على الرغم من التحذيرات من أوروبا.. أوكرانيا تضع قيودًا على استقلال هيئات مكافحة الفساد

على الرغم من التحذيرات من أوروبا.. أوكرانيا تضع قيودًا على استقلال هيئات مكافحة الفساد

صوّت البرلمان الأوكراني لصالح تشريع جديد يقلص من استقلال هيئتين رئيسيتين لمكافحة الفساد، هما “المكتب الوطني لمكافحة الفساد” (NABU) و”النيابة العامة المختصة بمكافحة الفساد” (SAPO)، في خطوة أثارت انتقادات محلية ودولية واسعة، وسط دعوات للرئيس فولوديمير زيلينسكي بعدم توقيع القانون.

يمنح التشريع الجديد صلاحيات موسعة للنائب العام المعيّن من قبل الرئيس، بما في ذلك إعادة توزيع القضايا بين الهيئتين وإعادة تكليف المحققين، وهو ما يُنظر إليه على أنه تعزيز للسيطرة التنفيذية على منظومة مكافحة الفساد، ما يهدد بزعزعة أحد أبرز مكتسبات الإصلاح في البلاد منذ “ثورة الميدان” عام 2014.

وقال مدير المكتب الوطني لمكافحة الفساد، سيمين كريفونوس، خلال مؤتمر صحفي في كييف، إن هذا المشروع “يُدمر البنية التحتية لمكافحة الفساد في أوكرانيا”، داعيًا الرئيس زيلينسكي إلى رفض توقيعه. ولم يصدر عن مكتب الرئيس أي تعليق رسمي حتى الآن.

وتأتي هذه الخطوة بينما تُعد مكافحة الفساد أحد الشروط الأساسية لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى كونها محورًا رئيسيًا في جهود كييف للحصول على مساعدات غربية بمليارات الدولارات. وفي الأشهر الأخيرة، نجحت الهيئتان في توجيه اتهامات إلى عدد من المسؤولين البارزين، من ضمنهم نواب ووزراء.

تحذيرات أوروبية وغربية

مفوضة الاتحاد الأوروبي للتوسع، مارتا كوس، أعربت عن “قلق بالغ” حيال التصويت، وكتبت عبر منصة “إكس” أن “تفكيك الضمانات الأساسية التي تحمي استقلال المكتب الوطني لمكافحة الفساد يمثل تراجعًا خطيرًا”، مشيرة إلى أن سيادة القانون تمثل جوهر مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وعلى خلفية هذه التطورات، تراجعت السندات الحكومية الأوكرانية في الأسواق الدولية بنسبة تجاوزت 2%، مع انخفاض قيمة العديد من السندات المعاد هيكلتها العام الماضي إلى ما بين 45 و50 سنتًا للدولار.

وأفاد دبلوماسي غربي مطّلع على ملف الإصلاحات الأوكرانية، بأن هذه اللحظة “تمثل أخطر تحدٍ لاستقلالية هيئات مكافحة الفساد منذ إنشائها”، محذرًا من أن كييف “تدفع حدود صبر حلفائها”.

اتهامات واستهدافات متصاعدة

في السياق ذاته، اعتقلت الأجهزة الأمنية الأوكرانية مسؤولين في المكتب الوطني لمكافحة الفساد، بتهمة الاشتباه في ارتباطهم بجهات روسية، كما أجرت عمليات تفتيش بحق موظفين آخرين، وهي خطوات اعتبرتها منظمات مدنية انتهاكًا لمبدأ استقلال القضاء.

وتصاعدت المخاوف منذ أن وُجهت هذا الشهر اتهامات جنائية إلى أحد أبرز نشطاء مكافحة الفساد بتهم تشمل الاحتيال والتخلف عن أداء الخدمة العسكرية، وهي اتهامات وُصفت بأنها “انتقام سياسي” على خلفية فضحه لقضايا فساد في أجهزة الدولة.

من جانبها، انتقدت شخصيات مؤثرة في المشهد الأوكراني هذه التحركات، حيث كتب الناشط والممول العسكري سيرهي بريتولا على “إكس”: “أي حديث عن الاندماج الأوروبي يمكننا أن نخوضه الآن؟! إنها خيانة دامية”.