أستاذ في الاقتصاد: توصيات صندوق النقد دقيقة ولكن يجب اعتبارها في إطار السياق الليبي.

أستاذ في الاقتصاد: توصيات صندوق النقد دقيقة ولكن يجب اعتبارها في إطار السياق الليبي.

قال رئيس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد في جامعة بنغازي حلمي أحمد القماطي إن التوصيات التي قدمها صندوق النقد الدولي لليبيا، على الرغم من صحتها من حيث المبدأ إلا أنها تحتاج إلى وضعها في «سياق الواقع الليبي المعقّد الذي لا يُمكن تجاوزه فقط بالأدوات المالية التقليدية».

وأضاف القماطي، في منشور على صفحته الخاصة بموقع «فيسبوك» أمس الخميس، إن المطلوب في الحالة الليبية ليس مجرد خفض رقمي للعجز «بل إعادة تصميم النموذج الاقتصادي برمّته ليكون أكثر تنوعًا وإنتاجية وعدالة، وهذا لا يمكن تحقيقه دون توافق سياسي ومؤسسي شامل».

وفي تقريره حول نتائج مشاورات المادة الرابعة في طرابلس مع مسؤولين ليبيين أبريل الماضي.، أشار صندوق النقد إلى أن العجز الأساسي غير النفطي في ليبيا يُعد من بين الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما يعكس «فجوة هيكلية بين الإيرادات غير النفطية والإنفاق الحكومي».

الوضع السياسي أثر على الحالة الاقتصادية
وعلق أستاذ الاقتصاد قائلا إن ليبيا تمر منذ سنوات «بظرف اقتصادي استثنائي ومعقّد يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالوضع السياسي والمؤسسي المنقسم»، وهو ما انعكس بوضوح على «محدودية فعالية السياسة المالية وضعف أدوات الرقابة على الإنفاق وتشوّه النظام الضريبي والاعتماد الكبير على إيرادات النفط التي تُدار بطريقة مركزية غير شفافة».

وأضاف: «لذلك فإن مقارنة العجز غير النفطي في ليبيا بنظرائه في دول مستقرة مؤسسيًا لا تعكس بدقة واقع التحديات البنيوية التي يعيشها الاقتصاد الليبي».

خفض العجز غير النفطي تحت 15 مليار دولار
ولفت القماطي إلى توصية الصندوق بضرورة خفض العجز غير النفطي إلى ما دون 15 مليار دولار سنويًا، مقارنة بعجز العام 2024 المقدر بـ 39 مليار دولار، مؤكدا أن هذا العجز هو نتاج لعدة اختلالات متراكمة، منها: «رتفاع مكوّنات الإنفاق الجاري على المرتبات والدعم وتحويلات البلديات وغيرها، وغياب سياسة ضريبية فعالة تعزز الإيرادات غير النفطية وتراجع النشاط الاقتصادي الحقيقي نتيجة غياب بيئة استثمارية مستقرة وآمنة».

واستطرد: «وبالتالي، فإن خفض العجز دون معالجة هذه التشوهات الهيكلية سيبقى غير قابل للتحقق عمليًا، بل وقد يؤدي إلى انكماش اقتصادي أو تفاقم البطالة إذا طُبّق بشكل متعجل»

متطلبات لتحقيق الاستدامة المالية
وبخصوص الإصلاحات المطلوبة، أكد القماطي أن تحقيق الاستدامة المالية يستلزم خطوات إصلاحية مبكرة ومدروسة تتطلب «إعادة صياغة أولويات الإنفاق العام لتنتقل من الطابع الريعي إلى الإنفاق الإنتاجي وإصلاح النظام الضريبي والجمركي لتوسيع القاعدة الإيرادية بعيدًا عن النفط وضبط الإنفاق العام عبر أدوات فعالة للمساءلة المالية والحوكمة».

كما نوه بأهمية إنشاء صندوق مالي سيادي متعدد الوظائف، يتكفل باستثمار الفوائض النفطية في الداخل والخارج وفق قواعد شفافة، واستعادة الثقة في المؤسسات المالية والنقدية، وهو أمر يتطلب توافقًا وطنيًا على مبدأ وحدة القرار الاقتصادي.

توصيات صندوق النقد لليبيا
وفي تقريره، قال صندوق النقد الدولي إن «وضع ميزانية حكومية موحدة يُمثّل الأولوية القصوى في ليبيا»، منبها إلى أن «الاعتماد الكبير على صادرات النفط وفاتورة الواردات الضخمة، يجعل ليبيا عُرضةً لمخاطر الانكماش العالمي».

– صندوق النقد: ليبيا عُرضة لمخاطر «الانكماش» العالمي.. والميزانية الموحدة «أولوية قصوى»
– صندوق النقد يطالب ليبيا بـ«إجراءات حاسمة» لمكافحة الفساد

وأوصى «باتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون»، داعيا إلى أن تكون «الأولوية لإعداد برنامج إصلاحي شامل لتقليل الاعتماد على عائدات النفط»، إلى جانب «تعزيز مشاركة القطاع الخاص عبر تحسين بيئة الأعمال وتوفير التمويل»، وإصلاح القطاع المصرفي.