تداخلت الأوراق، ومن المؤسف لمن لم يفهم كيفية التمييز واستمر في ذلك.

تداخلت الأوراق، ومن المؤسف لمن لم يفهم كيفية التمييز واستمر في ذلك.

أمين مازن
على الصعيد الشخصي في محاولة تمرير تدويناتي هذه مع انقضاء الأسبوع الأول على هذه الحرب التي بدأ بشنها نتنياهو مُعولًا دون شك على المصالح السياسية والخلفيات التاريخية التي لن تجعله وحيدًا في خوضها، بقدر ما ستكون المنافسة على دعمه المعلن والخفي أشدَّ قوةً، بدليل أن ترامب لم يلبث أن شرع في الجهر بتصريحاته المتلاحقة والقائمة حسب منطقه على طلب واحد، وهو تلبية إيران لشروطه بالاستسلام دون قيد أو شرط، أو الاستعداد للزوال! وهو شرط حسب منطق صاحبه ومبرراته المصلحية التاريخية ليس يسير القبول أو الرفض لما له من وثيق الارتباط بالصراع الذي ساد عالمنا عبر الحرب الكونية عندما كانت أرضنا أحد ميادينها، ومعادنها «أي أرضنا» مادة لمواردها ودوافع صراعها لا سيما بعد أن أصبحت الطاقة على رأس مقومات رؤوس أموالها واحتلال إيران لذروة الأحداث مع مطلع النصف الثاني من القرن الماضي جنبًا إلى جنب مع الحضور الشاهنشاهي عندما ازدهر بإقصاء حزب تودة بزعامة مصدق ونشوء الأجهزة المخابراتية التي لم يكن خارجها السافاك الإيراني، ذلك الجهاز الذي لم يفاجأ خبراؤه وعملاؤه بالكثير مما جرى في الشرق الأوسط بما في ذلك عودة الإمام الخميني من باريس جوًا إلى طهران لتكون المنافي هي الأمكنة التي تنتظر الشاه ومَنْ قَبِلَ التعامل معه بمن فيهم شهبور بَختيار الذي لحقه الموت في المنفى، بينما صفّت محاكم خلخالي عديد الأسماء، ليأتي الملالي بمشروعهم الثوري ويختفي الصدر في ظروفٍ غامضةٍ، ويبقى الموقف الليبي المنحاز علنًا لإيران فيما لا يعرف أحد ما كان يدور في الخفاء إلى أن غربت شمس النظام العجيب فتنبعث أخيرًا هذه الحرب التي اشتعلت عقب الإطاحة بجميع الأذرع فتعم النيران طهران وتل أبيب، وتتمكن الأخيرة من قتل عديد القيادات ربما إنذارًا بمصير كل من يستجيب لحمل أي تكليف يقوم على خيار الحرب التي فُرِضَت وسط توقعات بأن يكون احتمال قيامها آخر ما يُنتظر هذه الأيام، فإذا بها تندلع ويكون مسرحها البلدين المتحاربين، ويتوقع أكثر من مراقب أنها اشتعلت لتستمر ولن يكون الوصول إلى إسكات مدافعها على النحو الذي قُدِّرَ لها، ليس لأن المتقاتلين يُصرّون على استمرارها وإنما لأن من المصالح ما يفرض العمل على إطالة عمر اشتعال نيرانها، وإذا كان ترامب بحكم حساباته ومؤثرات قراره الذي قد يظن البعض أنه شخصي وأن موقفه وموقف بقية القوى المؤثرة قد بدا واضحًا، وإذا كان كل صراع مسلح لا بد أن يعقب صمت مدافعه أو يدعو إليها التفاوض، فإن إيران لا بد أن تكون لاحقًا طرفًا في أي تفاوض. وقد أدت هذه الحرب إلى خلط الأوراق أقلها وقوف الكيان الصهيوني -ظاهريًا على الأقل- بمفرده وجعلت الطرفين يتقاتلان اليوم وجهًا لوجه، ولن يكون وسيط مفاوضاتها التي لا بد أن تأتي في نهاية المطاف بعيدًا عن الوطن العربي ورساميله وعوائدها التي ليس خارجها ضمان سلام الأنظمة، فقد خُلِطَت الأوراق وتعسًا لمن لم يفقه فرزها.