بدء مشروع مثير للجدل لإنشاء الجينوم البشري بشكل صناعي

أطلق فريق بحثي من معهد إليسون للتكنولوجيا وجامعة أكسفورد البريطانية العريقة مشروعا علميا يهدف إلى بناء اللبنات الأساسية للحياة من خلال بناء الجينوم البشري بشكل صناعي، مما يفتح الباب أمام الجيل الثاني من العلاجات المستقبلية لعدد من الأمراض المستعصية.
ومن المقرر أن يقضي الباحثون بمشروع «الجينوم البشري التركيبي» السنوات الخمس المقبلة في تطوير الأدوات والمعرفة اللازمة لبناء مقاطع طويلة من الشفرة الوراثية البشرية في المختبر، على أن يجرى إدخال هذه المقاطع في خلايا حية، لفهم آلية عمل الشفرة، بحسب جريدة «ذا غارديان» البريطانية.
بناء الجينوم البشري صناعيا
يهدف المشروع إلى بناء أجزاء من الحمض النووي البشري من الصفر وصولا إلى إنتاج كروموسومات بشرية صناعية قابلة للدراسة والتطوير. ويأمل الفريق البحثي، الذي يضم باحثين من أعرق الجامعات البريطانية، ابتكار علاجات جذرية جديدة من أجل فهم شفرة عدد من الأمراض المستعصية.
– باحثون أعادوا تكوين أقدم جينوم بشري في جنوب أفريقيا حتى الآن
– اكتشاف «جينات مظلمة» مختبئة في الحمض النووي البشري
ومن بين الاحتمالات المتاحة خلايا حية مقاومة للهجوم المناعي أو فيروسات معينة، التي يمكن زرعها في مرضى يعانون أمراضا مناعية ذاتية أو تلفا في الكبد ناجما عن عدوى فيروسية مزمنة.
وحصل المشروع، الذي أُعلن في الذكرى الـ25 لانتهاء مشروع الجينوم البشري، على تمويل أولي بعشرة ملايين جنيه إسترليني من مؤسسة «ويلكم» الخيرية، وهي المؤسسة العلمية الأكبر من نوعها في العالم.
فك شفرة الأمراض المستعصية
قال قائد الدراسة البروفيسور في معهد إليسون للتكنولوجيا، جيسون تشين: «المعلومات التي نحصل عليها من بناء الجينوم البشري ستكون مفيدة بشكل مباشر في إنتاج علاجات لكل مرض تقريبا».
فخلال الـ25 عاما الماضية، تمكن العلماء من قراءة الحمض النووي البشري، وجرى إعلان المسودة الأولى للجينوم البشري منذ 25 عاما، وهو إنجاز مهد الطريق لثورة علم الوراثة المستمرة. لكن مع التطور السريع لتكنولوجيا قراءة الجينومات، ثبتت صعوبة كتابتها.
وقد تمكن فريق تشين من تركيب الجينوم البشري الكامل لبكتيريا الإشريكية القولونية «إي كولاي». وفي حين يحمل جينوم هذه البكتيريا نحو 4.5 مليون زوج قاعدي، تُمثلها الأحرف «جي» و«تي» و«سي» و«إيه»، فإن الجينوم البشري على أكثر من ثلاثة مليارات زوج قاعدي.
تساؤلات أخلاقية
بالتوازي مع المشروع، تطرح تساؤلات بشأن الجوانب الأخلاقية والاجتماعية التي ستنشأ من تصنيع الجينوم البشري صناعيا في المعمل.
غير أن البروفيسور إيان براسينغتون، الباحث في أخلاقيات التكنولوجيا الوراثية بجامعة مانشستر، رحب بالمشروع. وعلى الرغم من أن تطبيقاته العملية لا تزال بعيدة المنال، فإنه أشار إلى أن هذا العمل قد يؤدي إلى تطوير نسخ صناعية من «الميتوكوندريا»، وهي هياكل دقيقة تشبه البطاريات تُغذي الخلايا البيولوجية.
ويمكن استخدام هذه النسخ لمنع النساء المصابات بأمراض «الميتوكوندريا» من نقلها إلى أطفالهن. وأضاف براسينغتون: «ستظل الأم الحامل بحاجة إلى الخضوع لجمع البويضات والتلقيح الصناعي، لكننا لن نحتاج إلى متبرعة بعد الآن، ما يعني أننا سنخفض عدد النساء اللواتي يُثقل كاهلهن هذا الإجراء إلى النصف».
لكنه أشار في الوقت نفسه إلى المشكلات التي قد تنشأ من استخدام تلك التكنولوجيا، موضحا: «قد يكون من الممكن إنتاج بكتيريا قادرة بفضل جينوماتها الصناعية على هضم البتروكيماويات، وهو ما قد يكون مفيدا في تفكيك النفايات البلاستيكية وإزالة الانسكابات النفطية، ولكن التعامل معها يتطلب عناية فائقة. قد يكون دخول هذه البكتيريا إلى البيئة كارثيا».