صحيفة “الوسط”: ارتفاع القلق بشأن تدهور الأوضاع الأمنية في العاصمة

صحيفة “الوسط”: ارتفاع القلق بشأن تدهور الأوضاع الأمنية في العاصمة

يعكس التصعيد الكلامي الأخير، والحديث عن التحشيدات العسكرية في العاصمة طرابلس هشاشة التفاهمات والترتيبات الأمنية السابقة، التي يخشى كثيرون أن تنهار لتعود حالة الصراع المسلح، ويتزامن هذا مع اهتمام غربي بالملف الليبي بما فيه التوترات الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي.

وفي السياق، كان إعلان النيابة العامة عن حصيلة النتائج الأولية المروّعة لاشتباكات طرابلس خلال الأسابيع الأخيرة بمثابة إنذار لهشاشة الوضع الأمني في ظل استمرار إفلات بعض عناصر الميليشيات من العقاب، على الرغم من ارتكابهم جرائم ضد المدنيين ومؤسسات الدولة.

حصيلة أولية لاشتباكات طرابلس
شملت الحصيلة مقتل 15مدنياً و5 آخرين داخل مؤسسات الإصلاح والتأهيل، إضافة إلى فرار 461 نزيلاً، فضلاً عن تضرر 211 منزلاً، و35 مؤسسة عامة، و75 مشروعاً عاماً، و640 مركبة.

وفي ظل تواتر التقارير التي ترصد الوضع الأمني في العاصمة طرابلس ومحيطها، طالبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأطراف السياسية والأمنية كافة «بالامتناع عن استخدام القوة»، لا سيما في المناطق المكتظة بالسكان، وتجنب أي تصرفات أو خطابات سياسية قد تؤدي إلى التصعيد، أو تتسبب في اندلاع اشتباكات جديدة. وأكدت أن من يرتكب اعتداءات ضد المدنيين سيكون عرضة للمحاسبة.

وفيما حثت البعثة على التنفيذ العاجل للترتيبات الأمنية التي وضعتها لجنتا الهدنة والترتيبات الأمنية والعسكرية، والتي تواصل دعمهما، شددت البعثة على ضرورة أن تنسحب القوات التي جرى نشرها مؤخراً في طرابلس دون تأخير.

تصاعد الخلافات بين «حكومة الدبيبة» و«الردع»
وتصاعدت الخلافات العلنية بين وزارة العدل التابعة لـحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» و«جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، الذي يتبع شكلياً المجلس الرئاسي، بشأن أوضاع المحتجزين في سجون العاصمة، عقب إعلان الوزارة الإفراج عن عشرات السجناء، خالف احتجازهم الإجراءات القانونية، في خطوة اعتبرتها تصحيحاً للانتهاكات وعودة لسيادة القضاء.

وأمام هذه الوقائع أبدى رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة تمسكه بما يسميها خطة بسط سلطة الدولة، وتفكيك الميليشيات؛ حيث وضع شروطاً لتجنب الحرب ضد المجموعات المسلحة، منها تسليم المطلوبين إلى النائب العام، وإخضاع المطارات والموانئ والسجون لسلطة الدولة.

– النائب العام يستعرض نتائج التحقيق في أحداث طرابلس مع لجنة الترتيبات الأمنية
– الدبيبة: التشكيلات المسلحة أصبحت دولة داخل الدولة.. وهذه شروط إنهاء الحرب معها
– النيابة تطلب من «الجنائية الدولية» أدلة الإثبات في التهم الموجهة لأسامة نجيم
– الصحف الغربية تعلق على طرد الوفد الأوروبي من بنغازي.. وجريدة يونانية تطالب بنهج جديد مع ليبيا
– من بينها ليبيا.. ترامب يفرض رسومًا جمركية 30% على 3 دول عربية
– عقيلة والمشري يناقشان الخطوات العملية لخريطة طريق لاختيار حكومة جديدة

وقال الدبيبة مخاطباً التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون «صبرُنا نفد وآن الأوان لبسـط سلطة الدولة»، وهو ما فهم على أنه إعلان حرب، ما يعيد إلى الأذهان اندلاع أعنف اشتباكات في طرابلس بين مجموعتين مسلحتين عقب إصدار أمر في مايو الماضي بتفكيك الميليشيات غير النظامية.

التحقيق مع أسامة نجيم
في الأثناء، أعلنت النيابة العامة الشروع في التحقيقات مع أسامة نجيم، القيادي السابق بجهاز الشرطة القضائية، بعد رفع القيد الإجرائي عنه. وأوضحت في بيان، الأربعاء، أنها «بدأت بفحص عناصر الجرائم الواردة في أمر القبض الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية، ومراجعة الوقائع التي سبق للقضاء الليبي النظر فيها، للتحقق من مدى تطابقها مع الجرائم محل الملاحقة الدولية». وتتهم المحكمة الدولية نجيم بارتكاب جرائم حرب.

وغير بعيد في شرق ليبيا، صعّدت حكومة المكلف من مجلس النواب أسامة حمّاد ضد تحركات أفراد البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، مُشدّدةً على «عدم القيام بأي زيارات أو لقاءات رسمية داخل الدولة الليبية من دون إشعار مسبق».

