حفريات “جراند كانيون” تكشف عن لمحة رائعة لتجارب التطور قبل 500 مليون سنة

كشف علماء من جامعة كامبريدج عن مجموعة مدهشة من الحفريات التي تعود إلى أكثر من 505 ملايين عام، وسط تضاريس «جراند كانيون» المهيبة في الجزء الشمالي الغربي من ولاية أريزونا الأميركية.
تسلط الحفريات الضوء على مرحلة غامضة من تطور الحياة على الأرض، تعرف باسم الفترة الكمبريّة المتأخرة. هذا الاكتشاف الجديد يقدم نظرة غير مسبوقة على تجارب الطبيعة في إعادة تشكيل الكائنات الحية في أعقاب «الانفجار الكمبري»، ذلك الحدث البيولوجي الذي شهد ظهور الكائنات المعقدة بشكل مفاجئ وسريع، وفقا لدراسة منشورة في دورية «ساينس أدفانسيد».
الحفريات التي جرى العثور عليها في تكوين «برايت أنجل»، وهي منطقة كانت ذات يوم بيئة بحرية ضحلة، شملت أكثر من 1500 كائن صغير محفوظ بشكل رائع، أبرزها ديدان بريابوليد، وعدد من القشريات والرخويات. هذا التنوع أتاح للعلماء تتبع استراتيجيات تكيف الكائنات مع بيئاتها، في وقت كانت المنافسة البيئية تتصاعد بقوة.
– حفرية عمرها 500 مليون عام تشير إلى أن أصل العناكب يعود إلى المحيط
– اكتشاف الحفرية الأولى للـ«دينيسوفان» في تايوان (دراسة)
– اكتشاف علمي في بنغازي.. العثور على «جمبري الكهوف الأعمى» بعد نحو قرن من اختفائه
ومن بين هذه الكائنات، اكتُشف نوع من الديدان يُدعى (Kraytdraco spectatus)، تغطي جسمه أسنان مزودة بخيوط دقيقة، تختلف في الشكل والطول حسب موقعها على الجسم. يعتقد العلماء أن هذه الديدان استخدمت أسنانها في حك الأسطح وتحريك الجزيئات الغذائية، والتي كانت تُلتقط لاحقًا بواسطة الخيوط الطويلة لتغذيتها.
كما ظهرت دلائل على استخدام القشريات لنظام تغذية بالتعليق عبر شعيرات دقيقة تدفع الطعام نحو الفم، فيما امتلكت الرخويات صفوفًا من الأسنان المجرفة لكشط الطحالب والميكروبات.
فصول غير مكتملة من قصة الحياة
أهمية هذا الاكتشاف لا تكمن فقط في عدد الحفريات، بل في التفاصيل الدقيقة التي تكشف عن سلوكيات وتكيفات متقدمة، توضح كيف بدأت الكائنات الحية في استكشاف البيئات واستغلال الموارد بطرق مبتكرة، مما عزز نشوء الفصائل الحيوانية الكبرى التي تضم مفصليات الأرجل والفقاريات، والتي يشكل الإنسان جزءاً منها.
يرى الباحثون أن هذا «الألبوم الثاني» من التطور لا يقل أهمية عن الانفجار الكمبري الأول، إذ ساعد على ترسيخ استراتيجيات البقاء والتكيف التي ما زالت تؤثر على الحياة المعاصرة.
وبينما تكشف هذه الحفريات عن عالم غامض، فإنها تُعيد التأكيد على أن الأرض لا تزال تخفي فصولاً غير مكتملة من قصة الحياة.