كابول.. أول عاصمة عصرية تواجه خطر “الجفاف الكامل”

كابول.. أول عاصمة عصرية تواجه خطر “الجفاف الكامل”

في تحذير صارخ يتردد صداه أبعد من جبال أفغانستان، تقف العاصمة كابول على حافة الهاوية، مهددة بأن تصبح أول عاصمة حديثة في العالم تنفد منها المياه بالكامل.

إنها أزمة وجودية تغذيها تركيبة قاتلة من تغير المناخ، وسوء الإدارة، والنمو السكاني المتفجر، وتداعيات عقود من الصراع.

نظام على وشك الانهيار

وفقًا لتقرير حديث لمنظمة “ميرسي كوربس” الإنسانية، وصلت أزمة المياه في كابول إلى “نقطة اللاعودة”. فالخزانات الجوفية – وهي المصادر المائية الطبيعية تحت سطح الأرض التي تعتمد عليها المدينة بشكل أساسي – يتم استنزافها بمعدل أسرع بكثير من قدرتها على التجدد الطبيعي.

تؤكد بيانات الأمم المتحدة هذه المخاوف، مشيرةً إلى أن نصف الآبار في مقاطعة كابول قد جفت بالفعل، وأن عمليات السحب السنوية تتجاوز قدرة التجدد الطبيعي بنحو 44 مليون متر مكعب.

التكلفة البشرية الباهظة

هذه الأرقام لا تروي القصة كاملة. فعلى الأرض، يعيش سكان كابول، البالغ عددهم نحو 6 ملايين نسمة، مأساة يومية. وقد انخفض منسوب المياه الجوفية (Water Table) بنحو 30 مترًا خلال العقد الماضي، مما أجبر بعض الأسر على إنفاق ما يصل إلى 30% من دخلها الشهري المحدود لمجرد الحصول على مياه، غالبًا ما تكون ملوثة.

يصف الخبراء الوضع بأنه ليس مجرد قضية بيئية، بل “حالة طوارئ صحية عامة، وأزمة تهدد سبل العيش، ومحفز وشيك لنزوح بشري واسع النطاق”.

وقد تفاقمت الأزمة بشكل حاد بعد تراجع التمويل الإنساني لأفغانستان منذ أغسطس 2021.

إنذار عالمي

ما يحدث في كابول ليس حالة معزولة، بل هو انعكاس لاتجاه عالمي مقلق. فمن شمال إفريقيا والشرق الأوسط إلى جنوب آسيا، يتزايد عدد البشر الذين يواجهون ندرة المياه.

وقد شهد العالم بالفعل إنذارات مماثلة، ففي عام 2018، كادت مدينة كيب تاون في جنوب إفريقيا أن تصل إلى “يوم الصفر” الذي تنقطع فيه المياه تمامًا، بينما جفت خزانات مدينة تشيناي الهندية الأربعة الرئيسية في عام 2019.

إن قصة كابول هي بمثابة تحذير للبشرية جمعاء، فهي تظهر كيف يمكن لمزيج من التغيرات المناخية والضغوط البشرية أن يدفع حتى المدن الكبرى إلى حافة كارثة وجودية.