الضفادع تأسر الأنظار في غابات بورنيو

ليست القرود الكبيرة ولا الفيلة ولا الأفاعي ما يُدهش السائحة البريطانية لورين هيوود في رحلتها عبر الغابة المطيرة في بورنيو، بل كائن أصغر بكثير.. هو الضفدع.
ففي ولاية ساراواك الماليزية، وتحديدًا في متنزه «كوباه» الوطني، تشهد الضفادع البرمائية إقبالًا متزايدًا من هواة الطبيعة والعلماء على حد سواء. المكان، الذي لا يبعد سوى نصف ساعة بالسيارة عن كوتشينغ عاصمة الولاية، يُعد واحدًا من أغنى المواقع عالميًا من حيث تنوّع هذه الكائنات، وفقا لوكالة «فرانس برس».
يقول محمد تاج الدين، أحد حراس المتنزه: «أعداد متزايدة من الناس يأتون لرؤية ضفادعنا»، في إشارة إلى عشرات الأنواع التي تعيش في المحمية، بما في ذلك بعض من أصغر الضفادع في العالم وأكثرها غرابة.
عند الغسق، تبدأ الجولة. يقود دومينيك جيكي، المرشد المحلي من شعب الداياك، الزوار في مسار يمتد لـ45 دقيقة نحو جبل سيرابي، حيث توجد بركة كبيرة تحيط بها أشجار معمّرة. هذا الموقع يُعد موطنًا لتكاثر أكثر من 180 نوعًا من الضفادع والعلاجيم التي تعيش في بورنيو، ثالث أكبر جزيرة في العالم.
الضفادع تظهر في هدوء، بعضها مغمور في المياه، والبعض الآخر جاثم على الأوراق أو الأغصان، لا تبدو منزعجة من ضوء المصابيح أو وجود الزوار.
– سلطات البيرو تصادر المئات من ضفادع «فياغرا الإنكا» المحفّزة جنسيا
– محمية ضفادع في الإكوادور لإنقاذها من خطر الانقراض
– إغلاق طريق في فرنسا من أجل تناسل الضفادع
يقول جيكي، وهو حارس سابق في الحديقة: «الناس يأتون لأنهم لا يجدون مثل هذه الأنواع في بلدانهم». من بين أبرز ما يُشاهَد ضفادع «هارلكوين» ذات اللون الوردي، وضفادع الأشجار الصغيرة ذات الأنوف المدببة، والضفادع البيضاء الشفاه ذات الخط الأبيض على الفك.
أكبر وأصغر ضفدع
لكن غاب عن الجولة أحد أشهر الأنواع في المنطقة، ضفدع النهر العملاق المعروف باسم «فروغزيلا»، لضخامته التي تقارب حجم طبق طعام.
يشير جيكي إلى أحد النباتات اللاحمة، قائلاً: «هنا يعيش أحد أصغر الضفادع في العالم، يتكاثر داخل هذه النباتات». الحديث عن ضفدع «ماتانغ» ضيق الفم، الذي لا يتجاوز طوله 11 ملم، ووُصف علميًا لأول مرة العام 2010.
لكن خلف هذا الشغف، يختبئ قلق بيئي متزايد. إزالة الغابات، التغير المناخي، والصيد الجائر كلها تهديدات حقيقية لهذه الأنواع. بحسب الباحثتين نور هدايا ذو الكفلي ورملة زين الدين من جامعة سراواك، فإن حتى تغيرات المناخ البسيطة قد تؤثر على بقاء الضفادع في موائلها.
ولا تزال عمليات إزالة الغابات مستمرة في ساراواك، وفقًا لمنظمة «غلوبال فورست ووتش»، بسبب تجارة الأخشاب وتوسيع حقول زيت النخيل.
رغم ذلك، تؤكد السلطات المحلية دعمها لجهود الحفاظ على البيئة، وتشير إلى إدارتها لمحميات مثل «كوباه»، كما تروّج لفعاليات بيئية مثل «سباق بورنيو الدولي للضفادع»، الذي يدعو المشاركين لتصوير أكبر عدد ممكن من الأنواع.
يقول تاج الدين: «أحب الطبيعة. صيد الضفادع وسيلة فريدة لمشاركة هذا الشغف مع الآخرين».