انقسام ليبي بشأن نقص الدستور في خطة “الاستشارية”

انقسام ليبي بشأن نقص الدستور في خطة “الاستشارية”

مع بدء العد التنازلي لإعلان المبعوثة الأممية هانا تيتيه عن خارطة طريق حل الأزمة الليبية أمام مجلس الأمن الشهر المقبل، يحتدم النقاش حول موقع وثيقة مشروع الدستور والاستفتاء المؤجل منها من مقترحات اللجنة الاستشارية، إذ دعا مناصرون لهذا الخيار الأخير المستبعد لتدخل النائب العام.

وأظهرت استطلاعات رأي أجرتها بعثة الأمم المتحدة بين شباب وسياسيين ونشطاء ليبيين انقساماً بين دعم تشكيل لجنة حوار سياسي جديدة، رغم إبداء البعض مخاوفهم من إنشاء منتدى قد يتحول إلى جسم سياسي دائم.

في المقابل، فإن فريقاً آخر حث على العمل على الدستور، قائلين إنه ينبغي أن يأتي أولاً، بينما اختلف بعضهم مع هذا الطرح، مشيرين إلى أنه يجب أن يأتي بعد الانتخابات البرلمانية.

وعلى الرغم من النداءات المتكررة للاستفتاء على مشروع دستور 2017، منها المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» اللتان تدفعان به، لكن الأمم المتحدة لم تضع هذا المطلب ضمن مشاوراتها، وفق متابعين.

بوفايد: تعطيل استحقاق الاستفتاء على مشروع الدستور «جريمة»
ويصف عضو المجلس الأعلى للدولة إدريس بوفايد تعطيل استحقاق الاستفتاء على مشروع الدستور بـ«الجريمة».
وبوفايد هو نائب رئيس لجنة المسار الدستوري بالمجلس الأعلى للدولة في حوارات القاهرة والغردقة 1و2 بين 2020 و2021.
بل ويذهب بوفايد إلى وصف تعطيل الدستور بأنه من «الجرائم الكبرى في حق الوطن والمواطن، بما ترتب عليها من حروب وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إهدار المال العام وتدهور الاقتصاد الليبي بشكل مريع».
وحث بوفايد النائب العام على جعل هذا الملف من أولى أولوياته والبدء باستدعاء رئيس المفوضية العليا للانتخابات وإيقافه احتياطياً حتى انتهاء التحقيق معه ومع كافة المُعطِّلين للمسار التأسيسي، وتوجيه التهم رسمياً لهم وإحالة كل من تطاله المسؤولية في ذلك على المحاكم المختصة وفق تعبيره.
وانتهت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور من إعداد مشروع الدستور العام 2017 وأحالته إلى مجلس النواب لعرضه على الشعب للاستفتاء، غير أن هذه العملية تعطلت بسبب احتجاج البرلمان على عدد من القوانين التي جاءت في المشروع.

– للاطلاع على العدد «503» من جريدة «الوسط».. اضغط هنا
– البعثة الأممية تدعو شباب بلديات المرقب لمناقشة خيارات «الاستشارية»
– شباب ينتقدون تأخُّر تيتيه في طرح خارطة الطريق.. وخوري: ستقدمها أغسطس المقبل
– ليبيات يطالبن بـ«إصلاح شامل» لقطاع الأمن بالتزامن مع العملية السياسية

ومضى أكثر من شهر على مهلة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، منحها لرئيس المفوضية الوطنية للانتخابات عماد السايح لاتخاذ إجراءات قانونية من بينها الاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور.

ولجأ المنفي إلى إحياء فكرة الاستفتاء على مشروع الدستور بالتنسيق مع حليفه رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة، وسط اعتراضات على صلاحيات المجلس الرئاسي في اتخاذ خطوات كهذه في المسار السياسي، بجانب تأكيد مراقبين عدم قدرة مفوضية الانتخابات على انجاز الاستفتاء طوال السنوات الماضية بسبب حالة الاحتراب بين الفرقاء والتي فرضت «القوة القاهرة» على استكمال العملية السياسية.

