قطاع الذكاء الصناعي يسعى لإيجاد طرق لتقليل الطاقة المستهلكة

قطاع الذكاء الصناعي يسعى لإيجاد طرق لتقليل الطاقة المستهلكة

بفضل تقنيات تبريد جديدة ورقائق أكثر كفاءة وتطورات سريعة في البرمجة، يسعى قطاع الذكاء الصناعي إلى الحد من استهلاكه للطاقة في ظل النمو المحموم في السنوات القليلة الماضية.

تعتمد البنية التحتية للذكاء الصناعي على مراكز البيانات، والتي من المتوقع، وفقا للوكالة الدولية للطاقة أن تُمثل حوالي 3% من احتياجات الكهرباء العالمية بحلول العام 2030، أي ضعف النسبة الحالية، وفقا لوكالة «فرانس برس».

ويزور الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء ولاية بنسلفانيا ليعلن، بحسب وسائل إعلامية، عن استثمارات في الولاية بقيمة 70 مليار دولار تقريبا في مجال الذكاء الصناعي والبنية التحتية للطاقة.

تتحدث شركة «ماكينزي» الاستشارية عن «سباق» لبناء مواقع كافية «لمواكبة التسارع الهائل للذكاء الصناعي»، مُحذرة في الوقت نفسه من خطر نقص داهم في هذا المجال.

– دراسة علمية: النماذج الصغيرة والأسئلة القصيرة تخفض استهلاك الذكاء الصناعي للطاقة

يقول الأستاذ في جامعة ميشيغان مشرّف شودري «هناك طرق عدة لمعالجة هذه المشكلة». ويضيف «يمكن زيادة مصادر الطاقة»، وهو مسار تتبعه أيضا شركات الذكاء الصناعي الرائدة، «أو تقليل الطلب» على الكهرباء بالقدرة نفسها.

بالنسبة للأكاديميين، يمكن إيجاد حلول «ذكية» على مختلف مستويات سلسلة الذكاء الصناعي، من المعدات المادية إلى الخوارزميات.

وبحسب غاريث ويليامز من شركة «أروب» الاستشارية، تُمثل الطاقة اللازمة لصيانة مركز بيانات حاليا 10% من استهلاك الخوادم نفسها، مقارنة بنسبة 100% قبل 20 عاما.

يُعزى هذا الانخفاض، من بين أمور أخرى، إلى الاستخدام الواسع النطاق للتبريد السائل الذي يحل محل التهوية التقليدية التي تتضمن حتى تدوير السوائل مباشرةً عبر الخوادم.

يُشير غاريث ويليامز إلى أن «كل الشركات الكبرى تستخدمه الآن، وقد أصبح أساسيا في منتجاتها».

زادت الرقائق الجديدة من شركة «إنفيديا» العملاقة في صناعة الشرائح المستخدمة في الذكاء الصناعي، استهلاك الطاقة في حامل الخوادم بأكثر من مئة مرة مقارنة بما كان عليه قبل 20 عاما.

وبنتيجة ذلك، يُمكن للسائل أن يصل إلى درجات حرارة أعلى بكثير من ذي قبل، وفق غاريث ويليامز، ولكن هذا يُسهّل في المقابل التبريد عند ملامسة الهواء الخارجي، نظرا لاختلاف درجة الحرارة.

في أوائل يوليو، كشفت «أمازون» عن نظام تبريد سائل جديد يُسمى «اي ار اتش اكس» IRHX يُمكن تركيبه في مركز بيانات من دون الحاجة إلى دمجه في البنية الأساسية.

«خفض الأرباح»
ومن التطورات الأخرى، تجهيز مراكز البيانات بأجهزة استشعار مدعومة بالذكاء الصناعي لمراقبة درجة الحرارة، ليس على مستوى الموقع، بل في «مناطق دقيقة» و«تحسين استهلاك المياه والكهرباء» بشكل استباقي، وفق بانكاج ساشديفا من «ماكينزي».

وقد طور مختبر مشرّف شودري خوارزميات لتقييم دقيق لكمية الكهرباء اللازمة لتشغيل كل شريحة، ما أدى إلى توفير يتراوح بين 20% و30%.

كما جرى إحراز تقدم في مجال المعالجات الدقيقة نفسها.

ويشير بانكاج ساشديفا إلى أن «كل جيل من الشرائح يتمتع بكفاءة أكبر في استخدام الطاقة» مقارنة بالجيل السابق.

وتوضح الأستاذة في جامعة بيردو يي دينغ لوكالة «فرانس برس» أن فريقها أثبت أنه يمكن إطالة عمر أقوى شرائح الذكاء الصناعي، سواءً كانت وحدات معالجة الرسومات (GPUs) أو بطاقات الرسومات، «من دون التأثير على الأداء».

وتضيف «لكن من الصعب إقناع مصنعي أشباه الموصلات بخفض أرباحهم» من خلال تشجيع المستهلكين على استخدام المعدات نفسها لفترة أطول.

ويُخاض الصراع أيضا في برمجة وتدريب نماذج الذكاء الصناعي التوليدية الكبيرة.

في يناير، قدمت شركة «ديبسيك» الصينية نموذجها «ار 1» للذكاء الصناعي التوليدي، والذي يُضاهي أداء الشركات الأميركية الكبرى على الرغم من تطويره باستخدام وحدات معالجة رسومية أقل قوة.

حقق مهندسو الشركة الناشئة ذلك جزئيا من خلال برمجة بطاقات الرسومات بدقة أكبر. كما أنهم تخطوا بالكامل تقريبا خطوة تدريب النموذج التي كانت تُعتبر أساسية حتى ذلك الحين.

ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الاختراقات التكنولوجية، «لن نتمكن من تقليل إجمالي استهلاك الطاقة، بسبب مفارقة جيفونز»، وفق يي دينغ.

وبحسب الاقتصادي البريطاني ويليام ستانلي جيفونز (1835-1882)، فإن تحسين كفاءة استخدام مورد محدود يزيد الطلب تلقائيا لأن تكلفته تنخفض.

تحذّر يي دينغ من أن «استهلاك الطاقة سيستمر في الارتفاع» رغم كل الجهود المبذولة للحد منه، «ولكن ربما بوتيرة أبطأ».