واحد منها في العوينات: تقارير أمريكية تكشف عن احتياطيات معدنية ليبية هائلة غير مُستغَلّة

كشفت بيانات جيولوجية أوردها تقرير أميركي احتياطيات ضخمة من المعادن مثل الحديد والذهب والمنغنيز والكروم والحجر الجيري في ليبيا، غير أن التحديات التنظيمية والتقنية تعرقل الاستغلال الأمثل لها، ويوصي مراقبون بالتوسع في مشروعات التعدين لمرحلة ما بعد الصراع في ليبيا، والتي يمكن أن تعزز من قدرة البلاد على تنويع مصادر الدخل، بعيدا عن الاعتماد شبه الكامل على صادرات النفط.
واستعرضت منصة الطاقة الأميركية أبرز خمسة مناجم في ليبيا بناء على بيانات رسمية ودراسات حديثة، رغم العقبات المرتبطة بالبُعد الجغرافي، والبنى التحتية المحدودة، والأنشطة غير القانونية، إلا أن هذه المناجم بمثابة كنز استراتيجي ينتظر تفعيل أدوات الاستثمار المحلي والدولي، وشراكات تسهم في نقل التكنولوجيا الحديثة إلى قلب الصحراء الليبية.
منجم وادي الشاطئ
وذكر التقرير الأميركي، منجم وادي الشاطئ في منطقة براك الشاطئ جنوب غرب البلاد، والذي يُعد من أبرز خمسة مناجم في ليبيا، ومن أكبر مناجم الحديد بشمال أفريقيا، إذ يحتوي على احتياطي يُقدَّر بنحو 1.6 مليار طن من خام الحديد. وتختلف نسب تركيز الحديد في الخامات بين 35% و55%، وتتنوع أنواع الخام بين المؤكسد (100 مليون طن بنسبة أكسيد حديد 51%)، والمُختزل (375 مليون طن بنسبة 52%)، والمغناطيسي (425 مليون طن بنسبة 54%).
لكن التقرير الأميركي أورد ما يواجه عمليات استغلال هذا المنجم من تحديات متعددة منها البُعد الجغرافي وارتفاع تكلفة النقل، ووجود نسب مرتفعة من الشوائب مثل الفوسفور، فضلا عن الاعتماد على تقنيات تعتمد على فحم الكوك المستورد.
وعلى الرغم من ذلك فإن إمكانات الاستثمار في وادي الشاطئ تبقى قائمة بقوة، ولا سيما مع الاستقرار السياسي وتوافر التقنيات المناسبة.
معادن العوينات
ثاني منطقة هي العوينات، الواقعة جنوب شرق ليبيا قرب الحدود مع السودان ومصر، والتي تصنف ضمن أبرز خمسة مناجم، لتوافر معادن الذهب والحديد والمنغنيز فيها، علما أن قوات الدعم السريع السودانية سيطرت على المنطقة الحدودية قبل أيام في إطار حربها مع قوات عبدالفتاح البرهان.
وتمثل المنطقة أحد أهم المؤشرات على وجود الذهب في ليبيا بكميات تجارية، كما أنها غنية برواسب الحديد من النوع المغناطيسي، والمنغنيز المستعمل في الصناعات المعدنية.
وعلى الرغم من وجود بعض أنشطة التنقيب التقليدية؛ فإنه لم تُقَم مناجم صناعية، غير أن الدولة بدأت أخيرا في منح تراخيص استكشاف؛ وهو ما يعزز الآمال في تطوير هذا المورد الحيوي مستقبلا.
منطقة جبل أركنو في الكفرة
وفي عمق صحراء الكفرة جنوب شرق ليبيا، تأتي ثالث منطقة أين يرتفع جبل أركنو لمسافة 1435 مترا فوق سطح البحر، على مساحة تُقدَّر بـ25 ألف كيلومتر مربع.
وتكشف التحاليل الجيولوجية عن وجود شواهد قوية لخام الذهب، ولا سيما في الصخور الغرانيتية والبركانية المتصدعة، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الغرانيت المستعمل في البناء والصناعات المختلفة.
ويُواجه هذا الموقع تحديات لوجستية وأمنية، أبرزها صعوبة الوصول وانتشار التنقيب غير القانوني؛ إذ يُعد ضبط الأمن وتوفير البنية التحتية من أبرز شروط تحويل جبل أركنو إلى منجم صناعي فعّال.
كما يُعد الحجر الجيري من الموارد الاقتصادية الأساسية في ليبيا، وتنتشر رواسبه بمناطق الجبل الغربي، وسرت في وسط البلاد، وبنغازي في الشرق، وواحات الجنوب، كما يُستخرج الجبس بكميات ملحوظة في مناطق الخمس، وسبها في الجنوب الليبي، وبنغازي، ويُستعمل الحجر الجيري في صناعة الأسمنت والبناء وبعض الصناعات الكيميائية.
احتياطيات كبيرة من المعادن في الجنوب
في حين تشير الدراسات إلى أن ليبيا تمتلك احتياطيات ضخمة من هذه المواد، لكن التحديات البيئية والأنشطة غير القانونية والبُعد الجغرافي تقف عائقا أمام الاستغلال المنظم والفعال.
وفي الجنوب الليبي، ولا سيما في المناطق الجبلية، تُظهر الدراسات الجيولوجية وجود خامات من المنغنيز والكروم واليورانيوم.
ويُستعمل المنغنيز في صناعة الفولاذ والبطاريات، في حين يدخل الكروم بتصنيع الصلب المقاوم للصدأ، كما يمثل اليورانيوم عنصرا أساسيا في الطاقة النووية.
– وزارة الصناعة توضح تفاصيل مذكرة تفاهم وقعتها مع الغرفة الليبية – الصينية
– الحويج يحدد ضوابط تصدير إنتاج المناجم والمحاجر
وحسب التقرير الأميركي، حتى الآن، لم تُستغل هذه الموارد اقتصاديا، رغم أهميتها الاستراتيجية، ويُعزى ذلك إلى غياب الاستثمار في تقنيات الاستكشاف، وضعف البنى التحتية، واستمرار الأنشطة غير القانونية.
وينصح المصدر الدولة بالدخول في شراكات دولية واستقدام التكنولوجيا الحديثة ما يمكن أن يغير المعادلة لصالح الدولة، ويحوّل هذه الثروات من مجرد مؤشرات جيولوجية إلى مشروعات إنتاجية قائمة.