تصميم الأوامر: مهارة التواصل مع عقل بدون عواطف

ريم المطيري
في كل عصور الاتصال، كانت القاعدة الذهبية واضحة: “فهمك للمتلقي هو نصف التأثير”.
لكن اليوم، تغيّر شكل المتلقي.
لم يعد بشرًا ينتظر نظرتك أو يتأثر بنبرتك، بل نموذجًا لغويًا باردًا، لا يبتسم، ولا يعبس…
يعطيك ما تطلبه، حرفيًا.
هنا، تولد مهارة جديدة…
ليست برمجية، ولا تقنية بحتة، بل مهارة اتصالية حديثة تُسمى:
هندسة الأوامر | Prompt Engineering
وهي ببساطة:
“كيف تكتب للآلة بأسلوب يجعلها تفهمك… وتُعجبك.”
نعم، في زمن الذكاء الاصطناعي، أصبح الإنسان هو من يحتاج أن يُتقن صياغة سؤاله، لا أن ينتظر إجابة نموذجية من مجرد ضغطة زر.
في دورات الاتصال التقليدية، نعلّم المهنيين كيف يصيغون الرسائل للعامة، للإعلام، للمسؤول، للجمهور المختلف.
اليوم… نُضيف جمهورًا جديدًا: الآلة.
الآلة لا تتعامل مع النوايا.
لا تفهم “بين السطور”.
ولا تكمل عنك ما لم تقله.
هي أداة، لكنها أداة ذكية جدًا، وتعكس مستوى وضوحك وفكرك.
فمن يكتب لها أمرًا مبهمًا… سيحصل على مخرجات ضبابية، مهما بلغ تطور التقنية.
مَن يُجيد هندسة الأوامر، لا يُتقن فقط التعامل مع الذكاء الاصطناعي…
بل يتقن التفكير التحليلي، ويعرف كيف “يُفكك” فكرته، و”يبني” طلبه، تمامًا كما يفعل الخطيب حين يراعي جمهوره، أو الكاتب حين يحرر مقاله لعيون القارئ.
هندسة الأوامر ليست تقنية، بل خطاب من نوع جديد.
تقول فيه للآلة:
•هذا دوري
•وهذه مهمتي
•وهذا السياق
•وهذه النبرة
•وهذه المخرجات التي أريدها منك…
وتنتظر منها نتيجة لا تُبهر فقط، بل تُستخدم فعليًا.
في عالم يتطور بسرعة، لم تعد المنافسة بين “من يكتب” و”من لا يكتب”،
بل بين:
من يُجيد الحديث مع الإنسان، ومن يُجيد الحديث مع الآلة.
والمحترف، هو من يتقن الاثنين.
تعلم كيف تصوغ أفكارك بلغة الآلة، بنفس الرقي والذكاء الذي تتحدث به مع البشر.
لأن الغد… سيطلب منك أن تكون متحدثًا رسميًا، حتى مع من لا يملك لسانًا.