إدارة الحشود خلال موسم الحج: فن التحكم في الازدحام وضمان انسيابية الحركة المثلى

الدكتور سامح عادل – استشاري التدريب والتطوير المؤسسي

تُعد إدارة الحشود واحدة من أكثر المهام تعقيدًا واحترافية في موسم الحج، إذ إن التعامل مع ملايين الأشخاص في وقت واحد ومكان واحد يستلزم معرفة دقيقة بعلم حركة الجماهير، وفهمًا عميقًا لطبيعة الشعائر ومشاعر الحجاج، وهو ما يجعل من الإدارة والتوجيه في عمليات الحج نموذجًا للنجاح الإداري.

ويتم ذلك من خلال تحليل تدفق الحجاج في كل مرحلة، وتصميم المسارات بشكل هندسي يقلل من فرص التكدس أو التزاحم، وتحديد أوقات محددة لتفويج المجموعات، وتوفير نقاط إرشادية رقمية، مع مراقبة لحظية دقيقة باستخدام أنظمة ذكية وكاميرات وطائرات دون طيار.

كما يتم تدريب فرق ميدانية متخصصة للتدخل السريع في الحالات الطارئة، مما ينعكس على تحقيق أعلى معدلات الأمان والانسيابية في عملية الحج، ليؤدي الحجاج الفرائض والطواف والزيارات للمشاعر المقدسة بأمان وانسيابية متميزة.

ويُجسد تنظيم الحج نموذجًا إداريًا عالميًا يجمع بين الفكر الاستراتيجي، والقيادة التشغيلية، والتكامل المؤسسي، والتوظيف الذكي للتكنولوجيا، مما يُحول موسم الحج إلى تجربة روحانية عميقة، وخدمة إنسانية راقية، ومشروع إداري ضخم يتكرر كل عام في المملكة العربية السعودية بنجاح باهر.

ولا شك أن استمرار تطوير هذه المنظومة يعكس التزام المملكة برؤية 2030، في أن تكون خدمة الحجاج أولوية دائمة، ووسيلة للتعبير عن رسالة الإسلام السمحة، وتعزيز مكانة المملكة عالميًا في ريادة الإدارة والتخطيط لواحدة من أعقد العمليات الإدارية التي عرفها التاريخ.