وخرجت مطالب الرئاسي بالاستفتاء بعد يوم واحد من إصداره 3 مراسيم تقضي بإلغاء العمل بقانون المحكمة الدستورية الصادر عن البرلمان، وتشكيل المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني، بالإضافة إلى قرار بانتخاب المؤتمر العام للمصالحة الوطنية.

وفي 25 يونيو استعرض المنفي والدبيبة مستجدات تفعيل المفوضية العليا للاستفتاء والاستعلام الوطني، وأكدا «أهمية إجراء استطلاع شعبي واسع، محايد وشفاف، في أقرب وقت ممكن، كقاعدة لأي مسار دستوري يقوم على توافق شعبي حقيقي».

ودعم أغلب أعضاء الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور، مطالبة المنفي مفوضية الانتخابات بتنفيذ الاستفتاء حتى لو كانت خطوة متأخرة.

وسبق أن ردت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور على مخرجات اللجنة الاستشارية المنبثقة عن البعثة الأممية، قائلة بضرورة «احترام مخرجات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، باعتبارها هيئة منتخبة من قبل الشعب».

وعموماً يلحظ الخبير الدستوري الليبي الهادي علي بوحمرة أن المساعي «تتركز على تشكيل حكومة لمرحلة انتقالية جديدة دون النظر في حل الأزمة»، ويقول بوحمرة، وهو عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور «لا وجود لأي جهد حقيقي على مسار حل الأزمة أوحل يتعلق بالمسار الدستوري الدائم.. هناك تجاهل تام لهذا المسار».

دوغة يرفض الاستفتاء على مسودة الدستور
لكن هناك من السياسيين من يخالف الخطوة، ومنهم نائب رئيس حزب الأمة الليبي، أحمد دوغة، الذي عبر عن رفضه الاستفتاء على مسودة الدستور الحالية والتي «لم يشارك فيها مكون الأمازيغ، ولم تكن عادلة ولم تساو بين كل مكونات الشعب الليبي بكل تنوعهم»، وفق تعبيره، مجدداً مقاطعته لهذه المسودة أو الاستفتاء عليها، إلا إذا جرى تعديلها والتوافق حولها.

في المقابل، يعتقد دوغة في تصريح لـ«الوسط»، أن «خارطة تيتيه والاستفتاء عليها، وبين ما جرى الاتفاق عليه بين الدبيبة والمنفي بشأن المفوضية العليا للاستفتاء والاستعلام الوطني لا يتعارضان، وكلاهما يختلف عن الآخر من ناحية الإجراء».

وبالنسبة لخارطة تيتيه، ووفق شرح السياسي الليبي، فهي «عبارة عن الآلية التي يمكن اتباعها أو الإجراء الذي ربما نصل به إلى مرحلة الاستفتاء»، و«أما بالنسبة لاتفاق الدبيبة والمنفي لإنشاء الهيئة الوطنية المتخصصة في الاستفتاء، فهي تعتبر جهة فنية تنفيذية فقط وليس لها علاقة بالآلية التي سوف تطبقها والتي هي ربما نفسها خارطة تيتيه».

وانتقد حزب «صوت الشعب» إطلاق البعثة الأممية ما يسمى بـ«الاستشارات الإلكترونية» أو «الاستطلاعات الرقمية»، عاداً أن هذه الاستطلاعات الرقمية لا ترقى بأي شكل إلى مستوى الاستفتاءات الدستورية أو القانونية، وتفتقر إلى المعايير الفنية والمؤسساتية التي تمنحها الشرعية».

الملخص التنفيذي للجنة الاستشارية
يذكر أن الملخص التنفيذي للجنة الاستشارية يمثل خيارات لحل القضايا الخلافية يمكن أن تشكل خريطة طريق لإجراء الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية، أولها إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بصورة متزامنة، وثانيها إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، يليها اعتماد دستور دائم.

أما ثالث الخيارات فاعتماد دستور دائم قبل الانتخابات، والخيار الرابع إنشاء لجنة حوار سياسي بناءً على الاتفاق السياسي الليبي لوضع اللمسات الأخيرة على القوانين الانتخابية والسلطة التنفيذية والدستور الدائم.