حذر اليونان من اقتراب بنغازي من أنقرة يزيد من التوترات في البحر الأبيض المتوسط

حذر اليونان من اقتراب بنغازي من أنقرة يزيد من التوترات في البحر الأبيض المتوسط

تصاعدت التوترات بين أثينا وأنقرة بشأن مذكرة التفاهم الليبية التركية، التي وصفتها بروكسل بـ«غير القانونية»، في تطورات مثيرة للقلق بعدما حشدت اليونان مواقف الدول الأوروبية ضد اتفاق طرابلس وبنغازي على تمرير مذكرة التفاهم الخاصة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، التي يعتزم مجلس النواب إجراء تصويت برلماني، للتصديق عليها.

ويستعد وزير الخارجية اليوناني، جيورجوس جيرابتريتيس، لزيارة «صعبة» إلى كل من طرابلس وبنغازي، يُرجَّح أن تكون الأحد المقبل.

وعن زيارة طرابلس، أفادت وسائل إعلام يونانية بأن وزير الخارجية والهجرة سوف يلتقي رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبد الحميد الدبيبة. وفي شرق ليبيا، سيلتقي القائد العام لقوات «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

فتح ملف ترسيم الحدود البحرية
والهدف الرئيسي لليونان هو إعادة فتح قنوات التواصل مع الجانبين، والدفع نحو استئناف الحوار بشأن ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وسط توقعات بتشكيل فريق تفاوض مشترك، كما حدث في قضايا أخرى مثل الأمن واستغلال النفط.

مع ذلك، إذا وافق مجلس النواب الليبي على المذكرة قبل زيارة جيرابتريتيس، فقد يؤدي ذلك إلى تسميم الأجواء وتقويض المحادثات.

ويلحظ الباحث طارق لملوم، في تصريح إلى «الوسط»، أن «الحكومة التركية بدأت بالتقارب مع أبناء حفتر الذين زاروا تركيا، وعقدوا معها اتفاقيات، لتصبح بذلك أنقرة حليفا قويا بالنسبة للبرلمان، في مقابل ذلك لم يزر المسؤولون الليبيون أثينا». وقال لملوم: «اليونان لا تشكل شيئا بالنسبة لليبيا في سياق التحالفات الإقليمية، بينما مصلحة الطرفين بطرابلس وبنغازي مع تركيا، ولا سيما أن من وطد العلاقة مع أنقرة هو حفتر».

وبعدما حشدت اليونان مواقف الاتحاد الأوروبي لمصلحتها، تمكن وزير الخارجية جورج جيرابتريتيس من تأمين التوافق الكامل بين فرنسا والمواقف اليونانية بشأن ما سمّاه «الامتثال للقانون البحري في شرق البحر الأبيض المتوسط»، وذلك عقب محادثاته مع نظيره الفرنسي، جان نويل بارو، في باريس.

وفي حديثه عقب الاجتماع، أكد جيرابتريتيس «التزامهم المشترك بضمان امتثال جميع الدول امتثالا كاملا للقانون الدولي للبحار، ولا سيما في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط». وفيما يتعلق بليبيا، اتفق الوزيران على «إرساء إطار تفاهم، يسمح للدول الأعضاء بممارسة حقوقها السيادية بموجب القانون الدولي دون أي تجاوز لهذه الحقوق».

نزاع حول جزيرة كريت
وتعيش ليبيا واليونان نزاعا على حدود بحرية حول جزيرة كريت الغنية بالطاقة في البحر الأبيض المتوسط. وخاض البلدان عام 2004 مفاوضات، لترسيم الحدود بينهما، لكنها لم تفض إلى نتائج ملموسة.

وتجاهلت أنقرة أصوات أثينا بشأن هذه القضية. ففي قلب التوترات، بحث وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، مع وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة، خليفة رجب عبد الصادق، إمكانات التعاون بين البلدين في مجال الموارد الهيدروكربونية.

أفاد بذلك الوزير التركي في منشور على منصة «إكس»، تناول لقاءه الوزير الليبي في اسطنبول. وقال بيرقدار: «قيمنا فرص التعاون في مجال الهيدروكربونات، خاصة في مجال استكشاف النفط والغاز الطبيعي».

وفي موقف لافت، جاء تأكيد المؤسسة الوطنية للنفط أن الاتفاقيات كافة التي أبرمتها الدولة تستند للقانون الدولي، وتخدم مصالح الشعب الليبي.

وجددت المؤسسة، في بيان لها، أن «التزامها الراسخ بتنفيذ برامج الاستكشاف حمايةً لحقوق ليبيا السيادية ومصالحها الوطنية في استكشاف وتطوير الموارد الهيدروكربونية، بما في ذلك في شرق المتوسط». وشددت على أن «جميع الاتفاقيات والشراكات التي أبرمتها الدولة الليبية تستند إلى مبادئ القانون الدولي، وتخدم المصالح الطويلة الأمد للشعب الليبي».

مذكرة ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق
وفي 27 نوفمبر 2019، وقّع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق -آنذاك- فائز السراج مذكرة تفاهم بشأن تحديد مناطق الصلاحيات البحرية، لحماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.

لكن لم يُنفَّذ الاتفاق بالكامل بعد مذكرة ترسيم الحدود البحرية التي تتضمن أحكاما تتعلق بالتنقيب التركي عن الهيدروكربونات في المياه الإقليمية الليبية. واتخذ الاتفاق منعطفا جديدا، في 25 يونيو ، عندما وقّعت شركة البترول التركية مذكرة تفاهم مع المؤسسة الوطنية للنفط لإجراء مسح زلزالي ثنائي الأبعاد في المياه الليبية. وبموجب المذكرة، ستُجري الشركة التركية مسوحا في أربع مناطق بحرية قبالة الساحل الليبي، على مساحة تغطي 10 آلاف كيلومتر، وستُعالَج البيانات المُجمَّعة خلال هذه المسوح في غضون تسعة أشهر. وتُجدد اليونان معارضتها للاتفاقية البحرية المبرمة عام 2019 بين تركيا وليبيا.

– وزير خارجية اليونان يزور بنغازي للقاء حفتر يوم الأحد
– وزير خارجية اليونان: أثينا لن تشتري النفوذ في ليبيا ولا تتخلى عن المنطقة الاقتصادية
– أثينا ترد على أنقرة بشأن الاتفاق البحري بين تركيا وليبيا
– الحويج والقنصل اليوناني يناقشان «ترسيم الحدود البحرية»
– – «حكومة الوحدة» تبلغ سفير اليونان استنكارها للخطوات الأحادية بالمناطق البحرية المتنازع عليها

ويرى مراقبون أن الموقف الليبي من الأزمة مع اليونان كان لحظة التحام نادرة في بلد يعيش على وقع انقسام بين حكومتين، إحداهما «الوحدة الوطنية الموقتة» برئاسة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، والثانية في بنغازي برئاسة أسامة حماد.

في معسكر شرق ليبيا، رفضت الحكومة المكلفة من البرلمان تصريحات مسؤولين يونانيين بشأن شرعية الاتفاقية، وأكد رئيسها أسامة حماد أن الاتفاق بين البلدين يتمتع بالشرعية الدولية، مشددا على رفض ليبيا القاطع أي تحدٍّ أو تدخل في قراراتها السيادية، خاصةً فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية المبرمة مع الحلفاء.

لقاء بين الدبيبة ووزير الخارجية اليوناني السابق نيكوس ديندياس. (أرشيفية: الإنترنت)