوقت نفسه ضرورة رحيل الأجسام السياسية القائمة كافة، مع استعجال تشكيل حكومة موحدة تتولى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وحذّر مجلس النواب، من جهته، مما اعتبره الزج باسم ليبيا في مخططات تهجير الفلسطينيين، وأوضحت لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس في بيان لها، الثلاثاء، أنها «تتابع بقلق بالغ ما تداولته تقارير إعلامية واستخباراتية بشأن هذه المخططات».
تيتيه في أديس أبابا للمشاركة في اجتماع مجلس السلم الأفريقي
في هذا الوقت وليس بعيداً عما سبق أجرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة هانا تيتيه زيارةً رسميةً إلى أديس أبابا للمشاركة في اجتماع مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا على مستوى رؤساء الدول، المنعقد الخميس، بحثت على هامشه مستجدات الأزمة الليبية مع عدد من الدبلوماسيين الأفارقة، وأكدت أن نقاشاتها تركزت على «أهمية تضافر جهود الأطراف الإقليمية والشركاء الدوليين لمنع استئناف الصراع في ليبيا، والمضي قدماً بالعملية السياسية المؤدية إلى الانتخابات».
وينتظر أن تعرض تيتيه خريطة طريق لحلحلة الوضع المتأزم في ليبيا كانت اقترحتها البعثة الأممية، وستعرض خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي في أغسطس المقبل. يأتي هذا في وقت لم تتوقف فيه انتقادات الداخل الليبي من طريقة تعامل البعثة الأممية مع الأزمة التي تعيشها البلاد، وبطء إيقاع العملية السياسية التي تقودها من أجل تحقيق توافق إيجابي بين من يسمو بأطراف الأزمة، ومن ثم الذهاب بالبلاد إلى الانتخابات الموعودة، غير أن البعثة ما برحت تلقي باللوم على تلك الأطراف لإصرار كل منهم على التمسك بمواقفه دون تقديم تنازلات متبادلة، ما أدى إلى عرقلة جهود تحريك العملية السياسية، وصولاً إلى موعد للاستحقاق الانتخابي.