تزايد تأثير السياحة التراثية في السعودية على الثقافة

تزايد تأثير السياحة التراثية في السعودية على الثقافة

تشهد المملكة العربية السعودية طفرة غير مسبوقة في قطاع السياحة التراثية، مدفوعة بتاريخها العريق وتنوعها الثقافي الغني، حيث سجلت مناطق التراث في المملكة زيارة أكثر من 6.5 ملايين سائح خلال عام 2024، بحسب ما أعلنته وزارة الثقافة. ويعكس هذا النمو اللافت رغبة المملكة في تعزيز هويتها الوطنية وتقديم إرثها التاريخي للعالم، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

وتواصل وزارة الثقافة جهودها لتوثيق وحماية المواقع التراثية من خلال هيئة التراث، التي تمكنت خلال العام الماضي من تسجيل أكثر من 1100 موقع جديد في السجل الوطني للتراث المعماري، ليصل إجمالي المواقع المسجلة إلى 3646 موقعًا. وتغطي أعمال التوثيق مواقع بارزة في مناطق مثل جدة التاريخية، ونجران، وعسير، وتبوك، حيث يجري استخدام تقنيات حديثة مثل المسح الرقمي والطائرات بدون طيار لتعزيز دقة التوثيق وضمان استدامة الحماية.

وتعد الدرعية والعلا وجدة التاريخية من أبرز الوجهات التي استحوذت على اهتمام الزوار، سواء من داخل المملكة أو خارجها. فالدرعية، مهد الدولة السعودية الأولى والمصنفة كموقع تراث عالمي من اليونسكو، باتت مركزًا نابضًا بالفعاليات والمعارض الثقافية. أما العلا، التي تحتضن مدينة الحِجر النبطية، فقد شهدت تطورًا كبيرًا في بنيتها التحتية واستقبالها لمنتجعات فاخرة تهدف إلى تقديم تجربة سياحية متكاملة. وتحتفظ جدة التاريخية، بمبانيها المشيدة من الحجارة المرجانية وأسواقها التقليدية، بمكانتها كواحدة من أهم المراكز الثقافية والتراثية على البحر الأحمر.

وساهمت الفعاليات الثقافية والمهرجانات الموسمية في تنشيط حركة السياحة إلى هذه المواقع، حيث برز مهرجان “شتاء طنطورة” في العلا كمثال على نجاح المملكة في جذب الزوار من مختلف دول العالم من خلال عروض موسيقية، وفنون تشكيلية، وحرف يدوية تعكس عمق الثقافة السعودية. وتحرص وزارة الثقافة على استثمار هذه الفعاليات لتقديم المملكة كوجهة عالمية لمحبي الفنون والتاريخ.

وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية المملكة 2030 التي وضعت الثقافة والتراث في صلب أهدافها التنموية، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لتنويع مصادر الدخل وتعزيز الانتماء الوطني. ويعكس النمو المتزايد في أعداد الزوار مدى النجاح في تسويق المواقع التراثية وتطويرها بما يلبي تطلعات السياح ويعزز من مكانة المملكة على خارطة السياحة العالمية.

ومع تزايد الإقبال على المواقع التراثية، تؤكد السعودية أنها ماضية في مسارها نحو بناء قطاع تراثي مزدهر ومستدام، يجمع بين المحافظة على الأصالة والانفتاح على العالم، ويمنح الأجيال القادمة نافذة واسعة على تاريخ المملكة وموروثها الإنساني والثقافي.