مؤرخ سياسي: معالجة أزمة الهجرة من منظور ليبي وليس أوروبي

حمل المؤرخ المتخصص في الشؤون الليبية في كلية دارتموث الأميركية، ديرك فاندويل، ليبيا مسؤولية أزمة الهجرة غير القانونية صوب أوروبا، واعتبر أنه لا يمكن حل الأزمة في ظل غياب حكومة شرعية موحدة تتمتع بالسلطة والنفوذ على كامل أراضي البلاد، مشيرا إلى انهيار الأدوات الأوروبية لحل الأزمة الليبية بمرور الوقت.
وقال، في حوار نشرته جريدة «توفيما» اليونانية اليوم الإثنين، إن «ليبيا هي مصدر هذه الأزمة بسبب غياب حكومة مستقرة قادرة على توجيه سياسة للهجرة. ولذلك، يأتي المهاجرون إلى ليبيا بسبب فراغ السلطة ويستخدمونها كنقطة انطلاق نحو أوروبا».
تربح جميع الفصائل من أزمة الهجرة
وأضاف فاندويل: «بالطبع تترك هذه الأزمة تداعيات كبيرة، على شرق وغرب ليبيا، فكلاهما يتربح بطريقة أو بأخرى من أزمة الهجرة. لكن المشكلة الأكبر تكمن بالطبع في أوروبا».
وتابع: «ما فاقم الأزمة هو وجود عدد من الأطراف الدولية، بالأخص روسيا في شرق ليبيا، وغيرها في الغرب تدعم تلك الممارسات. ولهذا فإن الرغبة في تقديم تنازلات تكون أقل بالطبع مما لو كان الحل ليبيًَا بحتا».
– «كاثمريني»: وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يناقشون الأزمة في ليبيا
– تقرير سويسري: روسيا ترسل المهاجرين جوًا إلى ليبيا لتهديد أوروبا «بحرًا»
– «مهاجر نيوز»: قفزة في أعداد المهاجرين إلى جزيرة كريت عبر ليبيا وشمال أفريقيا
تحول تدفقات الهجرة إلى الشرق
ولفت فاندويل في حواره إلى تحول في نمط الهجرة غير القانونية من ليبيا في الآونة الأخيرة، وتركزها في المنطقة الشرقية الواقعة تحت سيطرة قوات المشير حفتر.
وقد أثارت تدفقات الهجرة المتنامية من شرق ليبيا غضب اليونان وإيطاليا على وجه الخصوص من السياسات الأوروبية، لأنهما تعتبران أن سياسات بروكسل نقلت مشكلة المهاجرين من غرب إلى شرق ليبيا دون أن تقدم حل جذري للأزمة.
وقال فاندويل: «أعتقد أن الأزمة ليست جديدة، بل هي أزمة قائمة بالفعل، وستستمر ما دامت المشكلة الأساسية، وهي فراغ السلطة في شرق البلاد وغربها، قائمة ولم تعالج بشكل جدي من قبل الحكومة في طرابلس، أو من قبل حفتر في الشرق».
ويرى المؤرخ السياسي أن «الأدوات التي استخدمها الأوروبيون للتدخل في الأزمة بليبيا منذ العام 2011، عبر الأمم المتحدة ومهام إدارة الحدود وغيرها، انهارت بمرور الوقت. قضية الهجرة أصبحت الوحيدة ذات صلة، ولهذا خصص الأوروبيون كميات ضخمة من الأموال لإدارتها».
أزمة طرد الوفد الدبلوماسي من بنغازي
وتعليقا على الأزمة الدبلوماسية الناجمة عن قرار الحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي طرد وفد دبلوماسي أوروبي شمل مفوض الهجرة، ماغنوس برونر، قال فاندويل إن «الأزمة الحقيقية هو أن الوفد خرج من طرابلس وأراد التوجه إلى بنغازي. ما فعله حفتر كان مغامرة دبلوماسية عالية المخاطر».
وأضاف: «رأى حفتر أنه إذا أراد الأوروبيون الحديث معه بشأن أزمة الهجرة، فعليهم التعامل معه ومع الحكومة التابعة له، وهي غير معترف بها دوليا. ولهذا لم يكن بمقدور الوفد الأوروبي الجلوس مع حفتر وحكومته لأن ذلك سيُعد إقرارًا ضمنيًا بشرعيتها دوليًا، وهو أمر غير صحيح لأن المجتمع الدولي يعترف بحكومة طرابلس فقط».
وتابع: «كان الأمر لعبة دبلوماسية من جانب حفتر، لكنها تعكس قضية مهمة يمكن لحفتر استخدامها في مواجهة أوروبا. في هذه الحالة، جاءت بنتائج عكسية، لكنني متأكد من أننا سنرى وفودا جديدة تنضم إلينا، وعاجلا أم آجلا، ستُحسم هذه القضية، وسيضطر حفتر إما إلى تقديم تنازلات، وإلا ستنهار قضية الهجرة برمتها».
النزاع بشأن ترسيم الحدود البحرية
وتطرق الحوار إلى النزاع مع اليونان بشأن ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط، ووصف فاندويل المذكرة التي تقدمت بها ليبيا أمام الأمم المتحدة تطالب بمناطق اقتصادية جنوب وغرب جزيرة كريت بـ«التطور المثير للاهتمام».
وقال: «إنه أمر مفاجئ للغاية لعدة أسباب. أولا أن ليبيا لا تملك فعليا القدرة على بسط نفوذها العسكري لحماية ما تعتبره مناطق اقتصادية تابعة لها. لهذا أعتقد أن الأمر يتعلق بالتعاون مع الحكومة التركية، ولا يتجاوز ذلك».