مها الغزاوية تواجه التحديات عبر «التطريز» في باريس

مها الغزاوية تواجه التحديات عبر «التطريز» في باريس

مها الداية فنانة فلسطينية من سكان غزة الذين لجأوا إلى فرنسا. داخل مشغلها الفني، تنسج مها الحرب غرزة غرزة، كفعل مقاومة، لتوثيق الحياة تحت القصف. وعلى لوحات قماشية بألوان غامقة، تنسج بخيوط صوفية سوداء رسائل بالعربية مثل «أوقفوا الإبادة الجماعية»، أو تنجز خريطة لقطاع غزة بها مناطق بالأحمر ترمز إلى الدمار.

عرضت مها أعمالها في معهد العالم العربي في باريس في أبريل؛ حيث أهدت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قطعة مطرزة تقليدية عليها عبارة «وين بدنا نروح؟» (إلى أين سنذهب؟)، وهي عبارة شائعة في غزة «يردّدها الجميع لأننا نهجر باستمرار»، وفق حديثها إلى وكالة «فرانس برس».

عاشت مها وعائلتها ستة أشهر من هذه الحرب، وبعد أيام قليلة على حرب غزة في السابع من أكتوبر، غادرت مدينتها تاركة شرفتها «المزيّنة بالأزهار»، ولجأت إلى خان يونس في الجنوب، على أمل النجاة من القصف. وتقول «قلت في قرارة نفسي إن المغادرة ستكون لبضعة أيام فقط، سنعود قريبًا. لم نكن نتوقع أن تطول هذه المدة».

طائر يخرج من قفصه
في منتصف ديسمبر، طال قصف المنزل الذي لجأت إليه، ما أدى إلى إصابة اثنين من أبناء أخيها بجروح خطرة، أحدهما بُتر أحد أطرافه، على قولها. عاشت وعائلتها الأشهر الأربعة التالية في خيمة. وتقول «كان البرد لا يُحتَمَل (…) والمطر يهطل بغزارة».

سمعوا عن وكالة توفر إمكان مغادرة قطاع غزة عبر الحدود المصرية في مقابل أربعة آلاف دولار للشخص الواحد. وقد غطّى فنان من بيت لحم تكاليف السفر في مقابل لوحات تنجزها مها وزوجها.

استأنفت الفنانة عملها الحرفي في القاهرة، فيما عاود زوجها، وهو فنان أيضًا، الرسم. تقول «تشعر هناك وكأنك طائر يخرج من قفصه، كان الأمر أشبه بحلم».

دعم فناني غزة
خلال تلك الفترة، تابعت مبادرة «معاً» التي تأسست مع بداية الحرب لدعم فناني غزة، مسيرتها الفنية، ورفعت ملفها إلى المعهد الفرنسي للعلوم السياسية ومعهد كولومبيا، الفرع الباريسي للجامعة الأميركية العريقة، للحصول على إقامة فنية ضمن برنامج «بوز»، ويهدف هذا البرنامج الذي أسسه وزير التعليم العالي والبحث الفرنسي العام 2018 إلى مساعدة الباحثين والفنانين في حالات الطوارئ.

بعد تسعة أشهر أمضتها العائلة في مصر، وصلت إلى باريس مطلع العام 2025، حيث التحقت مها بمعهد كولومبيا واستأنفت حياتها الفنية تدريجا. كانت تدرس الفرنسية صباحًا، وتطرز بعد الظهر.

– «الصحة الفلسطينية»: ارتفاع ضحايا حرب الإبادة على غزة إلى 59 ألفا و106 شهداء
– فنان فلسطيني يناضل ضد الاحتلال بـ«غرافيتي» على الجدار الإسرائيلي

وتقول مها «عندما وصلت إلى هنا، كنت سعيدة. أحب باريس بكل تفاصيلها. لكن في الوقت نفسه، أشعر بنوع من الألم الداخلي. ما دامت الحرب دائرة، والناس يموتون، وعائلتي لا تزال هناك، يصعب عليّ أن أعيش بسلام تام».

وتأمل أن تعود إلى وطنها يومًا ما، وتقول «هذه رغبة الجميع (…) لكننا نبحث دائمًا عن حياة أفضل لأنفسنا ولأولادنا»، مؤكدة أن «الأمان يبقى الأهم».