استحواذ الدعم السريع على المثلث الحدودي: معهد إيطالي ينبه من اتساع المخاطر السودانية من ليبيا إلى أوروبا

حذر معهد إيطالي من تداعيات سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر الذي يمثل عاملًا جديدًا وحاسمًا في توازن الأمن الإقليمي وسط احتمال بتوسع نطاق التهديدات ضد بلدان الجوار وأوروبا.
ويسلط معهد العلاقات الدولية الإيطالي الضوء على تأثير تمدد ما وصفها بـ«ميليشيات» الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» في السودان على الوضع في جنوب ليبيا، منبهًا في تحليل له إلى تاريخ هذه المنطقة الحدودية وافتقارها إلى السيطرة الحكومية الكاملة؛ إذ تتمتع بتاريخ طويل من الأنشطة غير القانونية، وتعد من أبرز بؤر عدم الاستقرار في شرق الساحل الأفريقي.
ولذلك، فإن «استيلاء كيان شبه عسكري خارج إطار الدولة على هذه المساحة الجغرافية قد يؤدي إلى توسيع نطاق التهديدات الموجهة للدول المجاورة والمنطقة المتوسطية بشكل عام»، وفق المعهد.
المخاطر القائمة بالمثلث الحدودي
وفي تفصيله للمخاطر القائمة، يوضح أن المثلث الحدودي يرتبط بشبكات تهريب راسخة تشمل الوقود والأسلحة الخفيفة والسلع، والأكثر أهمية من ذلك البشر.
وإذا تمكنت قوات الدعم السريع من فرض سيطرة فعالة على هذه الطرق، فلن يؤدي ذلك إلى وقف الأنشطة الإجرامية؛ بل سيحولها إلى تنظيم غير رسمي وعسكري.
ويعتقد أيضا أن تلك «الميليشيات» قد تستغل هذه الشبكات كمصدر تمويل، ولتكوين تحالفات محلية ولتوسيع نفوذها عبر آليات اقتصادية واجتماعية.
– حميدتي يحاول طمأنة ليبيا ومصر.. ومعهد أميركي يكشف سبب سيطرته على المثلث الحدودي
– نزوح 950 سودانيا إلى ليبيا جراء الاشتباكات في منطقة المثلث الحدودي
– بالصور: نقل نازحين سودانيين من منطقة المثلث الحدودي إلى الكفرة
– سيطرة قوات الدعم السريع على «المثلث الحدودي» يشعل الحدود الليبية
ومن جهة أخرى، يلفت النظر إلى أن غياب سيطرة دولة معترف بها على الممر الصحراوي السوداني يفتح قنوات جديدة للهجرة غير النظامية شمالًا.
وبذلك، تصبح مسارات السودان-ليبيا-أوروبا معرضة لتدفقات سرية متزايدة، سواء لأسباب اقتصادية أو هروبا من العنف.
الضغط على الحدود المصرية والليبية
ووفق المعهد، سيزيد الأمر الضغط على الحدود المصرية والليبية، ثم الأوروبية، ويعقد استراتيجيات احتواء الهجرة في دول شمال البحر المتوسط.
زيادة على ذلك، يفيد أن «صعود جماعات مسلحة مثل قوات الدعم السريع في شبكات حدودية حيوية يشكل تهديدًا لسيادة الدول».
وبشكل عام، يبرز المعهد أن تزايد مراكز القوى غير الحكومية يقلل من قدرة السلطات على احتكار القوة وضبط الحدود.
وتابع المصدر، «كما يعكس أن التداخل بين الصراع المسلح والشبكات الإجرامية يحول المنطقة إلى مزيج من الحرب والتجارة غير المشروعة».
تهديد طويل الأمد للأمن الإقليمي
وبالفعل، تستغل قوات الدعم السريع موقعها لدمج السيطرة العسكرية بالأنشطة الاقتصادية غير القانونية، مما يخلق نظام حكم فعلي خارج الأطر المؤسسية، وهو ما يشكل تهديدًا طويل الأمد للأمن الإقليمي ويعوق جهود السلام وإعادة البناء، على حد قول المعهد.
ونتيجة للمشهد العام، يسلط الضوء على أن «التمدد التدريجي لقوات الدعم السريع في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر يفاقم من حدة الأزمة الإنسانية التي تُعد من بين الأسوأ عالميا».
وتسبب الصراع المسلح بتهجير ملايين الأشخاص داخليًا وخارجيًا، في ظل هشاشة اقتصادية وانهيار للبنية التحتية وغياب سلطة حكومية فاعلة.
وفي وجود أكثر من 13 مليون نازح، يقول المعهد إن «تعاظم نفوذ هذه القوات في مناطق استراتيجية ينبئ بموجات نزوح جديدة».
تزيد الهجرة إلى مصر وتشاد وليبيا
وقد تزيد الهجرة القسرية عبر الحدود الشمالية إلى مصر وتشاد وليبيا، مما يثقل كاهل الدول المقصودة لوجستيًا وسياسيًا، لا سيما في المناطق الحدودية الضعيفة التي قد تنهار تحت الضغط السكاني المفاجئ.
من جهة أخرى، يشير إلى أن «حالة عدم الاستقرار الناتجة عن الوجود المسلح لقوات الدعم السريع وتآكل مؤسسات الدولة يؤدي إلى ضعف كبير في قدرة وكالات الإغاثة على العمل بأمان».
وأوضح «إذ تُقطع ممرات الإمداد وتُنهب المخازن الغذائية وتُحتل المستشفيات أو تُدمر، كما تعوق حالة الأمن الهشة توزيع المياه والأدوية والغذاء، خصوصا في المناطق الريفية والمراكز الحضرية الصغيرة».
وفي ظل سيطرة قوات الدعم السريع كسلطة أمر واقع في كثير من المناطق، تُفرض أشكال حكم موازٍ يبدو منظمًا لكنه قائم على القمع وإخضاع المدنيين.