طرد الوفد الأوروبي من بنغازي
القرار جاء كتبرير لطرد مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الهجرة ماغنوس برونر من بنغازي، يوم الثلاثاء، باعتباره «شخصاً غير مرغوب فيه»، وذلك على خلفية خرق واضح للبروتوكول الدبلوماسي، وفق رواية حكومة حماد، ففي أحدث توتر مع بروكسل تحوّلت محاولة الاتحاد الأوروبي لتنسيق خطة لوقف تدفق المهاجرين من ليبيا إلى لعبة إلقاء اللوم، بعد أن اتهمت القيادة العامة بطرد وفد أوروبي رفيع يضم وزراء الداخلية والهجرة لكل من إيطاليا واليونان ومالطا، قبل أن تطأ أقدامهم بنغازي.

وعلّقت جريدة «بوليتيكو» في نسختها الأوروبية، اليوم الخميس، بأن «مهمة برونر الفاشلة تهدد بتوجيه ضربة قوية لمصداقية المفوضية».

ووجّه مسؤولون في أثينا وروما أصابع الاتهام إلى بروكسل وسلكها الدبلوماسي، وأقرّ بعض زملاء برونر داخل المفوضية الأوروبية بتقصير الاتحاد الأوروبي. وأعلنت الحكومة اليونانية أنها ستواصل محادثاتها مع ليبيا، وستتخذ إجراءات طارئة لمواجهة ارتفاع أعداد الوافدين إلى جزيرة كريت القادمين من سواحل طبرق.

وقال وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي، الذي كان برفقة برونر في الرحلة: «أُلغي الاجتماع في اللحظة الأخيرة بسبب استياء الجانب الليبي من الحماسة المفرطة لبعض المسؤولين في الوفد الأوروبي».

الوفد رفض لقاء حماد
وحسب المصادر الأوروبية، فقد أصرّ وفد اللجنة الأوروبية الرباعية على رغبته في التحدث مع المشير خليفة حفتر وحده، ورفض أي لقاءات مع مسؤولين آخرين من حكومة حماد. وقد أثار ذلك أزمة للوفد؛ حيث أوضحوا أنهم لا يستطيعون الاجتماع مع أعضاء حكومة لا تعترف بها الأمم المتحدة.

ووفق مصدر مطلع على الأمر ـ طلب عدم كشف هويته ـ أعلن الاتحاد الأوروبي في البداية أنه لن يعقد اجتماعاً مع وزراء حكومة حماد، ثم قرر الاجتماع بهم بشرط عدم التقاط الصور، غير أن حفتر رفض ذلك، وأبعد الأوروبيين حسب «بوليتيكو».

وزار الوفد الأوروبي طرابلس أولاً، وخلال اجتماعهم مع الدبيبة كشف وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي عن خطة واضحة ورسمية للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية، مؤكداً أن ليبيا تطمح لأن تكون «أحد الشواطئ الآمنة لأوروبا»، معرباً عن أمله في توقيع اتفاقية رسمية بين الاتحاد الأوروبي وحكومة الوحدة لتنظيم ملف الهجرة.

ولا يستبعد مراقبون تعرض طرابلس لضغوط أوروبية بهدف تمرير ـ بشكل ما ـ فكرة توطين المهاجرين التي يرفضها الليبيون، خاصة أن بروكسل وعدت بتقديم مزيد من الدعم اللوجستي لوقف تدفق اللاجئين، فيما تبحث حكومة الوحدة عن الشرعية السياسية.

ترامب يعد بـ«السلام» في ليبيا ويفرض عليها «رسوما»
وفي البيت الأبيض حضر الملف الليبي بشكل واضح في نقاشات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قال، الأربعاء، لدى استقباله زعماء الغابون وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا والسنغال إن إدارته «ستعمل على تيسير السلام في أماكن مثل السودان حيث توجد مشاكل كثيرة، وكذلك في ليبيا».

لكن ترامب ألحق تصريحه بتوجيه رسالة إلى الدبيبة بشأن فرض رسوم جمركية على الواردات من ليبيا بنسبة %30، والتي سيجرى تطبيقها مطلع أغسطس المقبل.

واستثنى قرار ترامب من الرسوم الجمركية الشركات العاملة في ليبيا التي تقرر «تصنيع أو إنتاج منتجات داخل الولايات المتحدة»، متابعاً «إذا قررتم، لأي سبب من الأسباب، رفع رسومكم الجمركية، فستتم إضافتها، مهما كان المبلغ الذي تختارونه، إلى نسبة الثلاثين بالمائة التي نفرضها».

وفي سياق الجهود الإقليمية لكسر حالة الجمود السياسي، احتضنت القاهرة لقاءً بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وخالد المشري، المتنازع مع محمد تكالة على رئاسة مجلس الدولة، واتفقا على مواصلة جهودهما لتشكيل حكومة موحدة، وقبلها استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عقيلة صالح، وأكد الأخير أن «دعم القاهرة يمثل ركيزة أساسية لتسيير المرحلة الانتقالية وصولاً إلى تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية المقبلة».