صواريخ أمريكية تنطلق نحو البحر من أستراليا: إشارة قوية إلى الصين

صواريخ أمريكية تنطلق نحو البحر من أستراليا: إشارة قوية إلى الصين

في تطور لافت يعكس تصاعد الاستعدادات العسكرية الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، نفّذ الجيش الأمريكي أول تجربة إطلاق نار حيّ بنظام Typhon الصاروخي خارج الأراضي القارية للولايات المتحدة، ضمن مناورات “تاليسمان سيبر 25” المقامة حاليًا في أستراليا، والتي تُعد الأكبر في تاريخ التعاون العسكري بين واشنطن وكانبيرا.

خلال التجربة التي جرت يوم 16 يوليو 2025، أطلق الجيش صاروخ SM-6 من منصة Typhon على هدف بحري، وأصابه بنجاح، ما يمثل توظيفًا غير مسبوق لهذا النظام ضد أهداف في البحر، وهو ما يعد تطورًا استراتيجيًا، خاصة في ظل التوترات المتزايدة مع الصين.

قدرات متقدمة ومجال عملياتي واسع
نظام Typhon، المعروف أيضًا باسم Mid-Range Capability (MRC)، يستخدم صواريخ “توماهوك” بعيدة المدى وصواريخ SM-6 متعددة الاستخدامات. وعلى الرغم من أن SM-6 صُمم أساسًا للدفاع الجوي، إلا أن دمجه ضمن Typhon يمنحه القدرة على ضرب أهداف برية وبحرية، بل ويعمل كسلاح شبه باليستي يصعب اعتراضه.

يتكون النظام من أربع قاذفات، ومركز قيادة متنقل، ومجموعة من المركبات الداعمة. وتشير صور نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية إلى لحظة إطلاق الصاروخ من منطقة نائية في إقليم الشمال الأسترالي، ضمن مشاركة فرقة المهام متعددة المجالات الثالثة (3MDTF) التي نُشرت خصيصًا للمناورة.

رسائل استراتيجية إلى الصين
قال العقيد ويد جيرمان، قائد 3MDTF: “إطلاق صاروخ SM-6 من نظام MRC ضد هدف بحري هو خطوة كبرى في تطوير قدراتنا على تنفيذ ضربات بحرية متقدمة من البر”. وأضاف أن العملية تمت بالتنسيق مع الجيش الأسترالي، عبر مركز مشترك للقيادة والسيطرة.

ويحمل هذا العرض العسكري رسالة واضحة لبكين، خصوصًا في ظل المنافسة المتصاعدة على النفوذ البحري في المحيط الهادئ. فبفضل مدى صواريخه الذي يتجاوز 1600 كم، يمكن لنظام Typhon استهداف مواقع استراتيجية في عمق الإقليم.

التموضع في المحيط الهادئ… وإشارات من الفلبين
لم تكن هذه أول مرة يُنشر فيها Typhon في المنطقة؛ فقد تم نشره سابقًا في الفلبين خلال مناورات “سالاكنيب 24” في أبريل 2024، لكن دون تنفيذ إطلاق حي. غير أن تجربة “تاليسمان سيبر” الحالية تشكّل أول اختبار عملي لقدراته القتالية في هذا المسرح الحيوي.

خطة انتشار دائم واستجابة للأزمات
يمتلك Typhon مرونة لوجستية متميزة، إذ يمكن نقله عبر طائرات C-17 إلى مواقع نائية، ما يجعله مثاليًا لنشر سريع في حالات الطوارئ. كما تعتزم واشنطن توسيع انتشاره في منطقة المحيط الهادئ ضمن استراتيجية “الضربات الدقيقة بعيدة المدى”.

ألمانيا تدخل على خط الاهتمام
في موازاة ذلك، كشفت وزارة الدفاع الألمانية هذا الأسبوع عن تقدمها بطلب رسمي لشراء أنظمة Typhon من الولايات المتحدة، في إطار سعيها لتعزيز قدراتها الهجومية التقليدية، ردًا على التهديدات الروسية. ومن المتوقع أن يشكّل هذا النظام حلًا مؤقتًا قبل دخول منظومة ELSA الأوروبية قيد التشغيل.

نقلة نوعية في الفكر العسكري الأمريكي
هذا الاختبار يعزز توجه البنتاغون نحو امتلاك قدرات هجومية برية متطورة خارج نطاق القيود السابقة لمعاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى (INF) الملغاة. كما يمهّد الطريق لدمج أسلحة أكثر تقدمًا، مثل صواريخ “دارك إيغل” فرط الصوتية، ضمن منظومة الردع الأمريكية.