السوق السعودي في قطاع البناء والتشييد: تسارع في النمو وآفاق مستقبلية مشرقة

السوق السعودي في قطاع البناء والتشييد: تسارع في النمو وآفاق مستقبلية مشرقة

يشهد سوق البناء والتشييد في المملكة العربية السعودية مرحلة تحول جذري، مدفوعًا برؤية المملكة 2030 التي تستهدف تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.

وقد بلغ حجم السوق 97.8 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 135.6 مليار دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يُقدّر بنحو 3.7%. ويشمل هذا السوق الواسع مجالات عدة، من البنية التحتية السكنية والتجارية والصناعية إلى المشاريع الكبرى للمدن الذكية والنقل والمرافق العامة.

مشروعات كبرى تعيد رسم الخريطة العمرانية

من أبرز سمات المشهد العمراني السعودي الحالي، الطفرة غير المسبوقة في “المشروعات العملاقة” مثل مشروع نيوم بأجزائه المتعددة (ذا لاين، أوكساچون، تروجينا، سندالة)، ومشروع البحر الأحمر، ومدينة القدية الترفيهية، ومطار الملك سلمان الدولي. لا تمثل هذه المشاريع مجرد مواقع للبناء، بل تشكل محركات لتغيير اقتصادي شامل، تستثمر في الاستدامة والتكنولوجيا والابتكار العمراني.

الاستدامة والتقنيات الحديثة تدخل قلب عمليات البناء

تعتمد السعودية نهجًا واضحًا نحو البناء المستدام، من خلال استخدام المواد الصديقة للبيئة، والتصاميم الموفرة للطاقة، والاعتماد على الطاقة المتجددة. ويتعزز هذا التوجه ضمن مبادرات كبرى مثل “السعودية الخضراء”. كما تشهد السوق تبنيًا متسارعًا للتقنيات الرقمية مثل نمذجة معلومات البناء (BIM)، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والطائرات المسيرة، والروبوتات، إلى جانب التوسع في البناء المعياري والمسبق الصنع، لرفع كفاءة التنفيذ وجودة المنتج النهائي.

تحول حضري متسارع ومدن ذكية على الخارطة

مع النمو السكاني المتواصل، تتسارع وتيرة التحول الحضري في المملكة، حيث يجري تطوير مدن جديدة ذكية تعتمد على بنية تحتية رقمية متكاملة، وتصاميم مرنة ومستدامة، توفر بيئات معيشية متقدمة. وتُعد مدينة الرياض نموذجًا رائدًا، تسعى لتكون ضمن أفضل عشر اقتصادات مدن في العالم.

قوة عاملة سعودية في طور التمكين

رغم اعتماد قطاع التشييد على شريحة كبيرة من العمالة الوافدة، تتجه المملكة بشكل متزايد إلى “سعودة” القطاع، من خلال برامج تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية، لسد فجوة الطلب المتنامي على المهارات المتخصصة في الإدارة، والهندسة، والتقنيات الحديثة.

شراكات بين القطاعين العام والخاص لتعزيز النمو

تعتمد الحكومة السعودية على نماذج الشراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع كبرى، ما يُسهم في تقاسم المخاطر، والاستفادة من كفاءة وابتكار القطاع الخاص. كما تم تبسيط الإجراءات النظامية وتسهيل بيئة الأعمال، لجذب المستثمرين المحليين والدوليين.

القطاعات الأسرع نموًا داخل سوق التشييد

يشهد القطاع السكني طلبًا مرتفعًا مدفوعًا بالنمو السكاني وبرامج دعم التملك. أما البنية التحتية، فهي القطاع الأكثر ديناميكية، وتشمل تطوير الطرق والمطارات ومحطات المترو، إضافة إلى مشاريع الطاقة والمياه. كذلك، تزدهر قطاعات البناء التجاري والفندقي والصناعي، بدعم من استثمارات في مناطق اقتصادية وسياحية جديدة.

فرص مستقبلية واسعة في الأفق

توفر السوق السعودية فرصًا ضخمة أمام الشركات المتخصصة، من بينها: الحلول المستدامة للبناء الأخضر، تقنيات التشييد الرقمي، حلول المدن الذكية، أساليب البناء السريع المسبق الصنع، وخدمات الصيانة الذكية. كما تنمو الحاجة إلى خدمات التدريب والتأهيل المهني، وخدمات إدارة الأصول والصيانة التنبؤية.

توزيع المشاريع حسب المناطق

تُعد الرياض المركز الأول من حيث النشاط العمراني، مع مشروعات كبرى تشمل المترو، والحدائق العملاقة، والمناطق التجارية الجديدة. في حين تشهد المنطقة الغربية (جدة، مكة، المدينة، البحر الأحمر، نيوم) موجة مشاريع سياحية وسكنية متطورة. أما المنطقة الشرقية فتحتفظ بثقلها الصناعي، مع توسع في المشروعات السكنية واللوجستية. وتسجل المناطق الشمالية والجنوبية أيضًا نموا متزايدًا في مشاريع الإسكان والخدمات العامة.