الترند ليس دائماً الصورة الكاملة: كيف نحافظ على وعينا في زمن وسائل التواصل الاجتماعي؟

الترند ليس دائماً الصورة الكاملة: كيف نحافظ على وعينا في زمن وسائل التواصل الاجتماعي؟

الدكتورة ميادة غانم – استشاري الصحة النفسية والدعم النفسي

تحولت المنصات الرقمية إلى مصدر أساسي للمعلومة، وتتحوّل “الترندات” إلى مؤشرات على ما يجب أن نراه، ونشعر به، ونفكر فيه، نجد أنفسنا أمام سؤال وجودي نفسي: هل ما نراه ونلاحقه هو ما نحتاجه فعلًا؟ أم أننا فقط انجرفنا مع الموجة؟

الترند بين الفضول والاندفاع الجماعي

كلمة “ترند” تعني ما هو شائع الآن، لكنه لا يعني بالضرورة ما هو صحيح أو نافع، أحيانًا يكون الترند أمرًا بسيطًا، كفيديو ساخر أو أغنية، وأحيانًا أخرى يكون موجة ضخمة من “الوعي الزائف” تحمل رسائل خطيرة متنكرة في ثوب الترفيه أو التنمية أو حتى العلاج النفسي.

والخطورة هنا ليست في الترند بحد ذاته، بل في الانجراف اللاواعي وراءه دون غربلة نقدية؛ فكم من “ناصح مؤثر” يحمل أفكارًا غير علمية؟ وكم من “مقاطع تحفيزية” تزرع الإحباط بدل الإلهام؟

النفس تحت ضغط المقارنة الجماعية

نحن مخلوقات اجتماعية، نميل تلقائيًا إلى المقارنة والانتماء، لكن السوشيال ميديا جعلت هذه الغريزة أداة ضغط مستمر:

* كل من حولك يسافر؟ إذًا حياتك مملة!

* الكل ناجح وسعيد؟ إذًا هناك خلل فيك!

* الجميع يطبّق “روتين الصباح الذهبي”، فلماذا أنت ما زلت تفتح عينيك بصعوبة؟

هنا تبدأ الحقيقة النفسية بالتشوّه، وتفقد اتصالك بذاتك، وتعيش تحت عباءة “ما يجب أن تكونه” بدلًا من “ما أنت عليه.

كيف تحمي وعيك النفسي من التلاعب؟

إليك بعض الأدوات النفسية الضرورية لحماية وعيك وسط الضجيج:

– لا تتفاعل فورًا: توقف، تنفس، فكر، لا تشارك، ولا تصدق ولا تتأثرقبل أن تتأمل.

– تابع مصادر متنوعة: التنوع يحميك من التحيز والانغلاق داخل فقاعة فكرية واحدة.

– مارس “الصمت الرقمي” بانتظام: انسحابك المؤقت من هذا العالم ضرورة لإعادة معايرة مشاعرك وأفكارك.

– ثقّف نفسك نفسيًا وعلميًا: كلما ازدادت معرفتك، قلت قابليتك للخداع أو التلاعب.

– لا تقارن قصتك بمنتج مُعد مسبقًا: ما يُعرض على العلن ليس الحقيقة الكاملة، بل نسخة معدّلة بإتقان.

فلا تجعل من الترند بوصلتك.